صباح طنجه 2

.
قطعاً لم يكن قلبي قاصد الزهد في حق طنجه
وأنا اراقب ساعتي إنتظارا لوقوف عقاربها
على رقم المغادره ظهرا
.
.

ولم يكن عنفوان شوقي في حال الغائب
وأنا اتجول بين شوارعها على عجل
.
.

لا لا

لم يحدث من هذا شي
.

. بالطبع لم يحدث
وأنا من حسم أمره على العوده في أقرب فرصه
خصيصاً لزيارة طنجه وحدها ..



زياره عن ظهر قلب ..من المطار للمطار
.
.
والشاهد على هذا أجندتي التي دوّنت فيها
مغارة هرقل
وسور المعكازين (الكسالى )
ومقهى الحافه الواقع على منحدر صخري
والمعتق برائحة الشاي المغربي
..
والكثير الكثير من أمواج الجمال التي تحتاج لاكثر من مجرد
يوم أو يومين للغوص في أعماقها والتخضب بعبقها الآسن
الذي لايزول
.
.
بصراحه ....كنت قد عزمت على المبيت في تطوان
لمقابلة صديق سبق أن وعدته بالمجئ عصر الاحد
.
.
آخذت من طنجه رؤؤس أقلام وخطوط عريضه
دونتها في جدولي القادم ..

ووعدت بقايا ابن بطوطه بمعانقة آثاره في المكان من جديد
.
.
..
حُسِمَ الأمر

ودفعت ثمن طعامي في مطعم شعبي صغير
ووقفت على ناصية الشارع
لأول طاكسي للعوده للفندق لحزم أمتعتي
والتوجه عبر الباص أو التاكسي الى تطوان
حيث الصديق الذي آثرني على أهله
وفضل البقاء في تطوان ايام ثلاثه
هي ماتبقى من أجازته
بعد أن وعدته بالمجئ
.
.
.
خرجت من الفندق كما يفعل السارق
..
معطفي تحت إبطي الشمال
والشنطه بيدي اليمين
.
ونظراتي كما لو أنها تفارق حبيب
.
.
أوجعني سائق التاكسي وهو يقول لي بفضول وجرأه
..
أكيد قضيت وقت مزيان في طنجه
.
.
تنجه(طنجه) مزيان وكل السياح يقولوا
عنها مزيان
.
.
هو لايعلم أن كلامه ..كالملح على جروح
من وقع اسيرا في حب ..مدينه اسمها
طنجه
.
.
.

مدينه
غادرتها وانا مشفق على نفسي من فراق
أحسست به في قلبي كما لو أنها بشر أحببته
.
.

الوقت يمضي
وكل شي يحدث كماهو مرتب له ومتوقع
..
طاكسي أزرق
وأربعه ركاب
وأنا كالعاده من تكفل باجرة الخامس الغائب
.
.
.
سيده عجوز وابنتها وشاب أظنه اطرم
.
.
وفي الطريق
غابت الشمس ...عن آخر معاقلها
وتذكرت بيتاً من الشعر كتبته ذات عشق
..

يذكرني وشاح الليل والعتمه وموت النور = في ساعة رحيل الشمس عن آخر معاقلها
بقايا ضحكتي والعام وألماسه على بللور= لها في قلبي التذكـــــار من خلّت منازلها
بقايا لو بقيت أذوب من حزني عليها جور = يجلبها نسيــم الليـــل واسقط في حبايلها
.
.
.
فعلا ً ...
رحيل الشمس ...مسمار آخر في نعش العمر
.
.
.
.
غابت الشمس ..والطريق أوشك على النهايه
..
وهاهي تطوان ساحره أخرى في بلاد المغرب
.
.
ما أجمل أن تقسم أيام عمرك بين الاثنتين
تطوان وطنجه
.
.
عفويه أنتي ياتطوان حتى في مقابلة ضيوفك
..
وجميل هو الطابع المميز لك ولأهلك الحقيقيين
.
.
فندق أميمه في قلب السوق المركزي
فندق نظيف وتقليدي واسعاره جدا مناسبه
...
200 درهم مقابل الليله
أسفله ممقهى يقدم وجبات خفيفه وشاشة عرض تلفزيوني
كبيره مجانيه يسمح للجميع بمشاهدتها
..
تتناثر حوله مطاعم ومقاهي واسواق وشوارع لاتجدها الا في تطوان
.
.
بجواره بالضبط دار سينما ضخمه
.
.
اتصل بي صاحبي ....وحددت له العنوان
فحضر في الموعد
.
.
ياااااه هذا أنت أنت و كماتوقعت ياصاحبي

هكذا قال....
وأنا أهبّ لمصافحته في بهو الفندق الصغير
.
.
تناولنا شاي في مقهى مجاور ...مقابل سايبر للنت
.
.
وتبادلنا الاحاديث وحكيت له نشرة الايام التي سبقت
اللقاء منذ أن وصلت حتى ولجت أعماق جمال تطوان
.
.
.
تناولنا العشاء في مطعم شعبي بالقرب من الكنسيه التي
تقع في قلب السوق ..
ووالله أنني لم ألتفت لإسمه
.
.
كان الجو جميل وبارد نوعا ما ...في تطوان
والناس تملأ الشارع صخب وروحه وجيه
.
.
تشعر كما لو أنك في أحد الأحياء الاوروبيه
لطبيعة المدينه الساحره وجوها والنظام الذي يميز شوارعها
وحركة المرور
.
.
وبمناسبة حركة المرور ..
الى الان لم أشاهد حادث مروري في بلد اسمه المغرب
والحمد لله
.
.
بعد أن أخذنا نصيبنا من أنفاس شوارع تطوان
...
ودعت صاحبي على موعد اللقاء في الصباح الباكر
ولم نتفارق الا امام الفندق
.
.
ظهرت الى الدور الذي اسكنه (الثاني)
غرفه رقم 223
فتحت التلفاز ...وشاهدت الاخبار الرياضيه
ومن ثم أغلقت الستاره والانوار
وخلدت للنوم ....وأنا أقرا المعوذات
.
.
إنتهى
.
.
يتبع