مكارم الأخلاق في ضوء الكتاب والسنة
وقيمتها عند العرب في كل زمان
.
الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
تعريف الأخلاق:
الأخلاق جمع خُلُق - بضم اللام وسكونها -:
الدين والطبع والسجية،
وحقيقته - كما يقول ابن منظور -:
"أنه صورة الإنسان الباطنة، وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها، بمنزلة الخَلقِ لصورته الظاهرة".
ويقول الغزالي:
"الخلقُ عبارة عن هيئةٍ في النَّفس راسخة، عنها تصدر الأفعالُ بسهولة ويسر، من غير حاجة إلى فكر ورويَّة".
ومن هنا نعلمُ أنَّ الإنسان إنما يمدح على
الأخلاقِ النابعة من نفسٍ طيبة، وإرادة خالصة،
أمَّا الأفعال التي تصدر عن تكلفٍ، فلا خير فيها.
قال بعض العلماء:
"ما أسر عبدٌ سريرةَ خيرٍ، إلا ألبسه الله رداءها، ولا أسرَّ سريرةَ شرٍّ قط، إلا ألبسه الله رداءها".
ويقول الشاعر العرجي:
ياأيها المتحلي غير شيمته . . .ومن خلائقه الإقصار والملق
أرجع إلى الحق أما كنت فاعله . . .إن التخلق يأتي دونه الخلق
ويقول آخر:
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ
وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
ومهما تكن عند إمريء خليقة . . .وإن خالها تخفي على الناس تعلم
ولذا فإنَّ من تكلف خلقًا، وتصنع للآخرين، سرعان ما يعودُ إلى سابقِ خلقه وطبيعته،
كما يقول المتنبي:
وأسرع مفعولآ فعلت تغيرآ. . .تكلف شيء في طباعك ضده
وَأَسْرَعُ مَفْعُولٍ فَعَلْتَ تَغَيُّرًا
تَكَلُّفُ شَيْءٍ فِي طِبَاعِكَ ضِدُّهُ
وتعرف الأخلاق أنها الدستورُ الذي ينطوي على قواعدِ السلوك الذي يستندُ في تقييمه إلى الخير والشر.
فالحكم الأخلاقي هو
حكم على سلوكِ الفرد والجماعة،
والحكم هنا يستندُ على قيمتين؛ هما:
الجمال والقبح،
وهما مرهونان بالمصدرِ الذي يحكم عليهما،
وفي الإسلام
"الجميلُ ما جمَّله الشرع، والقبيحُ ما لا يرضاه ولا يقرُّه الشرع".