أولا : العلاقات بين الأباء و أبنائهم
هي علاقة مبنية على أساسين : الحب و العدل
الحب نتصوره كلمة طيبة تُقال أو هديه تُقدم ....
إن مفهوم الحب السائد و الشائع بيننا أنه مبني على الأخذ لأن تربيتنا قامت على هذا
و لكن الحب بمعناه الحقيقي كما يريده الله عز و جل أساسه العطاء
فمن منا يدعي أنه يحب زوجته أو تحب زوجها أو يحب أبنائه فالينتبه و ليعرف أن الحب مبني على العطاء و ليس الأخذ
يقول الله تعالى : ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً و لا شكورا)
إذا فإن معيار الحب هو العطاء و ليس الأخذ .
لقد سادت منذ قرون في الثقافة الإسلامية فكرة المطالبة بالحقوق , فالمرأة تبحث عن حقوقها عند زوجها و الرجل يبحث عن حقوقه عند زوجته و الأب يبحث عن حقوقه عند أبنائه و الأبناء يبحثون عن حقوقهم عند آبائهم ...
المؤسف هو أن الإسلام لم يقم على الحقوق لوحدها و إنما في كثير من الأحيان - إن لم تكن كلها - الحقوق طريقها الواجبات ... فإذا كنت أن تحصل على حقك فيجب عليك أن تؤدي واجبك في البداية ... يقول صلى الله عليه و سلم في الحديث القدسي ( لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت يده التي يبطش بها و سمعه ....الحديث )
الله سبحانه و تعالى غني عنا و مع ذلك فإنه إذا قمت بأداء النوافل بعد الفرآئض فإنه يحبك
فإذا كانت تود المرأة أن يحبها زوجها فيجب عليها أن تؤدي واجباتها
دائما ما تسمع بعض النساء تقول زوجي لا يحبني لأنه لا يشتري لي الشيء الفلاني أو يذهب بي للمكان الفلاني .... إذا طالعناها جيدا سنجد كلها قائمة على المطالبات بالحقوق و لكن أين الواجبات ؟؟؟ و العكس قد يكون عند الزوج
بعض الأزواج قد لا يستطيعون أن يقولو كلمة طيبة لأنهم لا يعرفون أن هذا من حقها و أنه واجب عليك في الأساس .
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : ما عاب رسول الله صلى الله عليه و سلم طعاما قط إن أعجبه أكله و إن لم يعجبه تركه .
و يقول بلال رضي الله علنه : ما ضرب رسول الله بيده قط لا امرأة و لا خادما .
الضرب :
قد يقول البعض وما البديل ؟
يجب علينا في البداية أن نزيد من مساحة فهمنا و ذلك بقرائة الكتب و حضور الدورات و سماع الأشرطة في هذا المجال و يجب أن ننمي ثقافتنا التربوية فربما تتحسن علاقاتنا مع أبنائنا و زوجاتنا و نستطيع أن نربي بدون اللجوء للضرب.
الضرب بكل أسف منتشر في بيوت لا يمكن أن يتخيلها أحد ...
إذا لماذا نعيد تربية أبائنا بالضرب التي هي في الأساس غير ناجحة ... كما رُبينا نُربي و هذه الكارثة
أما من يستند على قوله صلى الله عليه و سلم ( مرو أولادكم للصلاة لسبع و اضربوهم عليها لعشر ) فهذا أمر يحتاج إلى تفصيل .
1- من أجل أن آمر أولادي بالصلاة يجب أن أكون مصليا .
2- ينبغي أن أكافيء على كل صلاة .
و يقول أنس رضي الله عنه : خدمت رسول الله صلى الله عليه و سلم تسع سنين ما قال لي قط عن فعل فعلته لمَ علته و لا عن فعل قط تركته لمَ تركته .
ألاف لماذا فعلت و لماذا لم تفعل تجري على ألسنتنا ....
اذا رسول الله عليه الصلاة و السلام لا يعيب الطعام و لا يضرب بيده و لا يعاتب الناس
أنس رضي الله عنه عندما أرسله الرسول عليه الصلاة و السلام لحاجة معينه و هو طفل صغير جلس يلعب مع الصبية فجاء إليه الرسول صلى الله عليه و سلم و قال له : " يا أنيس أذهبت حيث أمرتك" قال : أنا أذهب إن شاء الله يا رسول الله
لو كنا مكانه ماذا سنقول : " انته جالس تلعب و أنا أرسلتك علشان تجيب الحاجة الفلانية !! ..
الله لا يبارك في شيطانك أو الله لا يبارك فيك" .. هذا إذا لم يضربه أو هزئه أو عاقبه في البيت و أكثر ...
أنس رضي الله عنه كان صادقا لأنه اطمأن من العقاب و لكن نجد الكثير من الآباء يشتكون بأن أبنائهم يكذبون لأنهم يخافون من العقاب
لذا فإننا إذا أردنا أن ننبه أولدنا ينبغي علينا أن عرف أن الهدف من ورائه هو أن يقبلوا ما أقول .
ليست الشطارة هي أن أقول أنا مجرد كلام , بل كيف أجعل أولادي يقبلوا هذا , كيف أجعل زوجتي تقبل هذا .
يقول الله تعالى : ( فَبِمَا رَحۡمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمۡ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الۡقَلۡبِ لاَنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَ)
هذه الآية فيها إشارة في غاية الروعة , إن الإسلام – للتشبيه فقط – هذه مادته , مرة يقدم بالرحمة و اللين و مرة ثانية فضاضة وغلظة قلب . فيوم قُدم الإسلام بالرحمة و اللين قُبل . حسنا و لو كان قُدم بالفضاضة و الغلظة كان قد رُفض .
هو هو الإسلام , كذالك نصحك و إرشادك لأبنائك إذا قدم باللين يُقبل و إذا قًدم بالفضاضة يُرفض ( هذا لا يعني أنني لا أعاقب )
من قال أن العقاب يجب أن يكون بصورة واحدة ألا و هو " الجلد" ... أبو مسعود رضي الله عنه يقول : كنت أضرب غلاما لي بسوط فسمعت صوتا لم أتبينه من شدة غضبي فالتفت فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :" إعلم أبا مسعود أن الله أقدر منك على هذا الغلام " يقول فسقط السوط من يدي و قلت للغلام : إذهب فأنت حر لوجه الله , قال " أما أنك لو لم تقلها للفحتك النار" .
انتبهوا : إذا لم تكن صديقا لولدك فسيبحث أن أصدقاء و إذا لم تحتمل أخطاء و لدك فسيبحث عن غيرك .
يا ترى لماذا الأولاد في المراهقة يبحثوا عن أصدقاء آخرين و لا يُطيقوا آبائهم ...
هم بطبيعتهم في هذه المرحلة سيبحثون عن أصدقاء و لكن عندما يخطؤون و نأتي لنعاتبهم بالخطأ رقم 112 فإننا نعاتبهم أيضا على الخطء رقم 111 و 110 و 109 و 108 ... إلى رقم 1... فيبدأ المراهق في الملل في الجلسة مع الأب و يبدأ بالبعد ثم البعد قم البعد فيؤدي بأصحابهم لأن يملؤوا هذا الفراغ بينك و بينه و أنت و حظك قد يكون رفيق صالح أو رفيق سوء .
في هذا العصر عصر الاتصالات لم يتبقى إلا حاجز التقوى هو الذي نستطيع أن نربيه في أبنائنا حتى يجتنبوا رفقاء السوء .
يقول صلى الله عليه و سلم : ( لا تصاحب إلا مؤمنا و لا يأكل طعامك إلا تقي )
من هو الصاحب ؟
الصاحب هو من يحفظ أسراري و هو من ينبهني لأخطائي و همن يدور وراء مصلحتك و يفكر في دنياك كما يفكر في آخرتك , الصاحب أيها الزوج هو من يدفعك لترى إيجابيات زوجتك و ليس من يكبر أخطائها , الصاحب هو من يدلك على الخير , فالمؤمن مرآة أخيه .
من المؤسف أننا الآن نرى أن الصاحب يجب أن يجامل صاحبه و يسكت عن أخطائه و لكن يجب أن يكون التنبيه بحكمه .
البعض يعتقد أنه صريح و أنه يجب أن يقول للمخطيء " أنت مخطيء" في وجهه .... ليس المهم ما نقول فقط و إنما أن نعرف كيف نقول و كيف نوصل الرسالة باللين و الرحمة ...
و لا يأكل طعامك إلا تقي : أي لا تدخل أحد بيتك إلا من يخشى الله لأن من لا يخشى الله لا يحفظ سرك و ينشر عيوبك .