و قد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أربعة أنواع من شراب أهل النار :
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


الأول: الحميم، قال تعالى: ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ){محمد:15}. والحميم:هو الماء الحار المغلي بنار جهنم, يُذاب بهذا الحميم ما في بطونهم, وتسيل به أمعاؤهم, وتتناثر جلودهم, كما في قوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّــارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِــهِمُ الحَمِـيـمُ *يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ*وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيد* كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ ){الحج:19-22}.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الثاني: الغسَّـاق، قال تعالى: (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) {ص:57} قال ابن عباس ٍ:الغسَّاق ما يسيل من بين جلد الكافــر ولحمه. وقال: الزمهرير البــارد الذي يحرق الجلد. وقال مجاهد : غساق، لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده. تفسير الطبري

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الثالث: الصديد، قال تعالى: (مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَــوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِــن وَرَائِه عَـذَابٌ غَلِيـــظٌ) {إبراهيم:16-17} أي: يسقى من مــــاءٍ صـديد شديد النتانة والكثافة فيتجرعه ولا يكاد يبتلعه من شدة نتانته وكثافته.وقال مجاهد: (ماء صديد) يعني: القيح والدم.
وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ - وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ - فَسَأَلَ النَّبِىَّ صلى الله عليه و سلم عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه و سلم : « أَوَمُسْكِرٌ هُوَ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ « عَرَقُ أَهْلِ النَّار أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ » رواه مسلم.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الرابع:الماء الذي كالمهل، قال تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَـــاءَتْ مُرْتَفَقاً) {الكهف:29}

وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} (45) سورة الدخان ، قَالَ : كَعَكَرِ الزَّيْتِ ، فَإِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ ، وَلَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غِسْلِينَ يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا لأَنْتَنَ بِأَهْلِ الدُّنْيَا " روه الحاكم في المستدرك وهو حديث حسن.

و قال تعالى :{ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) [إبراهيم/15-17]
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ ، قَالَ : يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فَيَتَكَرَّهُهُ ، فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ ، وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ ، فَإِذَا شَرِبَ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ ، يَقُولُ اللَّهُ : وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ، وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ" رواه الحاكم في المستدرك وهو حديث حسن.

قال تعالى : { هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) }سورة ص 58/55


و أما طعام أهل النار فهذه بعض أوصافه :

قال تعالى: (مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ){البقرة:174} وقال تعالى: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ* لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ){الغاشية:6-7}.والضريع:نوعٌ من الشوك لا تأكله الدوابُّ لخبثه.
وقال تعالى : ( فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ * لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخَاطِئُونَ) {الحاقة:35-37} قال ابن عباس: الغسلين:الدم والماء والصديد الذي يسيل من لحومهم.
وقال تعالى: ( إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً* وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً ) {المزمل:12-13} ومعنى (طعاماً ذا غصة) قال ابن عباس:شوكٌ يأخذ بالحلق,لا يدخل ولا يخرج.
وقال تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَـــا الضَّـــالُّونَ المُكَذِّبُون َ* لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ) {الواقعة:51-52}.
وقد وصف الله تعالى شجرة الزقوم في قوله : ( إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الجَحِيمِ* طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ* فَإِنَّهُمْ لآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا البُطُونَ) {الصافات:64-66}.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم، قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (102) سورة آل عمران ،قال: 'وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي الأَرْضِ لأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَائِشَهُمْ ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامُهُ ؟ " أخرجه الحاكم في المستدرك وهو حديث صحيح.




نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


لباس أهل النار :

قال ربنا جل في علاه: (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الحَمِيمُ) {الحج:19}

وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ « مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى حُجْزَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ » رواه مسلم في صحيحه
وقد وصف الله تعالى سرابيل أهل النار في قوله تعالى : ( وَتَرَى المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وَجُوهَهُمُ النَّارُ){ابراهيم:49-50}.
قال ابن عباس - في قوله تعالى (قطران) - : هو النحاس المذاب. وقال الحسن : قطران الإبل، يعنى : ما يُطلى به الجمل الأجرب, فيكون المعنى - على ذلك - أنَّ قمصانهم (ملابسهم) من قطران تُطلى به جلــودهم حتى يعود هذا الطلاء كالسرابيل.
وخُصَّ القطران لسرعة اشتعال النار فيه، مع نتن رائحته ووحشة لونه, (تفسير -فتح القدير- للشوكاني)
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
أما فراش أهل النار و غطاؤهم فقد قال فيه ربنا تبارك و تعالى : (لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) {الأعراف:41} ومقصود الآية:أنهم يفترشون النار، ويلتحفون بألحفةٍ من النار،والعياذ بالله.

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه سُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم « يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ ». رواه مسلم في صحيحه

وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68) }[الأحزاب/64-68]

و كما أنَّ رضوان الله تعالى على أهل الجنة وتجلِّيه لهم أعظم من كلِّ نعيم الجنة, فإنَّ أعظم عذاب أهل النار هو حجابهم عن الله عزَّ وجلَّ وإبعادهم عنه,وإعراضه عنهم, وسخطه عليهم, قال تعالى: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ* كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ* ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الجَحِيمِ* ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ) {المطففين:14-17}.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي





هذا ما تيسر ذكره وأعان الله عليه و أسأل الله لنا جميعا التوفيق و السداد و الهداية إلى طريق الرشاد.

اللهم نجنا من النار
اللهم نجنا من النار
اللهم نجنا من النار
بفضلك وبرحمتك يا عزيز يا غفار


و الحمد لله رب العالمين

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي