وأخرج أبو داود وابن ماجه عن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري ، واسمه إياس رضي الله عنه قال { : ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تسمعون ، ألا تسمعون ، إن البذاذة من الإيمان ، إن البذاذة من الإيمان ، إن البذاذة من الإيمان } يعني التقحل . قال الحافظ المنذري : البذاذة - بفتح الباء الموحدة وذالين معجمتين - هو التواضع في اللباس برثاثة الهيئة وترك الزينة والرضا بالدون من الثياب . ورواه الإمام أحمد ولفظه { إن البذاذة من الإيمان } يعني التقحل ، وفي لفظ عند ابن ماجه : يعني التقشف . قال الإمام أحمد : البذاذة التواضع في اللباس . وفي الصحاح بذ الهيئة ، أي رثها ، بين البذاذة والبذوذة ، وفي جمهرة ابن دريد : بذت هيئته بذاذة وبذوذة إذا رثت ، وفي الحديث { البذاذة من الإيمان } ترك الزينة والتصنع . وروى البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا { إن الله عز وجل يحب المبتذل الذي لا يبالي ما لبس } . وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بردة قال { : دخلت على عائشة رضي الله عنها فأخرجت إلينا كساء ملبدا من التي يسمونها الملبدة وإزارا غليظا مما يصنع باليمن ، وأقسمت بالله لقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبين } . قال الحافظ المنذري : الملبد المرقع ، وقيل غير ذلك . وروى أبو داود والبيهقي كلاهما من رواية إسماعيل بن عياش عن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه قال { : استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين ، فلقد رأيتني ، وأنا أكسى أصحابي } . قال الحافظ المنذري : الخيشة - بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة تحت بعدهما شين معجمة - هو ثوب يتخذ من مشاقة الكتان يغزل غزلا غليظا وينسج نسجا رقيقا ، وقوله : " وأنا أكسى أصحابي " يعني أعظمهم وأعلاهم كسوة . وروى البيهقي عن عمر رضي الله عنه قال : { نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير مقبلا عليه إهاب كبش قد تمنطق به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انظروا إلى هذا الذي نور الله قلبه لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب ولقد رأيت عليه حلة شراها أو شريت بمائتي درهم فدعاه حب الله وحب رسوله إلى ما ترون } . الإهاب - بكسر الهمزة - هو الجلد ، وقيل : ما لم يدبغ . وفي موطأ مالك عن أنس قال : رأيت عمر رضي الله عنه وهو يومئذ أمير المؤمنين وقد رقع بين كتفيه برقاع ثلاث لبد بعضها على بعض . وروى الترمذي وحسنه عن أنس أيضا رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك } .
_____________________
غذاء الألباب في شرح منظومة الأداب / السفاريني




بارك الله فيك وحفظك ورعاك أبوفهد
رد مع اقتباس








