( 2 )


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



رغم حالة الفقر الشديدة التي كانت تعيشها القرية والقرى المحيطة بها إلا أن حال والدي كان ميسوراً مقارنة بغيره فقد كان يعمل سبعة أيامٍ في الأسبوع في شراء وبيع الأغنام حيث كان يبدأ يومه بعد صلاة الفجر مباشرة وأحيانا قبل الصلاة في تحميل أغنامه في سيارته ـ كانت هايلوكس غمارة دائماً ـ وقصد الأسواق الشعبية المشهورة في المنطقة على مدار الأسبوع فقد كان يقصد سوق " الربوع " أو " أمصميل " في أبو عريش كل أربعاء , ويقصد سوق العارضة كل خميس , وسوق المشوّف كل جمعة وسوق بيش كل سبت , وسوق أحد المسارحة كل أحد , وسوق صامطة كل اثنين , وسوق صبيا كل ثلاثاء , ونادراَ ما كنت أراه يجلس للراحة في الفترة بين صلاة الفجر وصلاة الظهر .
لا أريد أن أتجاوز المراحل لكن قد تكون بعض القفزات بين مرحلة وأخرى ضرورية ....
أذكر في طفولتي خلال الخمس سنوات الأولى من حياتي طيف جدّي ( والد أمي ) ـ رحمه الله ـ الذي كان يزورنا كثيراَ رغم بُعد المكان الذي يسكنه ( قرية من قرى الخشل شرق جازان ) حيث كان يأتينا على حماره ـ حمول بين الحمار والحصان ـ محملا بالحلويات والعصائر المتنوعة ويبقى لأيام وليالي بيننا يسعدنا فيه بلعبه معنا وظرف حديثه وحكاياته ثم يغيب لأيام وأسابيع طويلة ثم يعود من جديد وغالب زياراته يكون وصوله فيها في الليل ..
صورة وجهه غائبة بالكامل عن ذاكرتي ـ تقول والدتي أنني أشبهه كثيرا في الشكل ـ لكن اللحظات التي أسعدنا فيها أنا وإخوتي باقية ما بقيت حياً .