( 3 )


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



قبل سن الخامسة لا أذكر أحداثاً كثيرةً لكنني أستطيع نقل ما عرفته عن حياتي في تلك الفترة من خلال كلام والدتي ـ حفظها الله ـ وكانت أقرب لي من والدي , وما تسعفني به ذاكرتي في تلك السن الصغيرة :
تقول الوالدة أنني كنت في السنة الأولى من حياتي أموت كل يوم مع غروب الشمس ـ هكذا كانت تنطقها ـ ويبدو والله أعلم أنه كان يُغمى عليّ مع غروب الشمس لسببٍ لم أتوصّل له حتى هذه اللحظة ويتم إفاقتي برش الماء ودهن الجسم بالزيوت ومجموعة من الطرق الشعبية المستعملة في ذلك الوقت .
تقول أمي أن هذه الحالة استمرت كثيراً وكانت تضع يدها على قلبها كل ليلة خوفا من فقدان بكرها للأبد لكن الله سلم وهأنذا أحكي وأتنفس ـ ولله الحمد من قبل ومن بعد ـ .
منتصف السنة الثانية من عمري بدأ وضعي الصحي بالتحسُّن ـ حسب قولها ـ وأكملت حياتي حتى الآن ولله الحمد صحيحاً معافا وهذه نعمة أحمد ربي عليها دائماً وأسأله دوامها ما دمت حيّاً .
نسيت أن أقول أن ولادتي كانت في البيت على يد داية القرية ( أم محمد ) ـ رحمها الله ـ التي قامت تقريباً بدور طبيبة الولادة لعقود طويلة في القرية وكان مكان ولادتي بيتنا الذي كان عبارة عن بيت واحد فقط وهو بيت جازان الشعبي المعروف الخاص بنا وكان جدار حوشنا الكبير عبارة عن ( زرب ) وهو عبارة عن شوك من شجر السلام لا يحجب شيئا خلفه وعلى حد علمي يوضع لمنع الحيوانات من الدخول فقط , حيث كانت الفواصل بين البيوت في تلك الفترة غير موجودة .
أما دورة المياه فلم تكن موجودة مطلقا في فترة ما حيث يلجأ الرجال لفضاءٍ جنوب القرية ويلجأ النساء لفضاءٍ آخر شمال القرية والأطفال دون الخمس سنوات تعتبر زوايا الحوش دورات مياه بالنسبة لهم وهم غالبا يمشون بدون سراويل مطلقاَ حتى لا يوسخونها .
ويتم توليد كل سيدات القرية واقفات متعلقات بالسقاطي ( ثلاجة ذاك الوقت حيث يستخدم لحفظ الفواكه والخضروات واللحوم ) وأنا شاهد عيان على هذا الكلام في ولادة إخواني بعدي
ولا أعرف سر الولادة وقوفاً حتى الآن .
وكل سكان القرية يعملون في تربية وبيع المواشي فقط ولا غير .