( 4 )
سأقفز مباشرة للسنة السادسة من حياتي .... لأنني لا أتذكر كل شيء قبل هذا التاريخ .
عرفت أن والدي ينوي دخولي المدرسة وكانت بالنسبة لي " مجهولاَ " وفي نفس الوقت حدثاً عادياً لم أكن سعيداً به ولا خائفاً أو وجلاً منه ..
أعتقد أن أول ما أذكره في حياتي ـ يعني بدأت الذاكرة تعمل لدي بشكل كامل بداية من هذا الحدث ـ هو اليوم الذي اصطحبني فيه والدي لالتقاط صور شمسية للتسجيل في المدرسة , أذكر أنه أخذني معه في سيارته ( هايلكس غمارة بدون مكيف ) وكان من القلائل الذين يملكون سيارة خاصة في القرية , أخذني لمدينة أبوعريش وكانت تلك من المرات القلائل التي أزور فيها المدينة معه , وقصدنا محل التصوير الوحيد في المدينة في ذلك الوقت ( 1401هجرية ) وأظن أن صاحبه كان اسمه أحمد خميس إن لم تخني الذاكرة ومكانه حتى الآن موجود غرب الجامع الأوسط في أبو عريش ..
أذكر أنني دخلت ووضعني أحمد خميس ـ رحمه الله ـ أمام الكاميرا للتصوير وسط متابعة باسمة من مجموعة من الموجودين لم يتركوا لي مجالا إلا للضحك والابتسام طوال الوقت حيث أثار ذلك غضب والدي والمصور حتى تم إنهاء الأمر بصور باسمة .. والسلام .
والصورة هي المرافقة للحلقة هنا وهي أول صورة تسجل لي ..
أما اليوم الدراسي الأول فهو باقي في ذاكرتي بتفاصيله الدقيقة ..
أذكر أنني دخلت برفقة أخي من أبي ( يكبرني بثنتا عشرة سنة تقريباً ) وتفاجأت بمنظر غريب ومفزع بالنسبة لي / مجموعة كبيرة من الأولاد بأعمار مختلفة يقفون صفوفاً ويعملون حركات غريبة بأيديهم وأرجلهم تلبية لصوت قادم من الأمام / أوقفني أخي وسط أحد الصفوف وذهب بعيداً للاصطفاف ( كان معيدا بالصف الخامس ) اقترب مني رجل كبير يلبس شماغاً وعقالاً وطالبني بابتسامة مصطنعة أن أقلّد أقراني في الحركات , رضخت لطلبه لكنني تلخبطّت وفشلت في تقليد حركاتهم السريعة فانفجرت باكياً وأخرجني فراش المدرسة العم جبريل ـ أطال الله في عمره ـ وأدخلني فصلي الذي سأبدأ فيه حياةً جديدةً محاولاً تهدئتي وتطييب خاطري وبطني بـوجبة " التغذية " .