( 17 )


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



منذ عرفت نفسي كان يؤم مسجدنا أحد شيوخ القرية من كبار السن براتبٍ شهري ويقوم على الأذان شقيقه في سن قريبة من سنه , كان حظ إمامنا وخطيب مسجدنا من العلم أنه درس القرآن في الكتاتيب وقراءته للقرآن الكريم جيدة جداً وصوته مميز وطريقة ترتيله فريدة من نوعها لدرجة أنني ونفرٌ من شباب القرية نحنّ حاليا لصوته ونتمنى أن يقف لإمامتنا مرة أخرى لكنه حاليا لم يعد قادرا لضعف بصره وشيخوخته ,كان ـ أطال الله في عمره ـ يكرر خطب الجمعة من كتاب " أثري " يمتلكه وهذه هي حدود إمكانياته لدرجة أننا كنا بسبب التكرار نحفظ خطبه بعد تكرارها السنوي لأكثر من عشرين عاما , من حوالي سبعة عشر سنة ماضية تقريبا وبعد أن تقدم في العمر صار إمامنا ـ جزاه الله كل خير ـ يقدم الشباب المتعلم ـ وكنت أحدهم ـ للإمامة وللخطابة فبدأنا نستفيد فعلياً من خطب الجمعة بعد أن كلّف ابنه حينا وابن أخيه في معظم الأحيان وهو أحد الشباب الذين صنعتهم المراكز الصيفية والمخيمات الدعوية ـ قريبي الذي بدأنا وهو مشوار المراكز الصيفية معا ـ لكنه ظلّ رافضا أن يستلم الإمامة رسمياً وطلب مني في أكثر من موقف عندما يغيب لظرف أو سفر عن يوم الجمعة أن أخطب بالمصلين وكنت أجتهد وتكرر ذلك كثيرا في سنوات خلَت , وفي فترةٍ لاحقة أصدرت الشؤون الإسلامية قرارها بكفّ يد إمامنا السابق وقطع الراتب الشهري عنه وعرض على ابن أخيه استلام المهمة رسمياً فرفض ذلك وكذلك عرض علي وكان الرفض كذلك ولم يتبرع أيّ شابٍ بقبول المهمة فاضطرت الشؤون الإسلامية لتعيين خطيب يخلفه آخر منذ سبع سنوات من الشباب السعودي الرائع من خارج القرية , ويؤم المصلين حتى اليوم في الفروض الخمسة متبرعون من الشباب المتعلم من أبناء القرية, وشخصيا استفدت من الخطابة والإمامة كثيرا وساهمت تلك التجارب بدورها في صقل شخصيتي وتكوين بعض ملامحها فيما بعد .