( 19 )
بعد تخرجي من المرحلة المتوسطة في مدرسة السادلية انتقلت لمدينة أبو عريش لدراسة الثانوية هناك لعدم وجود ثانوية في السادلية في ذاك الوقت ( 1410 هجرية ( ـ اليوم السادلية بها مرحلة ثانوية وهي من أميز الثانويات على مستوى المنطقة ـ وكانت بالنسبة لي نقلة حضارية ومرحلة جديدة والدليل أنني اصطدمت في بداية الأمر ببعض الطلاب لاختلاف كبير في العادات والتقاليد رغم أن المسافة بين القرية التي أسكنها وأبوعريش لا تتجاوز عشرة كيلومترات ( خلاف الفترة حالياً طبعا ) وسرعان ما تأقلمت مع الوضع الجديد وكوّنت علاقات مع أبناء المدينة والقرى المحيطة لا زالت مستمرة حتى الوقت الحالي .
درست في الثاني والثالث الثانوي في القسم الأدبي بعد تجربة مريرة في الصف الأول مع مادتي الرياضيات والانجليزي حين أعدت الدور الثاني فيهما وهي المرة اليتيمة التي يحدث فيها ذلك في التعليم العام .
كانت الثاني والثالث الثانوي " فسحة طويلة " صقلت اثناءهما مجموعة مواهب وتوسعت معرفتي بالحياة والبشر أكثر وأكثر .
أذكر أنني تعرضت وأنا في الثاني الثانوي للموت غرقاً في بحيرة سد وادي جازان , حيث تركت أنا ورفقتي اليوم الدراسي بعد أن أوصلنا " زميلا مجتهدا رفض مرافقتنا " لباب المدرسة قبل طابور الصباح ثم اتجهنا شرقا للفطور على ضفاف بحيرة السد وبعد فراغنا من الفطور نزلنا في أطراف البحيرة وكانت متسخة جدا ولا أعلم كيف فعلناها تعمقت داخل البحيرة بعيدا عن أقراني زاعماً أنّي أجيد السباحة " وهما " مستعرضا حركات يدي ووقفت للدوران والعودة ولم تسعفني قدمي وهويت للأسفل ولم أعد أرى أحدا وظللت أقفز للأعلى وأهبط وأنا أراهم يتضاحكون ظناً منهم أنني أمزح وأيقنت بعد القفزة الرابعة أنني هالكٌ بعد أن خارت قوايّ وبدأت أنفاسي تخذلني وعند التسليم الأخير وجدت أني أقف على صخرةٍ ومدّ أحدهم يدي وسحبني بقوة فعدت للحياة من جديد في تجربة قاسية لا زلت أذكر تفاصيلها ولن أنساها ما حييت .