( 20 )
خلال دراستي للصف الأول الثانوي حصل غزو العراق لدولة الكويت الشقيقة ( عام 1411 هجرية ) , بالنسبة لي لم أكن في وقتها متابعاً بدرجة كبيرة للأخبار , وأذكر جيدا اليوم الذي عرفت فيه بالخبر : مرني صديق يسكن أبوعريش فجر يوم جمعة وطلب مني مرافقته في مشوارٍ لم يحدده لي ـ علما أني لا أنام يومي الخميس والجمعة إلا لشروق الشمس فقط ولا زلت على هذا العهد حتى الآن ـ وكان مشوار صديقي أوصلنا لمدينة الدرب لمقابلة آخر في مخيم شبابي نقل لي الخبر في طريق العودة وكان سراً في وقتها يخاف أي شخص إعلانه بين الناس وأخبرني أنه سمع الخبر من إذاعة لندن في وقت كانت الفضائيات لم تظهر للسطح لكن إرهاصات بداياتها كانت تتداول إعلاميا وسط تحذير وتنبيه كبير لخطرها على الشباب والنساء والدين والنخوة وكل حسن
طبعا .. الغزو حصل صباح الخميس ولم يعلن الخبر التلفزيون السعودي إلا يوم السبت على ما أذكر , وبدأت علاقة الجميع بالراديو والتلفزيون السعودي كبيرة جداً حيث تتوالى أخبار الحدث وتنقل طرق استخدام الكمامات وتعرّفنا على صفارات الإنذار وتمتع منسوبوا التعليم بأطول إجازة صيفية في تاريخ التعليم في السعودية " أكثر من خمسة أشهر " ومنح الطلاب المكملون للدور الثاني ـ وكنت أحدهم ـ في سابقة تاريخية عشر درجات ( مجانية(
في كل مادة استفدت منها شخصيا ولله الحمد حين أعدّت اختبار مادتي الرياضيات والإنجليزي .
وصلت الكمامات للقرى والهجر النائية جراء التكرار الإعلامي عن طريق التلفزيون السعودي والراديو والصحف التي بدأت علاقتي معها تتطور يوما بعد يوم وبدأت تدريجيا أنتقل من مجلات الأطفال للصحف والمجلات بمختلف أنواعها وتوجهاتها إلا أن الوالد ـ أطال الله في عمره وشفاه وعافاه ـ رفض شراء الكمامات رغم الإلحاح الشعبي من العائلة الكريمة والجيران وكل العالم في وقتها , وقام الجميع بصورة هستيرية يخزن الأرز والدقيق والسكر وعددا من أصناف المواد الغذائية المختلفة والشعير والنخالة واستفاد من مثل هذه الأمور بالدرجة الأولى التجار .
نمى الحس السياسي والإخباري لدي شخصيا ولدى كل الناس في تلك المحنة وانتهت الأزمة كما يعلم الجميع بإخراج الجيش العراقي من الكويت وتحرير مدينة الخفجي السعودية وكسر شوكة أقوى جيش عربي وفرض الحصار الذي طال عشر سنوات لاحقة.