( 22 )


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



عندما كانت الكهرباء شيئا خياليا لا نعرفه في القرية التي أسكنها اشترى والدي ـ وكان من ميسوري القرية وقتها ـ تلفزيونا بعد إلحاح كبير من العائلة وكان بالأبيض والأسود وكنا نستخدم بطارية السيارة لمشاهدة ما يعرض داخل ذاك الصندوق العجيب في قناة واحدة فقط هي القناة السعودية ولا غير , وكنا نختار فترة العصرية لبرامج الأطفال والفترة بين المغرب والعشاء للمسلسل اليومي فقط , ثم دخلت على الخط القناة السعودية الثانية وبدأت الكهرباء " التجارية " في قريتنا وكانت برامج القناة الثانية منافسة ومميزة وتنال مشاهدة عالية , حتى بدأ إرسال تلفزيون اليمن يصل لنا واحتلّ عند البعض الصدارة لفترة طويلة .
ثم تطورنا للشاشة الملونة والكهرباء التي تسمح لنا مشاهدة التلفزيون وقت أطول ينتهي في الغالب عند منتصف الليل قبل أن يصبح البث طوال أربع وعشرين ساعة .
شخصيا : شدني هذا الصندوق العجيب منذ البداية وكنت أتطلع لأبعد مما أرى , واستخدمت هوائي بطريقة سرية كان يوصل لشاشة التلفزيون الذي يخصني القنوات المصرية وقناة دبي وأبوظبي والقطرية في فترة الصيف وتحديدا أيام " الغبرة " التي كانت تمتد لشهرين وأكثر في معظم الأحايين حسب توجيه الهوائي شرقا أو غربا , وكذلك كنت ثاني شخص يجلب اللاقط الفضائي للقرية وأذكر أنني شريته من جدة بمبلغ تجاوز الألف وخمسمائة ريال ولم استطع تركيبه فوق سطح منزلنا وبقي لأسابيع في مخبأ عند أحد الأصدقاء حتى استطعت إقناع أخي الأكبر بتركيبه في منزله وكنت أحمل نسخة من مفتاح مجلسه الواقع في طرف بيته كنت أتلصّص حسب الظروف وأقضي ساعات أقلّب في القنوات وانتقل من بلد لبلد ومن عالم لعالم في وقت كان من يجلب الفضائيات لمنزله " ديوثا " في نظر جيرانه وأقربائه ومجرماً في نظر الدولة حيث تم نشر تحذير من مجلس الوزراء إن لم تخني الذاكرة وصلت الغرامة المالية وقتها لمن يجلبه المئة ألف ريال والسجن كذلك لعدة سنوات , ثم جلبت بعد سنوات اللاقط لمنزلي بعد أن تزوجت , وتطور الحال كما يعلم الجميع وصرت الآن يمر علي اليوم واليومين والثلاثة وقد لا أفتح التلفزيون رغم وجود قمري العربسات والنايل سات وتلفزيونان مستقلان فيهما مئات القنوات .