سوف يُكتب الكثير عن محمود درويش ويمتزج الحبر بالدموع , سوف يُكتب عن شعره الذي طالما أغضب المحتل الإسرائيلي وأفزعه وعن " فلسطينه " التي عشقها حتى الرمق الأخير , وعن نجمته بيروت , عن ريتا وعصافير الجليل , عن حصانه الذي ترك الحصان وحيداً , وسرير الغريبة الذي يشتاق دفء قصيدته , وعن أثر الفراشة الذي لم تقدر جرافات الاحتلال على محوه من ذاكرة فلسطين , مثلما سوف يُكتب عن شاعريته , وفرادته وتمرده حتى على شعره وجمهوره , أما أنا فسوف أنتظر في بيروت مردداً " تليق بك الحياة " في الحياة , وفي الموت الذي في حالة محمود درويش لا يكون كلياً .
بعد محمود درويش لن يكون الشعر بالقوة نفسها أو بالسحر نفسه , سيكون شعراً مختلفاً , فبرحيله رحلت ظاهرة شعراء يملؤون ملاعب كرة القدم بالمعجبين والمعجبات , وليس في الوطن العربي وإنما في المنافي الأوروبية , خسرته صديقاً عزيزاً ورمزاً من رموز هذه الأمة التي ربما لن تتكرر إلا بعد قرون .محمود درويش .. أقول : وداعاً ...
هو الشاعر المارد , الذي كلما كبر قلمه , صغر قلبه وبدا كأنه من عليائه يستنجد بنا هو يريد منا "ورداً أقل" ونحن نعترف إننا ننتظر منه خسائر أكثر فداحة وحنيناً مدمراً كإعصار ، ننتظر مزيداً من البكاء على كتف قصائده .