لا أدري لماذا " يجب " أن أعود ؟!
ولكنني في النهاية جئتُ كما وعدتكم ..
من منكم يتذكر هذا الكلام


إلى أرواح.. لا تهمنا
يا لصباحك المشتعل بالموت، بعد أن كان يحاول الإضاءة بالأمل..
يا لطريقك المتربص الغادر، وأنت تنثرين عليه طيف التفاؤل في صباحاتك المضنية.. يا لها من فجيعة. يا لها من سحابة سوداء ثقيلة وكئيبة، تلك التي "تفحمت" روحك تحتها.
عظيم وغريب ذلك التفاؤل الذي استمر نابضاً معك حتى آخر لحظة، لحظة حريق الحياة فيك.. ألست منا؟ ألا تعرفيننا على حقيقتنا؟
ألا تعرفين أن قلوبنا قاسية ومتكلسة وبدائية، لا تحسن الاحتفاء بالورد، ولا تجيد حتى حمايته من العبث والامتهان؟. ألا تعرفين أن طرقنا رعناء لأنها جزء من نتاج قراراتنا الرعناء بحق أشياء كثيرة، وتجاه أشياء كثيرة؟
يا أيتها الشهيدة:
يا من كنت بالأمس حية، واليوم يخالط التراب نقاء ملامحك:
في رسالتك الأخيرة إلى الذين كنت تظنينهم أحياء، جاءت هذه الجملة: ـ
" إنني أتأمل أن تمنحونا من وقتكم الثمين بضع دقائق بالنظر إلى وضعنا الأليم ولو عن بعد لتروا إلى أي حال وصلت معاناتنا..." هل تظنين أيتها المقتولة.. يا: "عواطف بنت غازي العتيبي" هل تظنين أن أمرك يهمنا؟.. لو كان يهمنا لما سمحنا للفل والورد والياسمين أن يطحنه غباؤنا.. لو كان يهمنا لكنا وجدنا حلولاً أفضل من مشاهدة القلوب الطرية وهي تتمزق بين رجاء مستحيل، وطرقات مسروقة، وأنظمة متردية.
لو كان يهمنا أمرك يا عواطف، لما انتظرنا حتى تحكي لنا المسافات التي تقطعينها ابتداء من تثاؤب الصباح حتى نعاس الليل.. لو كان يهمنا أمرك وأمر الأرواح التي "تفحمت" معك، لما وصل بك الحال إلى كتابة تلك الرسالة الموجعة، التي ألهمك الإله أن تتأكدي من وصولها قبل لحظات من انتقالك إلى يديه الأرحم والأكرم من بشر هم أسوأ خلقه.. مؤلمة جداً كانت رسالتك يا أستاذتنا "المرحومة" عواطف. ولكنها كانت متأخرة جداً، وحتى لو تأخرت، ستكون متأخرة جداً، أيضاً، لأنه :" لا تندهي .. ما في حدا..".
من ذا يهمه أمرك يا عواطف، أنت وزميلاتك حين تحولت أجسادكن إلى كتلة من الفحم؟
من ذا يهمه كل العناء الذي كان في الحياة وكل الألم الذي كان في الموت، رغم أنكن لا تتلقين أدنى مردود معنوي ـ على الأقل ـ لكل تضحياتكن؟
يا: ـ تهاني
يا: ـ عواطف
يا: ـ زبيدة..
نحن شعب أدمن وأد الأنثى، لكن الأسلوب أصبح مختلفاً..
سوف ترسل الوزارة برقيات التعازي إلى منازلكن الدامعة..
سوف تتحدث الصحافة عنكن يومين أو ثلاثة.. ولكن: ـ صدقوني: ـ سوف تنتهي المسألة سريعاً، لأن وطنكن من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وكل يوم، فيه أكثر من تهاني، وأكثر من عواطف، وأكثر من زبيدة، ولكن: ـ
أنتن إناث، إن لم توأدن فطرة، فلا بد من وأدكن نظاماً.
يا حزني عليكن...

حمود أبوطالب ( تلميح وتصريح )
الاربعاء جمادى الأولى 1جمادى الأولى 1426
الوطن العدد (3171)


و الآن أخبروني هل عادت تلك الأرواح إلى الحياة ؟!
هل طرأ أمر جديد-ملحوظ- على تلك الوزارة منذ 1جمادى الأولى 1426إلى هذه الحظة؟
لنفترض أنها تحسنت قليلاً ,ولكن أليست تلك المأساة تتكرر يوميا بشكل أو باخر ؟
لا حظتم أن كل النهايات (موت) وأن الموت لم يعد ذلك الامر المفزع ؟؟

لننتظر ما يصلنا عن التحقيق في قضية إغتيال رزان..مع متابعة نقاشاتنا وحواراتنا حول تلك القضية