الى جنة الخلد يارزان
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
جروح عميقة لا تندمل مدى العُمر، مآسي وقصص قد تنتهي آخر فصولها في المستشـفيات.. أو في المقابر! مرضى يذهبون بحثاً عن البلسم في مواقع خُصصت للعلاج.. ثم يعودون احياناً محملين على نقالات وقد تضاعفت أوجاع وآلام اقاربهم واسرهم فالمريض الذي راجع المستشفى بقدميه دخل ولم يعد لأنه ببساطة شديدة «مات نتيجة خطأ طبي..!»..كيف تحول الطبيب المداوي.. الى قاتل غير متعمد.. والى مخطئ يدفع ثمن غلطته ابرياء.. لو عرفوا لما سيؤول اليه المصير لما راجعوا المستشفى.. أو بحثوا عن علاج!

فجيعة في فرسان
صباح يوم الاثنين الماضي لم يكن يوماً عادياً في جزيرة فرسان الوادعة الوديعة.. ثمة اخبار غير مؤكدة تتناثر هنا.. وهناك ان «رزان» طفلة المدرسة الابتدائية التي خضعت لعملية الزائدة الدودية ماتت!
همسات تدور هنا.. وهناك عن اخطاء ما.. وخلطات طبية، هي التي تسببت في موت الراحلة الصغيرة اذ كانت تتطلع الى يوم تكبر فيه وتنمو.
وبعيداً عن احزان الجزيرة فإن الاسئلة مازالت تتكثف كل يوم، كل سؤال يأخذ بتلابيب الآخر.

غلطة قاتلة
من قتل ابتسامة «رزان».. وكيف نضع حداً للأخطاء القاتلة ومسلسل الاخطاء التي تتسع وتكبر كل يوم.. وكيف نمنع مشرطاً من التوهان..؟!
رزان طفلة جميلة لا تكف عن اللهو واللعب، فهي الطالبة المثالية المتفوقة المحبوبة وسط زميلاتها ومعلماتها في المدرسة الابتدائية الاولى للبنات.. ومؤخراً تم اختيارها طالبة مثالية لتفوقها «وشطارتها» على الرغم انها لم تكمل السابعة من عمرها!
مثل كل صغيرة في عمرها ظلت الاحلام الصغيرة في دواخلها تكبر وتنمو في كل يوم.. تكمل الابتدائية.. والمتوسطة.. والثانوية وتدخل الجامعة «وتطلع دكتورة».. كما ظلت تقول لاسرتها..

لماذا يادكتور؟
وتجيب من يسألها وهي سعيدة فرحة.. لاعالج المرضى والمساكين.. اخفف عنهم الألم والوجع.. ولم تدر «رزان الضحية» انها ستكون ضحية خطأ من دكتور!
زائدة
عادت الصغيرة من مدرستها ذات يوم، وقبل شهرين تحديداً، وشكت لامها انها تشعر بآلام واوجاع في بطنها.. وسريعاً اخذت الام العطوفة صغيرتها رزان الى المستشفى.. ومن هناك احيلت الى مستشفى الملك فهد المركزي لاجراء عملية طفيفة بعد ان تبين انها مصابة بالتهاب في الزائدة الدودية..
خضعت الطفلة للجراحة وغادرت المستشفى بعد نجاح العملية في 5/2/1427هـ.
عادت الصغيرة الى بيت اسرتها بعد زوال الآلام المبرحة.. ولكن الذي حدث بعد ذلك هو المأساة بعينها.. الفجيعة بكل تفاصيلها!
في المدرسة سألتها رفيقاتها الصغيرات وقد لاحظن شحوباً على وجهها:
- ما بك يا رزان.. لماذا لا تبتسمين ككل مرة.. هل مازلت مريضة؟!
- «ما بي شيء»!
تقول الطفلة لزميلاتها.. وهي لا تدري ان الايام ستحمل لها اشياء كبيرة تنتهي بها الى القبر..!

الأب المكلوم يتحدث
والدها المكلوم «عادل العلواني» لا يكاد يصدق ما حدث لفلذة كبده، مازال ينظر الى كل ركن في منزله حيث كانت تلهو وتلعب وتملأ كل البيت بالمرح والسرور..
دفاترها.. واقلامها.. ورسوماتها الصغيرة تملأ كل الفضاءات، العلواني مازال يعيش تحت الصدمة والفجيعة والأسى.. ويسأل من يعوضني عن «رزان»..
وبصوت ملؤه الحزن والأسى يسرد الأب الباكي تفاصيل ما حدث:
«شيء غريب»!
في يوم الجمعة الموافق 27/2/1427هـ شعرت طفلتي بآلام في بطنها وراجعنا بها المستشفى العام في فرسان.. كنا نتصور ان الاوجاع ربما تكون طبيعية لأنها خضعت لجراحة قبل أيام معدودة ولكن الذي اكتشفناه كان عصياً على الفهم والاستيعاب والتصديق.. كان أقرب للخيال والقصص..
في المستشفى -يقول الأب- اخبرنا الاطباء بأن ثمة شيئاً غريباً في بطن رزان.. سألت مفجوعاً: شيء غريب..؟!
نعم.. يقول الاطباء هناك جسم غريب في بطنها لن نستطيع تحديد ما هيته لقلة الامكانيات في مستشفانا!!
سوء الاحوال
احالوا رزان الى مستشفى الملك فهد العام في جازان.. وفي ذلك اليوم كانت الاحوال المناخية سيئة، وحركة النقل البري متوقفة..
يبدو ان «المصائب لا تأتي فرادي».. يقول الأب فالبحر من أمامنا و«رزان» تبكي من أوجاعها.. وكان اقرب موعد لنقلها هو صباح الجمعة 2/3/1427هـ.

شاش وقولون
الطبيب الذي اجرى الجراحة الاولى اخضع طفلتي الى جراحة ثانية بحثاً عن الجسم الغريب.. وأخيراً وجدها!
قطعة شاش في بطن الطفلة.. واثناء الجراحة حدث خطأ آخر فقد تم قطع قولونها!
يقول الأب: تخيّلوا قطعة شاش وقطع قولون مرة واحدة!
هل اصبحت الارواح رخيصة عند البعض الى هذا الحد؟!
خرج الطبيب من غرفة العمليات ليطبطب على كتفي: لا تقلق العملية بسيطة جداً.. والأمر لا يستدعي القلق!
رحلت الى الابد
تم نقل رزان الى المدينة الطبية وهي مجروحة بخطأين فادحين.. وبعد ثلاثة أشهر من المعالجات اغمضت رزان عينيها.. ورحلت الى الأبد!
الأب يضيف بحزن وأسى.. التقرير الصادر يقول ان سبب الوفاة التهابات بكتيرية مع اسباب أخرى واذا كان الأمر كذلك فلماذا تم ايقاف دواء المضاد الحيوي لمدة ثلاثة أيام؟!

المدرسة تبكي
في مدرسة رزان الراحلة وجوم ودهشة وحزن.. زميلاتها يتوقعن حضورها الباهي في أية لحظة..
زميلتها وصديقتها تقول وسط دموعها اسمع صوت رزان.. اخرى تجلس معها في ذات الفصل تقول انها تتمنى ان تراها..
اقارب رزان يطالبون بمحاسبة المخطئ بأقصى واقسى العقوبات.. ويأملون بتر أي اهمال أو تسبب في كل المستشفيات.
هذه أقوال والد وأسرة رزان لكن أين الحقيقة.. هذا ما ستسفر عنه التحقيقات بالتأكيد.



صحة جازان تحيل القضية للهيئة الشرعية
والمدير العام بقول لاتهاون إذا ثبت أي خطأ!