الأسباب والعلاج هي محور التساؤلات
لو تأملنا حال الناس في ظاهرة الإسراف والتبذير قبل رمضان ما هو شأنهم ؟
هل هم على الجادة في هذا الأمر ؟
الإجابة المستقرة والمقررة سلفا لهذا التساؤل هو النفي.
لكن ولأن جذوة الدين في رمضان متقدة يصبح نقدنا لهذه الظاهرة أكبر وأشد مع أن نمارسها
فالوعي والمعرفة لدينا بأن الإسراف والتبذير أمر نهانا عنه الله عز وجل لا يعقبه سلوك هو شاهد صدق لتلك المعارف
كحالنا مع سائر المنهيات والمخالفات الدينية والدنيوية.
صحيح أن معيار الإسراف والتبذير ومنسوبه مرتفعان في رمضان لكنهما نتيجة حتمية للحال التي قبله فلو كان هناك اقتصاد
قبل رمضان لما كان الحال هو ما نشهده وما نحياه.
كذلك من الأسباب عدم استشعار ان الإسراف والتبذير منهي عنهما شرعا
قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
وقال أيضًا: {كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام:141].
وقال جل شأنه محذرًا المسلمين من التبذير:{وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا
إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}[الإسراء: 26-27]
أما العلاج لهذه الظاهري فهو على شقين وينبني أحدهما على الآخر وهما على سبيل الإجمال معرفي وسلوكي
فالجانب المعرفي نجمله في النقاط التالية:
الأولى : تذكير الناس ان الله قد نهانا عن الاسراف والتبذير مع سوق الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة في ذلك.
الثانية : بيان فوائد حفظ النعم وان حفظها من شكر الله تعالى
الثالثة : ان التبذير يغضب الرب عز وجل وانه سبب لزوال النعم. فقد قال تعالى فقد قال سبحانه
﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [سورة إبراهيم الآية:7]
الرابعة : بيان واستشعار ان الله عز وجل حين تعبدنا بفريضة الصيام بين الحكمة من ذلك وهي تقواه وأن التبذير قد يذهب بالحكمة من التشريع
فقد قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [سورة البقرة الآية:183]
الخامسة : الاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه،
فإن كان فاعلًا لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفَسه".