![]()
كتب أحد المستشرقين الحاقدين على تراث أجدادنا في أحد المنتديات موضوعاتحت عنوان"معلومة خطيرة"تفيد بأن إناء الحيسية يحتوتي على مادة مسرطنة وقال بأن اللمعة التي تميل إلى اللون الأخضر في إناء الحيسية عندما يكون الإناء جديداً هي عبارة عن مادة الرصاص وأن هذه المادة تُستخرج من بطاريات السيارات ثم أخذ يطالب بجائزة من منظمة الامم المتحدة على الاكتشاف الخطيروينادي على هيئة الغذاء والدواء للنظر في هذه المادة الخطيرة التي تدخل في صناعة إناء الحيسية .
ولكوني أحب الماضي وأعشق الماضي وأدافع عن الماضي سجلت في ذلك المنتدى الذي نشرالمعلومةبمعرفي المشهور "أبو زهير" للرد على الموضوع وكان ردي جافاً حيث قلت :بأن هذا اتهام وافتراء وتشويه لسمعة التراث وكان ردي من البديهة لأن الحيسية قد وجدت في زمن الأجداد قبل بطاريات السيارات .. ناهيك عن براءة الأجداد وصفاء نفوسهم وصدق نواياهم فليس من المعقول أن أجدادنا يستخدمون مادة خطيرة في صنع أوانيهم ولكن ردي هذا لايعتبر دليلاً قاطعاً أستند عليه ربما يسألني سائل ماسر تلك المادة الخضراء على إناء الحيسية؟ وفعلا جاء السؤال من صاحب الموضوع عند ذلك توقفت عن الإجابة في الحال وليس عيباً على الإنسان إذا سئل عن شيء لايعرفه أن يقول لاأعرف إنما العيب أن يتظاهر الإنسان أمام الناس بأنه عالم وهو بخلاف بذلك فأخذت أسأل هنا وهناك عن إناء الحيسية حتى توصلت إلى معلومة تفيد بأن إناء الحيسية يصنع في مدينة حيس في اليمن فقررت السفر إلى مدينة حيس باليمن عندما تسمح لي الظروف حتى أجمع معلومة كافية عن إناء الحيسية وبالصدفة قابلت أحد الزملاء وأخبرتوه بالموضوع فقال وفر على نفسك ثم أدلك على امرأة عجوز تأتي عن طريق اليمن تبيع أواني تراثية في سوق الإثنين وضمن هذه الأواني التراثية إناء الحيسية فأنت إسألها يمكن تحصل عندها الإجابة ..وفي يوم من الأيام وبالتحديد في تمام الساعة السابعة والنصف بتأريخ 2-4-1432نظمت مدرسة الجردية الابتدائية ضمن فعاليات أنشطتها اللامنهجية زيارة طلابية إلى سوق الإثنين تحت إشراف رائد النشاط بالمدرسة وقد كان الهدف من هذه الزيارة إلى سوق الإثنين وبالأخص إلى المحلات التي تحتوي على التراث من أواني تراثية وغيرها من المنافع التراثية المعروفة في زمن الأجداد هوتعريف الطلاب بموروثهم الشعبي المعروف عند الأجداد فقال رائد النشاط ياأبازهير لازم ترافقنا لكي تعرف الطلاب على بعض المسميات التراثية فقلت في نفسي هذه فرصتي إن شاء الله أجد المرأة اليمنية العجوز صاحبة الحيسية فوافقت بأن أذهب مع الطلاب إلى سوق الإتنين وعندما وصلنا إلى السوق أخذنا نتجول بين تلك الموروثات الشعبية المعروضة للبيع وكلما وقعت يدي على موروث تراثي أقوم بالشرح عنه وطريقة استخدامه عند الأجداد ثم التعريف باسمه حتى وصلت عند امرأة عجوز يوجد لديها أواني تراثية معروضة للبيع ومن ضمن الأواني التراثية إناء الحيسية فقلت هذه هي المرأة العجوز التي قال زميلي عنها وحتى أتأكد زيادة ابتعدت قليلا عن المرأة ثم اتصلت بزميلي كيف أوصاف المرأة العجوز فقال زميلي امرأة عجوز وأعرف اسمها فقلت أعطني اسمها ثم أقبلت إلى المرأة العجوز أنادي باسمها ياخالة فلانة كيف حالك فقالت العجوز أمانة ياابني بخير فقلت ياخالة من أي مدينة في اليمن فقالت من مدينة حيس فقلت ياسلااااااام من مدينة صناعة الحياسي فقالت إيه سدابي ثم أخذت إناء حيسية أتأمل فيه وفي لونه المائل إلى الإخضرار فقلت ياوالدة ممكن أسألك سؤال هذا اللون الذي يميل إلى الإخضرار على الحيسية وخاصة إذا كانت جديدة ماهو؟
فقالت المرأة العجوز:
فقالت المرأة العجوز إن هذا اللون الذي يظهر على إناء الحيسية المائل إلى اللون الأخضر الخفيف الشبيه باللون الكحلي يسمى الكحل ويستخرج من أحجار صغيرة تميل إلى اللون الأسود الفاتح وقد تأخذ ألوان هذه الأحجار لون الكحل ولهذا سميت هذه الأحجار باسم الأحجار الكحلية .
وتوجد هذه الأحجار عندنا في اليمن في وادي مور وقد كان الأجداد يستخدمون هذه الأحجار منذ قديم الزمان في صناعة بعض الأواني التراثية وخاصة أواني الحياسي وفناجين القهوة المصنوعة من الطين ولاتنس إناء الزبدية والهدف من إضافة هذه المادة الكحلية لإناء الحيسية وفناجين الطين من أجل أن تكسبها رونقاً ومنظراً جميلاً فيشعر الإنسان بالمتعة والنظر إلى هذه الأواني برغبة.. كيف لا وإناء الحيسية قد خُصص لأشهر الأكلات الشعبية "المفتوت وأنواعه" وفناجين الطين التي خُصصت لشهرب قهوة البن والقشر والمردوم التي تعدل الكيف ..أفلايكون مظهر هذه الأواني جميلة؟
أما بالنسبة لطريقة استخدام هذه الأحجار فإنه يُستخدم مفحوقها مضافاً إليه الماء ثم يُصب المخلوط على إناء الحيسية قبل حرقها وعندما يتم حرق الحيسية تذوب هذه المادة بفعل الحرارة على إناء الحيسية فتكسبها لونا كحلي وهذه المادة الكحلية تختلف عن مادة الكحل المعروفة التي تُستخدم في أجفان العيون عند المرأة لغرض الزينة ..والسلام ختام .
فقلت ماشاء الله عليك ياوالدة الله يطول في عمرك ويمتعك بالصحة والعافية وتحجين وتمدنين ..ممكن طلب ياوالدة أطلبه منك اعتبريني ولدك.
فقالت :عارفه طلبك بزه امحيسية والله مادخل عليه قرش.
فقلت والله طلبي غير امحيسية ممكن أتصور معاك.
فقالت والله مستعدة اعتبرك في مقام ولدي وشرف لي وأنا أتصور مع واحد سعودي
فقلت إن شاء الله أنني مثل ولدك وأعتبرك في مقام الوالدة وشرف لي أن أتصور مع كبار السن الذين أعتبرهم مراجعي في التراث ثم تم التصوير.
أعتقد بأن هذه الإجابة من المرأة اليمنية التي تقوم ببيع الحياسي والأغراض التراثية الأخرى كافية وسوف أعتمدها من أجل أن أدافع عن الحيسية ذلك الإناء الأصيل المعروف عند الأجداد.
وفعلا رجعت للموضوع الذي صرح بسرطنة الحيسية ثم أجبت على سؤال صاحب الموضوع بكلام المرأة العجوز مدعوما بالصورة التي تجمعني بتلك المرأة العجوز أطال الله في عمرها.
سؤال خفيف:
هل هناك اسم آخر للحيسية غير اسم الحيسية عند الأجداد؟