الشيخة شجون
لاأخفيك سرا أن موروثنا الأدبي مازال مجهولا إلى الآن لأنه اعتمد على السماع وليس هناك من يهتم به ويدونه كما حصل للشعر الجاهلي الذي وصلنا دون نقض أوزيادة أوتحريف
والآن:
سوف أتطرق لنوع من شعر الأجداد عرفناه فيما بعد بالتورية
التورية أن يطلق لفظ له معنيان: أحدهما قريب غير مراد ، والآخر بعيد هو المراد، ويدل عليه بقرينة يغلب أن تكون خفية فيتوهم السامع أنه يريد المعنى القريب، وهو يريد المعنى البعيد.قد تكون الغاية من التورية إثارة الذهن، أو الهروب من المساءلة القانونية.
إثارة الذهن معروفة لكن كيف الهروب من المساءلة القانونية؟
لاحِظوا كيفَ هجا المُتنبّي كافوراً ( محمود العبد ) :
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمنٍ ... يسيء بي فيه كلبٌ وهو محمود
توريَه .. على اعتِقاد السّامِع أو القارئ بأنَّ الشخص المعني .. محمودَ السُّلوك .
في حينِ أنَّ الشاعِرُ يقصِد سبَّ هذا الشخص -كافور- ونعتِه بِالكلْب "
وفي المقابل قال رجل كبير في السن من أهل زمان لولد متوسط في العمر :
"الناس عندي كالقشر وأنت عندي كالبن"
فظن الولد أن الرجل قد مدحه وفضله على بقية الناس بكلمة"كالبن" لأن البن أغلى قيمة وفائدة من القشر ولكن الرجل لايقصد البن المعروف الذي يستخدم للقهوة وإن كانت هناك قرينة تدل على البن وهي كلمة"القشر" وإنما يريد الرجل ذلك الحيوان المعروف وهو الكلب.
وهنا قد أقف حائرا في هذا الأسلوب من الأجداد إذا كان الشاعر المتنبي قد اطلع على عدة كتب في البلاغة منها "البيان والتبيين"و«دلائل الإعجاز» و« أسرار البلاغة»و«مفتاح العلوم» فعرف التورية فأجدادنا كيف تسنى لهم أن يعرفوا التورية وهم غير متعلمين؟
لاحظوا التورية في هذه الأبيات لشاعر من شعراء قريتي رحمة الله عليه.
يادجر محلى بقلتك بالسنافي
خلوقه طيبة بالسنافي
معاية محقة صغيرة بين ذاني ونافي
والآن:
من يوضح لنا التورية في هذاالبيت من شعر الأجداد:
صيد فوق مزبير امغربي هتيبه أثر امهاته سبع بعده هتابا