يقال إنه كان في الزمن الماضي وفي منطقة (جازان)
رجل يدعى (ابن منصور).. وكان من أعيان قومه..
وله مكانة عظيمة بينهم.. لما يمتاز به من خصال حميدة..
ومناقب فريدة.. من شجاعة وأقدام.. وكرم وجود..
حتى ملأت شهرته الآفاق.. وردد سيرته الركبان والطراق.
وكان لإبن منصور أبناء كثر مغاوير.. زادوه هيبة ومقاما بين الناس..
وله أيضا ابنة من أجمل نساء زمانها.. كأنها البدر في تمامه.
وكانت هذه الفتاة تغدو للحقل كل صباح..
أما لرعي أغنامهم ومواشيهم وحمايتها..
أو لجلب العشب والحطب لمنزلها.
وذات يوم ذهبت كعادتها لذلك الحقل البعيد..
والكائن في طرف القرية, وبينما كانت تمضي عملها هناك كعادتها ــ
ـ مر بها رجل كبير بالسن ــ فكاد أن يمضي دون وقوف..
غير أنه تعجب من حال هذه الفتاة تعمل وحيدة في هذا المكان
الخالي من الناس.. والبعيد عن الأعين.. والنائي عن القرية..
فتأمل هذه الفتاة فوجدتها صغيرة سن..
ومن أجمل الناس وجها.. وأرقهم جسدا وقواما.
فقال الرجل للفتاة: ابنة من أنتِ ؟!
فابتسمت وردت بشيء من التفاخر والكبرياء:
ابنة ـــ لابن منصور !!
عندها أطرق الرجل قليلا.. ثم رفع رأسه وقال..
إن أباك صديق قديم, وكنت آمل أن التقية..
ولكن الوقت لم يسمح بذلك.. فبلغيه سلامي..
ثم قولي له هذا البيت من الشعر:
حامي حماها حامية ابن منصور
لكن تبغى حامية عل حماها
ثم مضى الرجل وتابع طريقه بعد أن أستيقن من حفظ تلك الفتاة لبيت شعره.
ولما عادت الفتاة أبلغت أباها بكل ما حدث.. وألقت عليه ذلك البيت
من القصيد الذي حفظته عن عابر السبيل, وبعد أن
سمع الأب ذلك الشعر.. تبسم ضاحكا ثم قال:
حقا إن هذا الرجل صديق قديم.
فقد أدرك الأب صواب عابر السبيل وما يقصد
من الأبيات التي لقنها الفتاة وما ينطوي عليه هذا الأمر
من خطورة فنفذ تلك النصيحة.. فهيبته قد لا تردع سفيه..
فيحطم بذلك سمعة تلك الآسرة العريقة, فالعرض عار ما مثله عار.
وأسرد الأب قائلاً: يا ليته جاء لا كرمه وأحسن وفادته.
ترى ماذا كان يقصد هذا الرجل بابياته ؟؟
بعدها ساكمل لكم القصة