الحياة الحديثة بتفاصيلها اليومية شغلتنا عن نشاط من أهم أنشطة العقل الإنساني وهو التأمل والنظر.
كنت أحمل عقودا من زهر الفل وعصائب العزان والكاذي إلى دارنا في طريق العودة من العمل
أوزعت لزوجتي بترتيبها في مزهريات صغيرة وتوزيعها في أركان منزلنا الصغير وغرفه.
لجين ابنة الأربع سنوات تتبع أمها في نشاطها
اقتربت من إحدى المزهريات التي جمعت بها زهر الفل والكاذي والعزان
نظرت لجين في إعجاب، وقالت: "الله يا أمي ما أجملها..
ثم سألت أمها هل هذا الفل والعزان والكاذي طبيعي أم صناعي ؟
أذهلني ذلك التساؤل!!!
هل صار الصناعي في دقته وتطوره في أعيننا أبهى من الطبيعة التي خلقها الله سبحانه؟!
قبلتها بلطف وقلت لها
"لا يالجين لايانور العين..
اقتربي والمسيها..هيا"..
ترددت ابنتي ثم اقتربت بأناملها من أوراق الكاذي وزهر الفل والعزان ثم صرخت:" آه.. إنها طبيعية"
وابتسمت لي ابتسامة آسرة فاحتضنتها بحراره طويلا..
أخت رديمة قد يجد الباطل له حجة في حروف وكلمات وقد يُسَوِّد بالزيف صفحات وقد يصدقه البعض
إذا ما زين منطقه بالزخرف ليخدع من لا يملك مفاتيح الفقه والجدل"
لكن أوراق الكاذي وأزهار الفل والعزان ودروب النمل وخلايا النحل وتقلب الليل والنهار
أبلغ أحيانًا من ردود تكتب بالمداد على الأوراق وفي المجلدات..
آيات الآفاق والأنفس يدركها النظر والحواس حتى وان جهل الإنسان لغة الفلسفة وكلام المناطقة والمتكلمين..
حسبي أنني قرأت خاطرتك بخفقات قلبي ونبض فؤادي ...ولازلت مبحراً في معانيها الصادقة...
في طريق العودة للمنزل اليوم اشتروا.. الفل والفل فقط....