لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: فياغرا

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235

    فياغرا

    وقف عند الباب. ركله برجله. منذ مدة ليست بالقصيرة وهو يكره استخدام المفتاح. بحث في جيبه عن عود ثقاب. اوقد شمعة. لايدري متى سمع (ان توقد شمعة خير من ان تلعن الظلام). احضر آلة حاسبة. أجرى العديد من العمليات الحسابية. وقفت الآلة. دمعتان تجري على خده. بجواره مجموعة من الكتب تناول احدها. فتحه واغلقه مرة أخرى. نظر الى الطاولة. مجموعة من الفواتير. "اللعنة". بصق، وهم بالخروج.

    فجأة دخلت عليه متلفعة بالسواد. حيته برأسها. خلعت عباءتها وجلست على كرسي امامه ترتدي (شورتاً) من الجينز وقميصاً ازرق. لمح بياض فخذيها على ضوء الشمعة. اشعلت سيجارة وأخذت نفساً عميقاً. نظرت الى اعلى. "لماذا لا تهاجر؟". قالتها وعيناها تنظران الى السقف.

    ضوضاء بالخارج. جموع تتدافع الى البحر. ظلام حالك. نظر من النافذة. بعضهم يحمل شموعاً. تلبدت السماء. دوى صوت الرعد. امواج عاتية. هبت عاصفة. انهمر المطر بغزارة. اغمض عينيه في انتظار النهار.

    خرج متأبطاً ملفاً اخضر. كالعادة في الطريق لمح مجموعة من الناس يحملون ملفاتهم. أبتسم. شعر بالجوع. ليس امامه أي خيار سوى (عبده) الفوال. دلف الى داخل المطعم. تناول افطاره رغيفاً وصحناً من الفول. هل ورث الفقر؟ افطاره لا يختلف عن افطار سكان قريته. كان في القرية يتناول رغيفا مخلوطاً بالسمن. حدثه ابوه ان جده كان يتناول رغيفاً (حافاً) لانهم في زمن القحط لا يجدون السمن. "مسكين جدي توفي قبل ان يولد". ربما بعد قرن من الان يعرف سكان قريته (لافاش كيري). وقف على قارعة الطريق اشار بيده للحافلة. توقفت صعد وجلس على مقعده. مجموعة من الغرباء. تفرس في وجوههم فعرف الأسى فيها. نظر الى وجهه في المرآة الجانبية. لا يختلف عنهم. قال الذي يجلس بجواره يحدث صديقه: "ما أنتم ياجماعة (ناس الطيب)؟ ما صدقتوا؟ ( مثل الجيعان اللي ما يبرد اللقمة)". "اقف.. اقف..". قالها الآخر باسماً وأردف "مأنتم ياجماعة ناس مجذوب. كانت اللقمة باردة عندكم بس كنتم (مكبرين العمة وكاشفين اطيازكم)".

    تداخلت الأصوات. تعددت اللغات. بنازير. آغا خان. عمران. لايفهم ما يقولون ولكن يعرف الاسماء. صاح احدهم "نواز خوش آدمي". تطلع فيهم وقال "كلهم كذلك". توقفت الحافلة في وسط المدينة. نزل بخطى ثقيلة. المحلات تعج بالبشر الكل مشغول. عيناه الى الأعلى يحملق في اسماء المؤسسات والمحلات التجارية. لفت نظره لوحة مكتوب عليها (لا نجري). لايعرف معناها. نظر الى واجهة المحل الزجاجية. مجموعة من الملابس الداخلية النسائية معروضة باغراء شديد. وقف مشدوهاً. تذكّر الحلبي (خط البلدة) ابو تكة المليء بالعقد. تذكر قول أخوه الأكبر بأنه في ليلة زواجه قضى معظم الليل محاولاً حل التكة، وأنه اخيراً استخدم سكيناً حاداً لفكها. (ياحلال العقد).....

    دخل الى احد المكاتب. ناول موظف الاستقبال ملفه. اعطاه الموظف ورقة الشروط. قرأها: شهادة جامعية، خبرة عشر سنوات، اجادة اللغة الانجليزية والفرنسية، اقامة قابلة للتحويل. نظر الى موظف الاستقبال وقال له انه يجيد لغة فولتا العليا. "لك حل عني" قالها موظف الاستقبال وهو يعيد الملف اليه. "ما عنا عمل الك انت وامسالك". ود لو صفعه. تذكر ان (عنز الشيوخ نطاحة).

    بدأت معاناته بعد حصوله على الثانوية. لعن النسبة والتناسب والواسطة. تحسس بيده على ظهره وهو يمشي. بعد محاولات عديدة وجد عملا بسيطاً (حارس امن). ضحك من الداخل. لايعرف كيف يحرس الامن. تسكع في شوارع المدينة لايعرف احداً . الراتب الذي حددوه له متواضع. انه بحاجة الى اربعين عاماً لكي يستطيع بناء منزلاً بسيطاً في أطراف المدينة لا تصله الخدمات. عندها سيتزوج. سرت قشعريرة في جسده. سيكون عمره قد تخطى الستين. لن يكفيه دخله لشراء علبة (فياغرا).

    تذكر صوتها. لماذا لا تهاجر؟ لماذا الآن؟. قهقه. ضحك. صرخ. ثم جرى مسرعاً في الشارع.

    جدة

    فبراير 1997

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مجاهد اليامي
    مشــرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    1,268


    نحن أمام معاناة تشكلت سردا أو أمام سرد يضوع معاناة
    ولكن بقلم استحال مبضعا يجرد واقعا بتهكم وسخرية مريرة
    الأستاذ / مسعد
    واقعية هذه القصة التي تتحدث عن واقع ملموس ولكن بقلم محترف ابتعد عن البساطة يسخر من كل التفاصيل
    في تزاحم العمالة الوافدة في الباص .. في التزاحم للوصول إلى وظيفة ..في إحباطه حين عبره الزمن وهو لا يزال يصارع في سبيل تحقيق أصغر متطلباته ..
    ولا يسعني إلا التصفيق إعجابا بهذه القصة ...
    ودمت مبدعا ..


  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية فراس
    مستشار إداري
    تاريخ التسجيل
    06 2003
    المشاركات
    4,009
    قصة في غاية الروعة والابداع
    الاديب مسعد الحارثي شكرا لك ونتمنى ان نراك دائما
    ونكون معك اذانا واحساسا ان شاء الله

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الدانة
    مشـــرفة سابقة
    تاريخ التسجيل
    12 2003
    الدولة
    صامطــــــــــــه
    المشاركات
    705
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    قصة جميلة جداً في مضمونها وصياغتها000 كثيراً ما تحبط انفاس القارئ بأحداثها المتسارعة ووصفها العفوي الدقيق
    بين صفحاتها حملت هموم امة غٌفل عن ابسط حقوقها في ا لعيش الكريم 000

    بها عيب وحيد أو قدلا يكون عيباً بل شيئاً لم يستصغة عقلي واريد توضيحا منك ياكاتبي النبيل لأنني قارئة من آلاف قرائك الافاضل 0
    بطل قصتك كان رجل بسيط ممن يعيشون تحت الصفر او فوقة بقليل
    ريفي وقريتة لم تطلها يد المدنية فكيف تدخل علية تلك المتلفعة باالسواد
    لتكشف عن جسد تلون بالوان المدنية بطريقة خرقاء00
    رغم ذلك ضلت القصة تنافس القصص لتبقى بكل جدارة في المقدمة


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    مع أرق التحايا مع باقة نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي من الجـــوري


    الـــــــدانـــــــــــــــة

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235

    اشكركم

    الاخ جحفان نتشارك في وجع واحد.

    الاخ فراس وجودي بينكم يدخل البهجه في نفسي

    الاخت الدانه اليس من حق هذا المطحون ان يحب, يحلم,يتمنى, يتخيل,يعيش حياته كالاخرين .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •