تكشفت التفاصيل الكاملة لشريط الأحداث الدامية، التي عرفتها جامعة فرجينيا للتكنولوجيا يوم الاثنين الماضي، وأسفرت عن مقتل 32 شخصاً معظمهم من الطلاب، وانتحار القاتل، الطالب الكوري شو سينغ هيو. وطبقاً للمعلومات التي نشرت أو بثت حتى الآن في وسائل الاعلام الاميركية، يمكن تركيب شريط الاحداث كما وقعت بالفعل.
استيقظ سينغ في الساعة الخامسة صباحاً، وخرج من غرفته في الساعة الخامسة والنصف، حيث التقاه أحد زملائه في القسم الداخلي والقى عليه التحية، لكنه لم يرد عليه، واعتبر زميله الأمر عاديا، إذ اعتاد على ان سينغ لا يرد على تحية زملائه ولا ينظر اليهم، بل كان دائماً يخفي وجهه أو يطأطئ رأسه عمداً، حتى لا تلتقي عيناه بعيون الآخرين. بعد ذلك تجول سينغ في مباني القسم الداخلي، ولم يعرف حتى الآن سبب تلك الجولة.
في حدود الساعة السابعة والنصف وفي الطابق الثاني اطلق سينغ النار على شخصين وارداهما في الحال. عاد بعدها وببرودة اعصاب الى غرفته حيث استبدل ملابسه بملابس أخرى، كما استبدل القبعة التي كان يلبسها (كان الطقس بارداً صباح ذلك اليوم وتهب رياح على كل ولاية فرجينيا). ارتدى طاقية سوداء ووضع مقدمتها للخلف، ثم ارتدى سترة شبيهة بالسترات العسكرية وضع فيها بعض الطلقات وارتدى تحته قميصاً أسود وبنطالا بني اللون. شرع في تصوير نفسه بكاميرا فيديو وكذلك التقاط صور فوتغرافية، وقال كلاماً امام الكاميرا وكذلك كتب رسالة تتكون من 1800 كلمة كتبها في 28 صفحة. كانت مجموع الصور التي التقطها تصل الى 43 صورة، من بينها 11 صورة تبينه وهو يشهر سلاحه امام الكاميرا، كما التقط 28 شريط فيديو قصيرا، وكان يستبدل ملابسه في بعض الاحيان. ومن سوء طالع الضحايا انه لم يدخل أحد على سينغ وهو يقوم بذلك في غرفته.
ومن الواضح ان قدرات سينغ التقنية كانت متواضعة إذ انه لم يستطع ضبط اتجاه كاميرا الفيديو وكذلك كاميرا التصوير (هناك من يرجح انه استعمل كاميرا واحدة للفيديو وللصور الثابتة) حيث كان يظهر وجهه احياناً بيضاوي الشكل. وسواء في الكلمات التي كتبها أو العبارات التي قالها امام الشاشة (حذفت بعضها شبكة إن بي سي، التي ارسل اليها الطرد بعض الكلمات البذيئة) فإن سينغ بدا واضحاً انه يعاني اضطرابات نفسية وعصبية شديدة، واقرب ما يكون الى شخص على حافة الجنون. وحتى تعابير وجهه وحركات يديه كانت تدل على ان قواه العقلية ليست على ما يرام.
وكان من بين العبارات التي قالها امام كاميرا الفيديو «لم يكن علي القيام بذلك. كان علي ان اغادر. يمكنني أن أهرب. لم أكن مضطرا لفعل ذلك كان يمكن أن أرحل ولن أهرب بعد الآن. ليس لي، لأطفالي لإخواني وأخواتي فعلتها من أجلهم».. لكنني الآن لا يمكنني الجري. كانت لديكم مئات الملايين من الفرص والطرق لابعاد هذا اليوم لكنكم قررتم سكب دمائي وحشرتموني في زاوية وتركتم لي خياراً واحداً. القرار كان قراركم والآن أياديكم ملطخة بالدماء التي لا يمكن غسلها».
ويقول في مقطع آخر «لم تكن سياراتكم المرسيدس كافية، يا أيها الفاسدون المدللون، ولم تكن قلاداتكم الذهبية كافية يا متعجرفون. ولم تكن ودائعكم كافية، ولم تكن الفودكا والكونياك كافية، ولم يكن كل الفسق والمجون كافيا، لم تشبع كلها حاجاتكم الدنيئة. كان لديكم كل شيء». وفي عبارات أخرى قال: «المسيح يحب صلبي. أنت تحب وضع السرطان في رأسي، والرعب في قلبي، واغتصاب روحي طول الوقت». ومن الواضح من هذه العبارات المفككة، التي تعكس اضطراباً داخلياً، أن سينغ كان قد فقد التركيز حتى حول دوافع المذبحة التي سيرتكبها. وهناك تكهنات بأنه ربما تأثر كذلك بشريط سينمائي من كوريا الجنوبية بعنوان «الولد العجوز»، الذي يحكي قصة رجل سجن ظلماً لمدة 15 سنة، وبعد أن هرب من السجن ذهب الى خاطفيه وهو في سورة غضب واطلق عليهم النار.
ويلاحظ ان من بين اللقطات، التي لفتت الانتباه لقطة يحمل فيها سينغ مطرقة (شاكوشا) وهناك لقطة مماثلة لها في الفيلم. يشار الى ان هذا الفيلم حصل على الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي في كان. بعد ان انتهى سينغ من تصوير الشريط والتقاط الصور وضع كل شيء في غلاف وكتب على الغلاف عنوان شبكة إن بي سي في مانهاتن (نيويورك)، وكتب على الظرف في خانة المرسل اسمه واسم مدينة بلاكسبيرغ، مع عبارة «اشمئيل إكس» وهي العبارة نفسها التي وجدت على ذراعه مكتوبة بالاحمر بعد أن قتل. وعلى الرغم من ان هذا الطرد نقل من بلاكسبيرغ ليلة الاثنين ووصل نيويورك صباح الثلاثاء، فإن تسليمه الى إدارة الشبكة التلفزيونية تأخر حتى صباح الاربعاء، وقالت إدارة البريد إن سبب ذلك هو ان سينغ أخطأ في كتابة الرمز البريدي الصحيح بعد عنوان القناة.
وبعد ان أودع سينغ الطرد في صندوق البريد داخل المجمع الجامعي في حدود الساعة التاسعة ودقيقة، انتقل في حدود الساعة التاسعة وعشر دقائق الى المباني الخاصة بالمدرسة الهندسية في الطابق الرابع، واختار على وجه التحديد الفصل الذي كان يدرس فيه حوالي 30 طالباً اللغة الالمانية، وبدأ باطلاق رصاصات قاتلة ضد الاستاذ في البداية، ثم صوب بعد ذلك سلاحه نحو الطالبات والطلبة، وحين سمع باقي الطلاب إطلاق الرصاص قفز كثيرون من النوافذ، وهو الامر الذي تسبب في جرح معظمهم، ثم في حوالي التاسعة والنصف وجه سينغ مسدسه نحو وجهه وانتحر. وعبرت الشرطة عن أسفها لقرار قناة ان بي سي التلفزيونية الاميركية عرض اجزاء من الشريط الذي كان ارسله القاتل الى المحطة، وقالت ان عرض الشريط او اجزاء منه لم يساعد في التحقيق.
#### الوطواط ####