يكرر كلامه للمرة الثانية لأبنته الصغيرة ذات الثمان سنوات ..
أتركي أخاكِ يا بنت ..لا تحمليه ..سيقع ويتأذى ..
لكن البنت لا تأبه لكلام الأب الذي بدا الدم يغلي في عروقه حتى ظهر متدفقاً في وجهه المتجهم ..ترفع أخاها الذي لم يبلغ عامه الأول بعد , تكاد تسقطه لولا حركة الأب السريعة لتتفادى وقوعه بإمساكه بقبضة يده ..ولتمضي يده الأخرى صافعة وجه ابنته بكل قوة ..حتى تكاد البنت تختنق من الصدمة .
وهي تحاول أن تتغلب على آلم الصفعة الثانية بالبكاء الشديد والصراخ
وأخ لنا آخر يراقب ما يحصل, لم يتمالك أعصابه اعترض على تصرف الأب القاسي المبالغ فيه..
يشجب طريقة الأب الهمجية للتعامل مع الطفلة, على الرغم من كرهه لعناد الطفلة ورفضها الانصياع لأوامر الأب
الأب يبرر تصرفه هذا وطريقة تعامله مع الطفلة أنه جرب معها كل وسائل التفاهم ولم يجد نفعاً معها ..يقول بالدارج من الكلام..
ما يفيد ألا جر الأذن ..!!
يسرد الأب وسائله العقيمة للتربية والتعامل مع الطفلة ..بالحقيقة لم تخرج هذه الوسائل عن الأسلوب الأخير الذي واجه به تصرف الطفلة الطفولي.
هذا الأب ذكرني ببعض الزملاء اللذين يحرصون على تتبع أخطاء الطالب وهفواته وما لديه من سلبيات ليضعو له أدنى الدرجات ..فيتبعون سياسة العقاب فقط ويتغافلون سياسة الثواب ..
لا يبحثون عن ما يمنح له الأمل للنجاح والاستمرار في تحصيله بتحسين المستوى العلمي . بل عما يجعل الطالب يتراجع نحو الخلف يائساً من أرضاء من لا يرضى .لكونه يبحث أصلاً.. عما لا يرضيه منه..!
أنهم يصدق القول عليهم بأنهم يشبهون رجل النظافة الإنكليزي الذي نبه له رجل هندي يوماً قائلاً ..
لا تكن كرجل النظافة الإنكليزي لا تقع عينيه ألا على الأوساخ..!!
فهل أنت رجل نظافة انكليزي ..؟! .. لا ترى إلا عيوب الخلق لتسقط عليها كسفك من سوء التعامل والمعالجة, وسلبية التفاعل مع الآخرين للوصول نحو أفضل مستوى من الأداء حتى ولو تطلب منا هذا التغاضي عن بعض العيوب المرافقة للعمل- والى حين الوصول إلى المستوى الأمثل المنشود-
والتنازل عن حدود وضعناها لتكون كالسياط على أداء الآخرين نجلده بنظرات الاستهجان والتهكم وعدم الرضا من غير أن نحاول أن نبحث عن أفضل الطرق لرفع هذا المستوى الذي لم يعجبنا من الأخر
هل جربت أن تستبدل ما عندك من سياسة عقابية صارمة, لم تعد تفلح بعد لخلق نقلةٍ نوعيةٍ في تصرف احدهم من أولادك و أهل بيتك أو حتى زملاءك وطلابك ..؟ تستبدلها بواحدة أخرى الثواب فيها حافز لتطوير وتحسين السلوك والتصرف ورفع مستوى الأداء ..
أم ما زلت تبيت وتصبح على ديدن واحد من تصرف وتعامل لا يمنح لمن همك أمره الأمان للتغيير والإصلاح