وما دام والحديث قد وصل بنا إلى بر الوالدين نذكر وصية الشيخ الحكيم الذي
جلس في مجلس فرأى أمامه مجموعة من الشباب
فقال لهم بروا آباءكم يبركم أبناؤكم , تلك وصية ربكم,
فالتجربة المتكررة تثبت ذلك إن برا وإن عقوقا ،ماضيا أو حاضرا ،وجد انتظام قاعدة معاملة الابن لولده بمثل ما عامل الولد به أباه ،والقصص في هذا تكاد لاتحصى عن الابن البار أو الابن العاق .
ولعلنا نذكر هنا قصة الرجل الذي كان بارا بوالده ،فلم يترك أمرا مريحا إلا أقدم عليه ،مهما كلفه الأمر ، ولا وسيلة تمنع عنه الأذى والنصب إلا سارع إليها مهما أجهده السعي ،وأضناه الجهد ، وكلفه ذلك من مال .كان بره به وافيا ،وحدبه وعطفه عليه مقدما على كل شئ مهم في حياته .
ودارت الأيام ،وأصبح الابن أبا،وكبر في السن ،وقل جهده ،واحتاج إلى رعاية ابنه ومساعدته ،فوجد في ابنه البار الحنون ماسبق أن زرعه في والده ،مستويا على سوقه،مهيأ للحصد .لقد وجد من عناية ابنه به مافاق عنايته بأبيه ،فدمعت عين الوالد،ولاحظ ذلك ابنه ،وخشي أن يكون قد قصر في حق والده ،وذعر من دمعة والده وأجفل ،وسأل أباه عن أسباب بكائه ،فقال له أبكي لان بعض ما تفعله الآن بي من البر قد فاتني أن أقوم به تجاه والدي . وهكذا جنى الابن ما زرعه من بر في والده ببر ابنه له في كبره
وسنسوق بعد ذلك قصة على العقوق لنرى انتظام القاعدة في معاملة الأبناء للأباء برا أو عقوقا