بالطبع هي ليست في اقتناء المال والثراء, فربَّ ثريٍّ ينعمُ بقدرٍ كبير من التعاسة لايعلمها إلاِّ الله سبحانه وتعالى.....
ربَّما كانت في الراحة والاسترخاء,وفي هدوءِ البال وصفائه,لكن يُرى للمتفرِّسِ الأريب أنَّ حتى من هم يتمتعون بالراحة,لايخلون هم أيضاً من بعض التعاسة التي تلاحقهم هنا وهناك...
أظنُّ أنّهاَ توجدُ في التقرب من الناس,وفي الاختلاط بهم والأُنسِ بمحادثتهم, فربَّما أسَّستَ صداقةً مع أحدهم أزالت عنك بعض عنائك.....
لكن...ربَّما ارتاح هو الآخر لك,فأفضى إليك بعضَ الذي يجدُه,فأفضيت أنت بهمومك أيضاً وما تجدُه,وسرعان مايتحولُ الأنسُ بالناسِ إلى شكوىً للهمومِ وبوحَ أسرارٍ,يفضي إلى قدرٍ من التعاسة لابأسَ به.....
أعتقد أنها تكمن في الوحدة,وفي الانعزال التام عن الحياةِ برمَّتها,إلى جلَساتِ التأمُّل في كون الله الفسيح, الذي لايخلو من آيةٍ أو عبرةٍ أو عظة...
لكن,سرعان ماينتهي تأمُّلك البعيد إلى حديثٍ مع الروحِ طويل,وعتابٍ من الضميرِ للنفس على أتفهِ الأسباب,
فينتهي بك الحال إلى قدرٍ كبيرٍ من الاكتئاب والقلق,جرَّاءَ وحدتك التي تهديك بدورِها قدراً لابأسَ به أيضاً من التعاسة,,, ,,,
إذاً....فالسعادةُ شيءٌ لايشترى بالمال, ولا يكمُنُ في الراحةِ والهدوءِ والاسترخاء,ولايمكن أن توهبَ جرَّاءَ المؤانسة بالناس والاختالاط بهم,كماأنَّها لاتُلتمسُ وأنتَ تنضوي تحتَ ليلِكَ منعزلاً,,,,,
السعادةُ....ليست كما يعتقد البعضُ بأنَّها كنزٌ بعيدٌ, في أماكن مجهولة, فيجدونَ مايجدونهُ في رحلةِ بحثهم عنها, متشبِّهين بذلك القرصان الذي ذهبَ إلى تلكَ الجزرِ البعيدة, زعماً منه بأنَّهُ سيجدُ كنزَهُ المجهول,فعادَ من رحلةِ أوهامهِ, لكنَّهُ عادَ يحملُ ساقاً واحدةً معَ الأسف....,,,,
فحذارِ من التنقيبِ في مناجمِ الحياةِ المجهولة...
لقد كانَ أسلافُنا في زمنٍ ليسَ بالبعيد, يتمتعونَ بقدرٍ كبير وكبير جداً من السعادة, بالرغمِ من شظفِ العيشِ, وقلَّةِ الحيلة....
تُرى ماسِرُّ تلكَ السعادة...؟
وكيفَ حصلوا عليها...؟
قلبي يُنبِئُني بأنَّهم كانوا على قدرٍ كبيرٍ من الاتصال باللهِ سبحانهُ وتعالى,ذلك الاتصال الدائمِ بذكرهِ سبحانه,الذي يهبُ ا لسعادةَ الأزلية,وبالتالي هم في منئىً بعيدٍ عن الضنَك, الذي هو عكسُ السعادةِ تماماً...
الضنَك الذي توعدَ به اللهُ سبحانهُ وتعالى من أعرضَ عن ذكره, وَوَعدهُ الحق.
قال تعالى:{ومن أعرضَ عن ذكري فإنَّ لهُ معيشةً ضَنكا}....
أخيراً.... اِ علم أنَّك سعيد عندما يأخذُ نفسُكَ دورةً كاملةً في صدرك, فتنشرحُ لذلك, وتطفو على مُحياك ابتسامة.