السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للمره الثانية أكتب هنا .. الأولى مرت بسلام .. وهذه الثانية واترك الحكم لكم
البداية...
كثير من الأحلام اللي نشوفها في المنام نلاقيها تتحقق في حياتنا بشكل أو بآخر.. ولما تصير لنا بعض الأحداث نحس اننا شايفينها قبل كذا ...
مرات ومرات صار لي زي كذا .. لدرجة اني اذا حلمت حلم.. اقعد انتظر حتى يصير شي يوافقه واغلبها يحصل بعد يوم أو يومين.... ويوم من الأيام شفت حلم غريب.. ومخيف في نفس الوقت.. شفت اني شايل راسي بين يديني وهارب من الناس.. وكان فيه ناس كثير يطاردوني.. بعدين حسيت ان راسي ثقيل :D ورميته واستمريت أهرب..
ومن يومها وأنا انتظر يصير لي شي يوافق هذا الحلم.. ومتخوف حيرة:
القـصـــة
من يوم كنت صغير كانت أمي دايم تخاف على اخواني مني وتخاف علي من نفسي.. كنت مجنون.. وكانت فترة مراهقتي مّـتعبة بالنسبة لها ومقلقه .. خلالها توفى والدي .. وكانوا كلهم يبكون.. أمي.. أخواني.. كل قرايبنا.. الا أنا.. مابكيت.. صح حزنت.. بس مانزلت دمعتي
كان عندي مفكرة جيب صغيرة.. أحياناً أكتب فيها بعض الخرابيط.. يوم توفى أبوي كتبت فيها : الاربعاء 20 /11/1419هـ
توفى أبويه.. بداية حرب الزمن عليّ ..
بس مابكيت.. ولا لي نيه أبكي..
كنت عصبي ودمي حار.. اذا عصبت وتنرفزت أنقلب شخص ثاني.. أو بالأصح وحش على شكل انسان مايهمه الا الانتقام فقط..
اذا ناظرت للمرايه وانا بهذا الوضع أشوف شخص ثاني.. مهو أنا..
في يوم من الأيام طلعت من البيت متنرفز ومتضايق ولقيت ولد جارنا اللي دايما اتضارب معه.. سبني بكلام كثير وانا كذلك.. تضاربنا وطلعت عن طوري... وقتها انقلبت للشخص الثاني وفكرت في الانتقام بس المرة ذي بشكل مجنون!.. تركته ودخلت البيت.. قابلت أمي وشافت عيوني.. مسكتني : عبادي مالك مالك!!!!
كانت عارفة من عيوني اني ناوي على شي!.. شي كبير.. ويخوف.. ما اعطيتها بال.. طلعت لغرفتي.. خطرت لي فكرة جهنميّــة.. أخذت مفتاح السيارة وطلعت.. لقيت ولد جيراننا جالس عند باب بيتهم.. جيته وقلت له : بسرعه بسرعه اركب ابوك صار له حادث في آخر الشارع.. ركب بسرعة من غير تفكير..
على باله ان المضاربه بين أولاد الجيران ماتمنع انهم يوقفون مع بعض وقت المصايب
مشيت بالسيارة ولاقلت ولاكلمة.. كان يسألني : وش صار على ابويه؟ فين الحادث؟ مع مين؟؟
ماكنت أرد عليه أو التفت له.. طلعت من المدينه.. ورحت لمكان بعيد عن الناس والعمران.. وقفت السيارة.. ناظرني وقال : عبادي وش فيك؟ ليش جايبني هنا؟
شاف قبرة في عيوني.. قام يترجاني.. يبكي.. يصرخ.. طلّـعت سكين.. وطعنته في صدره ثلاث أو أربع طعنات![]()
في هذا الوقت كنت اناظر لمراية السيارة.. وكنت اشوف عيون مهي عيوني.. وشخص مجرم مهو أنا
اخفيت الجثة ورجعت البيت تعبااااااااان.. نمت نومة طويييييييلة.. لكن قبل لاأنام أخذت المفكرة وكتبت فيها :
(( السبت 21/ 11 ... قتلت ولد جيراننا..
بداية حربي مع المجتمع.. مع العدالة.. مع نفسي والناس..
أدري بتجيني أيام صعبة.. ولكن ماراح أتأثر
بعد عشرين ساعة نوم كانت أمي تحاول تصحيني .. صحيت من النوم وقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. امي انا شفت حلم غير طبيعي..
قالت : عارفة احلامك كلها تتحقق ومصايب الله يستر منك.. قوم قوم توضى وصلي ركعتين الله يصلحك ... وراحت للمطبخ..
دخلت عليها في المطبخ.. وقتها كان اخويه الصغير يحكي لها عن ولد جارنا اللي مات ولقوا جثته ... مسكتني من ثوبي وجلست تنفضني بقوة وهي تقول : انت دخلت علي زعلان اخذت مفاتيحك وطلعت.. فين رحت؟؟ لاتكون انت؟؟ علمني عن الحلم اللي شفته؟ ادريبك مجنون..
قلت وانا ابعد يديها بشويش عن صدري: الله يهديك ياولده وش ذا الكلام معقولة أنا أقتل؟
(بيني وبين خاطري أتذكر اني سويت شي.. بس لا.. مستحيل.. اللي شفته أنا كان حلم)
بعد عدة أيام تم القبض علي بتهمة القتل العمد لولد جارنا.. طلعت من البيت وأنا واثق من برائتي وان فيه شي غلط في الموضوع.. بدا التحقيق معي.. وكانت كل الأدلة ضدي.. وبعد فترة لقيت نفسي أعترف بكل شي.. رغم عدم اقتناعي بواقعية اللي حصل
زارتني أمي بعد ثلاثة شهور سجن.. دخلت علي.. كانت هزيلة وكبرت عشر سنين من الحزن والهم.. قرّبت مني .. ضمتني بقوة.. قالت وهي تبكي : حاولت أصحّـيك.. ماقدرت .. ضميتها بقوة.. ضمّــة كانت هي اللحظة الوحيدة المحسوبة في حياتي كإنسان يبكي:
سألتها ايش اخباركم ؟ بعدي ايش مسوين؟
قالت ودمعتها على خدها: حالتنا بعدك صارت دمار.. ماعاد أحد زارنا.. ولا أحد جانا.. أخوانك كلهم صاروا منبوذين في المجتمع.. وفصلوا أخوك من الجامعة.. وأختك ماتت من شهر.. و و و يبكي:
كانت تسولف وتسرد لي المآسي والمصايب وأنا عيني فيها وتفكيري بعيد.. يمكن كنت أهرب من سماع هذه الأشياء لأنها كلها بسببي .. بس الشي الأكيد اني وقتها كنت أفكر كيف القى فرصة عشان أنتقم..أنتقم لنفسي وأهلي.. أنتقم من الناس من المجتمع أنتقم من الدنيا.. أنتقم من أي شي وأي أحد بس أنتقم غضب:
غادرت أمي وهي تقول .. كنت دايم أخوّفك من أحلامك.. من وانت صغير وأنا عارفة كل شي يصير لك وساكتة..
راحت وكلماتها تتردد في مخيلتي.. طلّـعت المفكرة
كتبت:لأحد 23/ 7
ما أ قسى الزمان.. وما أنذل الناس في حربهم ضدي.. ليش يهاجمون عائلتي اللي مالها ذنب!!
حربي ضدهم مستمرة.. رغم خسارتي لجميع المعارك الى الحين!
لكني قوي منا ضعيف.. أنا أقوى من كل الظروف والمصايب.. ليش ما أنتصر....
كانوا كل المساجين ساعات يضحكون ويسولفون.. ساعات كل واحد في زاوية ويبكي حاله.. ساعات متجمعين وكل واحد يسولف للثاني عن همومه وخوفه على عائلته وأهله..
الا أنا كنت طول الوقت واقف وماسك القضبان الحديدية بيديني بقوة.. وأناظر قدام.. أناظر نظرة الغاضب الثائر.. استحقر كل اللي في السجن واشوف انهم مجرمين وأنا لا... أنا ماسويت شي..
طلعت المفكرة من جديد
كتبت:لاثنين 26/ 8
ما أضعف الناس ... يبكون اذا صارت لهم مشكلة ويشكون لبعض.. وينهزمون أمام الزمن
بس أنا لا.. ماراح تنزل لي دمعة.. وسأستمر في حربي ضد الزمن وأهله
يوم من أيام سجني الكئيبة الرتيبة.. نادوني وودوني لمسرح الجريمة للمرة الخمسين عشان أعيد تمثيل اللي صار.. بس المرة ذي كانت الأخيرة حسب ماقال لي العسكري..
قال لي : الشي الوحيد اللي ماشفته منك من بدّ كل المساجين اللي شفتهم في حياتي.. اني ماشفت دمعتك من يوم دخلت السجن.. ومتشوق اشوفها يوم تنفيذ الحكم فيك.. بعد بكرة
مارديت عليه.. رجعت السجن.. طلعت المفكرة
كتبت:الثلاثاء 20 / 10
حتى العسكري في السجن مشتاق لشوفة دمعتي
ما أتفه الناس وما أبغضهم.. لكن هيّــن..
والله ثم والله مايشوفون دمعتي..
أنا عارف ان حربي مع الزمن انتهت بخسارتي..
ومافيه إنسان راح يكسب حربه مع الزمن.... بس مستحيل اعترف بالهزيمة.. ودمعتي ماراح تنزل أبد...
بعد يومين.. اليوم الموعود.. ودوني للساحة اللي فيها تنفيذ الحكم .. كان راسي مغطى.. وكان بيدي اليمين موس.. وبيدي اليسار المفكرة
كنت أمشي مشية الواثق.. ناظرت للجموع اللي حظروا عشان يشهدون مقتلي.. أغلبهم كانوا يرددون هتافات المقت واللعن والسب.. :أقتلوا المجرم.. اذبحوه.. أخيرا سيموت السفاح
شالوا الغطاء عن وجهي ونظرت نظرة أخيرة للحاضرين.. شفت أمي وأخواني واقفين في طرف المكان.. كانت أمي حاطة يديها على فمها.. وأخويه حاط يده على كتفها ويحاول يتطاول يشوفني من فوق الناس.. كانت اختي الصغيرة تناظر لامي وتناظر للناس ولاتدري عن شي...
كان الموقف حزين.. مؤلم.. قاتل.. كادت دمعتي تنزل.. لولا إني حبستها.. الشي الوحيد اللي كنت أتمناه وقتها ان أمي.. أخواني.. أهلي.. جيراننا.. وكل الناس..
يعرفون شي واحد بس..
اني برئ وان اللي صار.. مجرّد حلم.. والله حلم
بديت في قطع وريدي بالموس اللي بيدي.. كانوا كل العالم ساكتين
هدوووء عجيب.. صوت تلاوة الحكم تقتل الهدوووء ورهبة المكان.. قطرات الدم تزايدت عند رجولي
بديت أحس بالدوار.. وماقدرت اسمع بقية الحكم..
بمجرد ما انتهى من تلاوة الحكم.. وقبل التنفيــذ.. سُــمع صوت ارتطام جسمي بالأرض.. صرخة من أمي تملاّ المكان..
هدووء رهيب يرجع مرة ثانية.. قربوا مني مجموعة منهم.. شالوني..
وقتها طاحت المفكرة من يدي..
في هذه الأثناء جات رياح خفيفة.. فتحت أوراق المفكرة.. ورقة ورقة
واستقرت على الصفحة الأخيرة التي كانت فارغة.. الا من عنوان كتبته قبل أجي (الخميس 22 / 10)
قطرات من الدم كتبت بخطّ واضح في هذه الصفحة الأخيرة:
(( انتحـــــــر عصيّ الدمعـــــة))
انتهت
رسالتين قصيرة ألخص بها ما أريد قوله :
إلى عالم المخطئين:
سأنصّـب نفسي محامياً ومدافعاً وأباً وروحاً لكم..
عيشوا حياتكم.. ولاتدعوا هذا المجتمع الظالم يحطّـم كيانكم لمجرد خطأ اقترفتموه في.. "لحظة حلم"..
إلى عصيّــي الدمعة:
دعوا دموعكم تنزل.. لا أطالبكم بالبكاء!..
ولكن إذا أتت الدمعة.. فلاتحبسوها.. وحسب
عبـــــــــــــــــــــادي