يوسف حمادي- الرباط ..الخميس 29/06/1429هـ ) 03/ يوليو/2008 العدد : 2573
كان مرتبكا لا يقدر على تناول فطور الصيام الذي وضعه أمامه الضابط، كان متأثرا بتداعيات ارتكابه جريمة قتل شنعاء وسط السوق البلدي لمدينة " الزمامرة " المغربية. فبعد مطاردة هوليودية وسط الفدادين، سلم الجاني نفسه لرجال الدرك الذين حرروا له محضر ارتكاب جناية قتل اعترف الجاني بارتكابها في شهر رمضان المعظم.. اقتيد المدمن القاتل بالأصفاد صاغرا إلى المحاكمة للحكم عليه بالسجن مدى الحياة . فكيف كانت فصول جريمته التي استنكرها سكان المدينة الصغيرة (الزمامرة)؟
انفعال سريع
يقر ( س . محمد ) في محضر رجال الدرك الملكي بمدينة " الزمامرة "، أنه ارتكب جريمة قتل يوم جمعة من شهر رمضان المعظم، الجريمة التي لم يع نتائجها إلا بعد سقوط المجني عليه ( ف . عزيز ) صريعا مضرجا في دمائه وسط السوق البلدي وسط المدينة الصغيرة، وبعد ذلك سيعترف الجاني أنه مدمن حشيش ومخدرات، وأنه في شهر الصيام والقيام يتجنب الخروج إلى المجتمع نهارا لأنه سريع الانفعال، لدرجة لا يستطيع معها التعامل العادي مع الناس لأسباب يدعي الجاني أنه يجهلها، وهي في الحقيقة ناتجة عن ردود أفعال سلبية من أثر تعاطيه المخدرات .
يحكي المدمن القاتل، أنه في يوم وقوع الجريمة خرج من بيته بحي سوق " شطيبة "، وذلك بعد إلحاح زوجته عليه الخروج إلى السوق لشراء علبة طماطم مركزة وبعض ما تحتاجه أسرته، المكونة من ثلاثة أفراد وكلب من فصيلة كلاب " الذئب "، من حاجيات إعداد الإفطار الرمضاني، لكن الجاني، وبينما كان يهم بالدخول وسط دكاكين السوق البلدي لشراء الموصى به من طرف زوجته، نادى عليه " عزيز " مطالبا إياه الإيفاء بما في ذمته من دين مالي، لكن مدمن المخدرات لم يستطع التعامل مع المشكل بحكمة وتبصر مثلما يتعامل الأسوياء، بل سرعان ما انفعل المتعاطي بشدة مع طلب عزيز، لدرجة رفض معها حتى التحدث إلى مقرضه .
رمضان كريم
يقول القاتل لضابط الدرك الملكي بعد القبض عليه، أنه كان يوم الجريمة يمشي بين دكاكين السوق البلدي لشراء علبة طماطم مركزة لإعداد " الحريرة " المغربية، إذا بالمجني عليه، الذي كان يجلس أمام دكان ابن عمه " بلعيد "، يوقفه مطالبا إياه بماله الذي اقترضه الجاني منه صيف العام الماضي، لكن القاتل، وبطريقة سيئة، اعتذر لعزيز عن عدم وجود المال معه، فزاد عزيز في إلحاحه مطالبا بماله، ورد منفعلا، ناكرا محمد ما لعزيز عنده من دين، غير أن هذا الأخير اخذ يصرخ وسط السوق : (( لص يا عباد الله .. سارق مال الناس)) . فدفع عزيز إلى الخلف محاولا صده عما يريد القيام به من محاصرة له واحتجاج عليه . وفي هذه اللحظة الحامية، استغل عزيز وجود ابن عمه إلى جانبه وبعض معارفه ليقوم بلطم محمد على خده، غير أن تدخل المارة أنهى النزاع بسرعة، خصوصا أن من المارة من أخذ يعظ المتنازعين بما لشهر رمضان من كرامات، وأن السباب فيه من مبطلات الصيام وضياع الأجر، معددا ما يجب على الصائم المسلم القيام به عند الغضب لكن عظاته لم تلق اذنا صاغية اذ سرعان ما استل الجانى سكينا وانقض بها على المجنى عليه ليرديه قتيلاً.
الفرار للفدادين
واعترف الجاني لحظة القبض عليه من طرف رجال الدرك الملكي بعد مطاردة هوليودية وسط الفدادين المجاورة لمدينة " الزمامرة "، أنه لم يكن يفكر في قتل الضحية، أو حتى إصابته، مدعيا أن القتيل استفزه حين مطالبته له بإعادة قرض مالي في ذمته، لكن ما زاد من استفزازه، يضيف القاتل، هو استهانة الضحية به ولطمه على خده أمام الجمهور، معتبرا ذلك سلوكا مهينا له وتقليلا من رجولته، فهرع إلى مجزرة الدجاج المجاورة لمسرح الجريمة، ومن فوق منضدة أحد الجزارين، استل الجاني سكينا حادا وعاد مسرعا إلى حيث عزيز، ودونما أن يفطن هذا الأخير بعودته الانتقامية، أداره نحوه بقوة حتى التقت العين بالعين، ثم طعنه على مستوى القلب فأرداه قتيلا .. وقبل أن يكتظ المارة بمكان الجريمة، فر محمد نحو الفدادين المجاورة للمدينة، وهناك مكث يومين متتاليين جائعا يفكر في مصيبته التي جناها على نفسه .
وفي اليوم الثالث لفرار القاتل، وحوالي الساعة الثالثة ظهرا، أخبر أحد المخبرين رجال الدرك بأن قاتل عزيز يوجد في الفدان الفلاني . وبعد مطاردة هوليودية وسط الفدادين ومسالكها الوعرة ألقي القبض عليه.
وبعد إقراره واعترافه بارتكاب الجريمة، قُدم الجاني إلى المحكمة أمام قاضي التحقيق فاعترف أمامه بارتكابه جناية الضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض المفضي إلى الموت، الجناية التي يعاقب عليها القانون المغربي بالسجن مدى الحياة . فندم القاتل عما اقترفته يداه من جرم، وقد شوهد داخل سيارة تقله إلى السجن يبكي من شدة الندم.