التراويح.. تجوز في البيوت لكنها في المسجد أفضل
بقلم: فضيلة الشيخ أ. د. صالح السدلان
لا يخفى على أحد ما للتراويح من أهمية كعبادة جليلة فاضلة لا يستغني عنها صائم في هذا الشهر إكمالاً لصيامه وتصديقاً لقدوته ونبيه - صلى الله عليه وسلم - القائل: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه". وهذه الصلاة تحتاج لمعرفة ودراية، معرفة بأحكامها وكيفيتها حتى تؤدى على وجهها الأكمل ومن ثم تكتمل المنفعة وكل ما شرعت من أجله من أوجه الخير.
صلاة التراويح
سنَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي شرع التراويح، لكنه كما لا يخفى عليكم أنه في الليلة الثالثة لم يسع المسجد المصلين، في بعض الروايات أنه لم يخرج إليهم تلك الليلة، وفي صلاة الفجر أخبرهم بأنه احتجب عنهم خشية أن تُفرض عليهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حريص كل الحرص على أمته وما ينفعها، فجمعهم سيدنا عمر بن الخطاب في عهد خلافته على إمام واحد بعد أن استشار بعض كبار الصحابة. والتراويح سنّة سنّها النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث يقول: (شرع الله لكم صيامه وسننت قيامه)، إذن الذي شرعها هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما عمر - رضي الله عنه - فهو مجدد، جدد ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه انتفت مسألة الخوف، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - تركها خشية أن تُفرض على المسلمين، فهي سنّة مؤكدة ومن شعائر الإسلام.
"ومن كان له مسجد فليصل في المسجد الذي يليه" ولا داعي للتنقل بين المساجد. صلاة التراويح تؤدى في المساجد، لكن لو صلاها المرء في بيته جاز له ذلك لأن الأصل أن النوافل تُصلى في البيت والفرائض في المسجد، لكنها صلاة تُشرع لها الجماعة فيكون أداؤها في المسجد مع المسلمين أفضل من صلاتها في البيت بينما الراتبة تصلى في المساجد.
ركعاتها
بعض الناس يأخذون بقول غير معتمد عند أهل العلم وهو أن الإحدى عشرة ركعة واجبة، سبحان الله والصلاة كلها ليست واجبة، فبعض الناس في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي إذا صلوا عشر ركعات خرجوا، كأن الذي يُفعل بعد ذلك منكر، هو ليس بمنكر، هل عمر - رضي الله عنه - والصحابة يجهلون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى إحدى عشرة ركعة، لا يجهلون هذا الأمر لكنهم رأوا أن في هذا سعة ولهذا جاءت أقوال أهل العِلم إحدى عشْرة، ثلاث عشرة، خمس عشرة، تسع عشرة، ثلاث وعشرين، تسعاً وثلاثين، كل هذه قال بها أهل العلم وبعضهم قال إحدى وأربعين، كلها قال بها أهل العلم.
لماذا سُميت تراويح؟
نحن في وقتنا هذا نسميها تراويح لأنها تشبه ما كان عليه السلف، لكن لماذا تسمى تراويح؟ تسمى تراويح لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطيل بهم الصلاة في الليالي الثلاث وكانوا يستريحون بينه، وأدركت وأنا صغير يصلون صلاة طويلة ثم يستريحون وتأتي القهوة والشاي ويشربون ثم يصلون تراويح أيضاً ثم يستريحون ثم يصلون، يعني ينتصف الليل وهم في التراويح، يصلون ثلاث وعشرين ركعة يستريحون قبل الشفع ويستريحون بعد الرابعة ويستريحون بعد الثامنة وهكذا. المقصود أنها تُسمى تراويح لأنهم يطيلون وقال بعضهم: "حتى كاد يفوتنا الفلاح" ما هو الفلاح؟ هو السحور، ويكون بينها وبين الفجر قدر خمسين آية والسحور بركة وفائدة لذا نحرص عليه "تسحروا فإن في السحور بركة" "الفرق بيننا وبين أهل الكتاب أكلة السَّحر" و"إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين"، كلها خيرات وبركات تفوت على الذين يهملون هذه السنّة.
حكمها
حكمها سنّة، سنَّها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كتب الله لكم صيامه وسننت لكم قيامه" إذن الذي شرع التراويح هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما عمر فهو مجدد، جدد ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يعد هنالك خوف، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - تركها خشية أن تفرض أما في عهد عمر فقد انتهى التشريع. إذن حكم التراويح أنها سنّة وهي من السنن المؤكدة ومن شعائر الإسلام، التراويح من شعائر الإسلام وعلى المسلمين أن يحيوا هذه الشعيرة ويصلوا في مساجدهم وهنالك بدع ارتبطت بهذه الشعيرة وهي بدعة التنقَّل بين المساجد، وهناك من يكرر الآيات مرة واثنتين وثلاثاً، يا أخي لا تردد، صليت مع إمام قرأ إحدى عشرة آية وأعاد ثلاث عشرة مرة، من شرع هذا؟ وكل هذه من البدع التي أقرها الناس "من كان له مسجد فليصل في المسجد الذي يليه"، ومن أراد أن يذهب إلى مسجد آخر يستأذن من إمام المسجد ومن المؤذن ومن أعيان المصلين وهذا حكم شرعي وترك مسجدك من الأمور المستنكرة، هنالك مساجد مشهورة بإمام ذي صوت حسن يذهب الناس إليه عشرات الكيلومترات في الزحام ويصل وربما فاتته الفريضة كلها أو بعضها أو حتى تكبيرة الإحرام وتدرك هذه التكبيرة بالوقوف في الصف أثناء تكبيرة الإحرام. عبدالله بن عمر عندما فاتته الصلاة في الكوفة، صلى هذه الصلاة سبعاً وعشرين مرة. فالتراويح سنّة مؤكدة وينبغي المحافظة عليها، فأجرها عظيم. فقد سنّها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرنا بثوابها العظيم بقوله: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه"
دعاء القنوت
القنوت متى يكون؟ القنوت لا يكون إلا في النوازل وفي أي صلاة يقنت؟ قالوا في صلاة الفجر، وقال بعضهم في صلاة الفجر والمغرب وقال بعضهم في كل الأوقات. القنوت بعضهم قال إنه خاص برمضان وقال بعضهم في النصف الأخير من رمضان وقال بعضهم إنه يقنت كل السنة وهذا هو الراجح.
وعن دعاء القنوت قال بعضهم إنه لا يقنت إلا بالدعاء الذي علَّمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعضهم قال لا يقنت إلا بالدعاء الذي علمه أو قدّره من الأدعية، وبعضهم قال لا يقنت إلا بالأدعية القرآنية أو النبوية أي لا تأتي بدعاء من عندك. ويكون دعاء القنوت بقدر الفاتحة والسورة وهذه أقوال، أو الفاتحة والإخلاص.. الآن انظروا يقول أحدهم: صارت مساجدنا دعاء وصراخ وأدعية ما أنزل الله بها من سلطان. بعض المساجد فيها أئمة بسطاء يكاد بعضهم يبطل صلاة المسلمين ويأتون بألفاظ غريبة من كلام الناس.
كلمة حول المسلسلات
كل ما يُضَيع الوقت لا ينبغي للمسلم، وإذا كان هذا الشيء وهو مباح يضيع عليك ما هو سنَّة فهو خطأ ولو كان مباحاً فإذا كان غير مباح لأشياء أو محاذير، لأشياء تمس العقيدة، لأشياء تمس العبادة، لأشياء تمس الأخلاق أو الدين بصفة عامة، فيحرم الاستماع إليها والنظر إليها وعلى كل حال من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها، وكثير من الناس تفوته تكبيرة الإحرام وأحياناً تفوته الصلاة كلها من أجل أن يسمع ذلك الصوت.
|
 |
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبض القلب
