بسم الله الرجمن الرحيم
نستعرض من كيمياء الحب
الحب بالشم:
أولاً : في معرفة حاسة الشم:
نقول يا لها من رائحة جميلة!
حالة شعورية نعبر عنها مرارا دون أن ندرك، أن الوصول إليها، كان عبر مسار عضوي معقد ودقيق. كل ما نعلمه أن أنفنا استطاع أن يخبرنا بنوع الرائحة، فعبرنا بلساننا عن هذا الإحساس. لكن بيولوجيا الدماغ تقول شيئا آخر.
صحيح أننا نشم بأنوفنا، وتحديدا بالقسم العلوي من الانف ، فلو نظرنا إلى جدار الانف الداخلي لوجدنا فيه ثلاث قطع عظمية مغلفة بغشاء مخاطي يعلو بعضها البعض وتسمى القرينات ، وهي تشترك في عملية تسخين الهواء أثناء مروره بالأنف ، فإذا نظرنا إلى ما فوق القرين العلوي رأينا المنطقة الشمية. فيها تتوزع ألياف العصب الشمي بعد أن تجتاز سقف الأنف من خلال صفيحة مثقبة كالغربال هي الصفيحة الغربالية.
يتم التمييز بين الروائح عن طريق خلايا متخصصة تسمى المستقبلات. وهي خلايا أو اجزاء خلايا، وظيفتها استقبال معلومات. يمكن تشبيه عملها بعمل هوائيات صغيرة حساسة جدا.
ترسل تلك الخلايا معلوماتها عن طريق الأعصاب إلى الهيبوتالاموس ، وهو المسؤول عن الجوع، والعطش، والمشاعر والانفعالات بكل انواعها. هناك يتمركز مستودع الروائح، قي شكل أكبر ذاكرة شمية.
وإذا كنا نسلم بأن الرائحة تفتح شهيتنا إلى الإقبال على شيء أو الإعراض عنه، حسب طبيعتها، فكيف تقودنا إلى الوقوع في الحب؟
ثانياً :حب بطعم المسك:
لحاسة الشم حضور مميز في شعر الحب العربي، من خلال الإصرار على تقديم المحبوبة وقد تضمخت عطرا، وفاحت طيبته، وتعداد أنواع العطور والمواد العطرية، والمفعول السحري الذي يتركه في الذات العاشقة:
يقول المتنبي :
وفَتّانَةَ العينيْنِ قَتّالَةَ الهوى ... إذا نفَحَتْ شَيخاً روائحُها شبّا
هنا يقول ان المرأة الساحرة، ذات العينين الفاتنتين، والحب القاتل، تستطيع أن ترجع للشيخ شبابه إذا نفحته بروائحها العطرة.
للحب رائحة،
وللمحبوبة عطر يميزها،
ليس في حضرتها وحسب،
بل وفي غيابها أيضا،
تماما كملامح وجهها:
يجن شوقا فلولا أن رائحة ... تزوره في رياح الشوق ما عقلا
وهنا يقول أنه لولا رائحة الحبيبة لجن شوقا لبعده عنها.
ومثل هذا البيت قول العباس بن الأحنف:
هاجت لي الريح منها نفح رائحة أحيت عظامي وهاجت طول تذكاري
أما مجنون ليلى فيجد رائحتها في الثياب التي ترتديها:
فما مس جنبي الأرض إلا ذكرتها وإلا وجدت ريحها في ثيابها
ما نوع تلك الرائحة؟
يجيب بشار بأنها رائحة المسك والريحان:
يذكرني الريحان رائحة التي ... إذا لم تطيب وافق المسك ريحها
من خلال هذه الشواهد يتبين أن رائحة الحبيب لم تكن ذات مفعول حضوري فقط، بل هي ذات ذاكرة قوية.
علاقة الشم بالذاكرة التي تحدث عنها الشاعر العربي. أيدها العلم مؤخرا، فأنت لا تستطيع أن تشم إلا إذا استدعيت تلك الرائحة في ذاكرتك أولا.. أو بكلمات أخرى فإن ذاكرتك تنشط بالرائحة..
ثالثا: الحب بالفيرومون:
قد يبدو متعذرا لكثير من المحبين إقناعهم أنهم سقطوا صرعى الحب بأنوفهم،
ليس لأنهم تأثروا بروائح طيبة، وإنما بسبب جزيئات دقيقة، لا رائحة لها،
جعلتهم يركضون خلف حبيباتهم.
وتستطيع نظرية الحب بالفيرومون،
أن تثبت لهم تورط أنوفهم في مصابهم، وإن كان الموضوع لم يحسم بعد.
فكيف نحب بالفيرومون؟
يقول أصحاب هذه النظرية إن الإنسان على غرار الثدييات والحشرات يفرز جسمه مواد كيميائية،
تستطيع أن تثير اهتمام الآخرين من الجنس المقابل، وتحرك رغباتهم، عبر توظيف حاسة الشم وتحديدا بعضو صغير جدا في المخاط الذي يغلف الجزء العلوي لتجويف الأنف.
يلتقط هذا العضو تلك المواد ثم يبعث بها إلى الهيبيتالاموس لاتصاله المباشر به، مركز إحساساتنا في الدماغ. هناك يتم البحث في مضمون الرسالة، وإذا لم تكن هناك موانع يطلق الدماغ إشارات الموافقة باستنفار جهازه الهرموني.
تسمى المواد العضوية المتنقلة بين الطرفين الفيروموناتLes Phéromones وهي مواد كيميائية يفرزها جسم الإنسان من خلال جهازه التناسلي و إبطيه وحلمتيه، وجلدة رأسه. وهي مواد لا رائحة لها، ولكن الدماغ يستطيع قراءة مضمونها والتعليق عليها بسلوكات الموافقة أو الرفض. فلكل فرد فيروموناته الخاصة، التي تحدد تكوينه العضوي، وانتماءه الاجتماعي.
يعود الاهتمام بموضوع الفيرومون إلى 1911 مع أبحاث جون هنري فابر حينما عمد إلى وضع إناث الفراشات في قفص، بينما وضع الذكور على بعد 5 كلم. وبعد لحظات وجد الذكور قد اقتربت من القفص. فاستنتج أن هناك مادة كيميائية أرسلتها الأنثى لاستدراج الذكر. فكانت هذه المادة هي الفيرومون.
في سنة 1959 وضع العالمان كالسون ولوزبر مصطلح الفيرومون، مركبا من جذرين إغريقيين: hormon إثارة و pberain نقل. وقد وضعا له التعريف اللتالي:
الفيرومونات مواد يفرزها أفراد ليستقبلها أفراد آخرون من نفس النوع، لإحداث استجابة محددة، أو موقف أو تحول بيولوجي.
وتعتبر الفيرومونات أدوات التواصل الأساسية بين الحشرات والحيوانات، فبواسطتها تستطيع اختيار شريكها الجنسي، والتعايش بينهما. وقد أخذ العلماء فضول البحث في جسم الإنسان ودماغه إلى التوصل إلى استجابات مماثلة بفعل الفيرومونات، فقامت تجارب كثيرة في الميدان أكدت أن الإنسان لا يشذ عن الحيوان في توظيف أنفه أثناء اختيار شريكه.
وتجدر الإشارة إلى أن استغلال تظرية الحب بالشم لأهداف تجارية خلقت اتجاهين متناقضين في البحث العلمي،
اتجاه أول تحمس لها ودافع عنها، مستفيدا من أرباح الشركات.
وفي الاتجاه الاخر نجد باحثين رافضين بتاتا لمثل هذا الاستغلال العلمي،وهم بدورهم يستبعدون مطلقا أن يكون لذلك العطر أي دخل في ذلك.
>>>>>>> الى هنا ينتهي الحب بواسطة الشم<<<<<<<<
وللحديث بقيه
في الحب بواسطة النظر
دمتم بود
وصباحكم فل وَ ورد وَ ياسمين