بإيجازٍ مُـسْهـب !
أو ..
بإسهابٍ موجز !
.:.:.:.:.:.:.
اعتاد البحر .. في كلِّ مسـاء .. أن ينتظرني ..
لأغسله بأوجاعي و همومي مما علِق بهِ من أوجاع و هموم الناس ..!
الذين لا يألون جهداً في إجهادِه بشكواهم و تساؤلاتهم ..
و كأن لا مكان لـ بوحِهم سوى البحر .. !
و كأن لا أوراق تئن و لا أقلام تبكي و لا حبر ينزف !
اعتاد أن أجمع كل ما تبقى من (؟علاماتِ استفهام؟) على شواطئه ..
لأغرسها في أعماقِ أوراقي .. و أصفّق لنفسي بـ- خبثِ سارق - بعد كلّ علامةٍ منها !
،
اعتاد أن تبيت رماله و أرصفته و حتى شُعبه المرجانيّة - بفضلِ فضولي - .. كـ سريرة طِـفل !
،
إلا أنّـه و في بعضِ الليالي .. صادف أنّي لم أجد شيئاً مما كنت أجمعه ..
صادف أنّـي وجدتُ البحر مغتسلاً .. يتلألأ جسده كـ جدولٍ يضيئه القمر !
،
الأمـر الذي جعل ( الغيرة ) تستبدّ بي .. فمن الذي يجرؤ على غسلِ البحر غيري ؟!
،
حاصرته بأسئلتي .. التي لا تنتهي .. حتى صرخ في وجهي :
" اعتدتُ أن تحمل عنيّ الأسئلة .. فما بك اليوم تقذفني بها ؟! "
،
أجبت بحزن :
" لأنّـك سمحت لغيري بحملها عنك ! "
،
ردّ بحياءِ رجلٍ مسنّ يكسوه الوقار :
" لأني لم أقاوم فـتنةَ حروفِـها ! "
،
تساءلت بذاتِ - الغيرة - :
" من هي ؟! "
،
و في محاولةٍ لامتصاصِ غضبي :
" لا يهم من هي يا حبيبي .. المهم أنّـك تبقى حبيبي .. و لكن .. !
لتقرأ معي شيئاً من حروفها علّك تجد لي العذر في ( خيانتك ) ! "
،
أشحتُ بوجهي عنه قائلاً :
" سأدعها لك حتى تستمتع بها وحدك .. فلا أقرأ لـ من يسرقـ/ـكـ/ني منّـي ! "
و في داخلي يقين تام بأنّـي - مخطئ - .. فما القراءة حق القراءة إلا لمن يسرقنا منّـا .. !
و في داخلي شوقٌ عاااارم .. لمعرفة هذهِ " السارقة " .. التي سرقت من البحر ما كنتُ أنا أسرِقه منّـي !
،
شعرَ بما في داخلي .. و أخرج من جيبهِ دفتراً صغيراً كانت قد نسيَـته - ربما عمداً -على صدرِه في آخر زيارةٍ لها !
،
- هكذا همس لي - قبل أن يبدأ في القراءةِ بينما أنا مستمرٌ في عنادي الطفولي !
،
اسمع يا حبيبي علّ قيدها يفك أسر رضاك فتغفر لي :
" مُقيدةٌ أنا بنفسي..
و وقتي !
و جنوني
..
.
و حرّة بحبك !
فمنْ يمزّق الآخر ؟ "
،
اسمع يا حبيبي علّ اعتزالها يعزِلُ عنّي غضبك فتغفر لي :
" حينَ أفرح..
أعتزلُ الكتابة..
وحينَ أحزن..
تعتزلني الكتابة..
الآن..
وأنا لا أعني شيء...
ماذا يحدث؟ "
،
اسمع يا حبيبي علّ - و قبل أن يكمل .. انتزعت منه الدفتر و واصلت ( أنا ) القراءة - :
" علمتُ نفسي..
أن لا أكتب إلا لمن يستحق !
فهل تستحق "نفسي" الآن !؟ "
،
" أبحثُ عن أصابعك..
وأنا أبتعد..
ألتفتُ للخلف
و ..تُشيرُ لي..أن تقدمي !
أتقدم هناك..
وتصبح أنت خلفي !
فكيف أستطعتُ أن أفارقك..؟! "
،
" ليلٌ ونهار !
قطبي أرضٍ يلتقيان..
شمسٌ وهلال..
وأذهلُ كيفَ يجتمعان !
أقيامةُ ايامي لقياك..؟
فتجتمع الأضواء وهي نيام..؟
ذهبٌ / فضة..
لا شيءَ سواك..!
يبدلُ تاريخ الأزمان.. "
،
" أقفُ..
أجمعُ أطرافَ ثوبي..
وحولي!
حولي فلٌّ..
نجمٌ
بعضُ ضياء..
أخشى أن ألمسَ إحداها..
فيفقدُ بعضاً من أحلاها..
//
أكانتْ أحلامي..وأخشاها؟ "
،
و بتودّدٍ خبيث .. أسأله : من هي ؟!
،
ليجيب : واصِل القراءة بـ صمت فأنا مستمتع !
،
" أشعر بـ لا شيء !
أشعر.. بتعب..
أشعر بـ مسحة غبار...
ورائحة صدأ..
لا أشعر بشيء !
أو أشعر بشيء...
أو لا أدري ! "
،
" كيف نمسكُ بتلابيبِ الزمنِ الجميل؟
كيف نوقفُ دورانَ عقاربٍ لا ترحم؟
كيف؟ "
،
" طريقي طويلٌ..
والنهارُ بخيلُ...
أهو العذابُ مُقدرٌ؟
أم هي الأيام تحينُ ؟
وقد كنتُ أحسبُ أن الظلمَ ماتَ بقربكَ...
فتبدتْ الأيامُ بوجهها المعتاد.. "
،
" مالي وهذا الفراغ..
وكلّ المدى ..
رجعٌ للصدى... ؟!
مالي.. وهذا الجنونُ ..
وكل البرِية..
وجهُ الأنا..
وأنت الأنا ؟! "
،
" أبكيكَ أنا...
وتبكي نفسك...
أحبك أنا..
و تحبُ نفسك...
طفلتكَ أنا..
وأنت لمن..؟ "
،
: برّبك يا بحري الحبيب .. طفلةُ من هي ؟!
: طفلته .. ! ، واصِل القراءة بـ صمت فأنا مستمتع !
،
" الوقتُ ليسَ كـ السيفِ..
الوقتُ كـ اليمِّ ...
ولا مفرَّ من الموت..
غرقاً..
بانتظار من يمدُّ لي يده ! "
،
" لحظة..!
كافية لميلاد !
و ..
لحظة..
كفيلة بموت ! "
،
" هل لهذا الفــراغ من آخر ؟
أبحثُ عن حدودٍ فقط ! "
،
: و ما حدودُ هذا الجنون يا بحر ؟!
: لا حدود للجنونِ يا غبي ! ، واصِل القراءة بـ صمت فأنا مستمتع !
،
" حين أنظر للأمام..
لا أرى إلا الإمتداد الذي لا ينقطع ..!
وحين أنظر للخلف...
أجد الرؤية ....(معتمة)..! "
،
" نظلُ نحلم بأن يتحقق الحُلم واقع..
//
حين يأتي الواقع..
نبكي موت الحُلم ! "
،
" أتصدق ؟
أشعر أن ربي منَّ عليّ بك..
حتى يغفر لي بك ذنوبي ! "
،
" ماذا لو إختبأتُ عنك بظلِ غيمة..؟
وماذا لو عجزت أن تراني .؟
هل لأن الغيمة تصل الأرض !
أم لأنك لمْ تعد تستطيع رؤيتي؟ "
،
: نعم نعم .. أُقسِـمُ لك بأنّـك إن لم تخبرني عن هويّتها .. فإنّـي فاعلٌ معك آخر ما قرأت على مسمعك !
: حسناً حسناً ..
هي التي تجعل - بما تكتب - ( الشِـعر ) .. ( أنثـى ) .. ! و تجعلُ ( النـثر ) .. ( أنـثى ) .. !
أو ربّـما .. هي التي تجعلُ - بما تكتب - ( النثـر ) .. ( شِـعْـراً ) .. !
أو هي التي تجعل - بما تكتب - ( الأنثى ) .. ( أنـثى ) .. ! و تجعل ( الرجلُ ) .. ( رجلاً ) !
فهل تلومني اليوم إن خنتك ؟!
: نعم ألومك .. و لكن أخبرني .. " من هي " ؟!
: هي التي تسرقني و إيّـاك .. منك !
: أريد أن أعرف اسمها !
: سأخبركَ و لكن بشرط .. ألا تخبر أحداً غيرك !
: حسناً .. أعدكَ .. !
: اسمها - الإسميّ - ( هيـا الشـريف ) ! .. مسؤولة الملف الأدبي في مجلّة ( حياة الناس ) .. و المؤسِّـسَة لأحد أرقى
الأمكنة على شبكتكم العنكبوتية .. هُنـاك .. حيث تلتقي " خُـطى " المبدعين من كلِّ مكان .. لتسير من إبداعٍ إلى إبداع !
،
رميتُ بالدفترِ في وجههِ .. و غادرته .. متأجج الغيرة !
،
لأخلِف وعدي مع ( البحـر ) .. و أخبركـم ع ن ه ا !
رحـــــــــــال