:
:

كان هنا ..
من ذاكرة هذا البيت ..
من ذاكرة الطفولة البعيدة ..
أتذكر رائحة القهوة " تصبّح بالخير " , وأصوات المآذن لم تنطفيء بعد ..!

هنا يا أمل ..
صليت أول صلاة لي مع جدتي , يلفني دخان طيبها , يلفني وأنا
أحفظ وصيتها الأولى (صلّي خاشعه) ..

كان هنا " حصيرة " ..
كنت أجلس عليها أنتظر " جدي " لأخبره عن صلاتي مع جدتي..
وبيدي عصفور صغير , يجفف بكاء المساء , ويطعمني الإفطار بصوته !
طُويَت " الحصيرة " ورحلت مع مصابيح الذكريات العتيقة ..!

هنا ..
لعبت كثيراً " بكرات البلور الملونة " دحرجتها في فراغات الأرض..
دون وعي مني , أنها للأجساد أيضاً ..!

هذه النافذة ..
أهرب منها , وأقضي النهار لاهية مع " طائرة الورق "
مع خرافات " يحيى " و ضحكات " خالد " ..!
مع ابتسامة " بسمة " و بكاء " نجوى " !

هنا ..
تحت عيني خالتي .. ناولتها ضفائري ..
وأنا أحكي بخوف " عن فعل جدي "
عندما هجرت البيت وذهبت ألعب فوق تراب القرية
مع " إبراهيم "
هل ظن أن المطر باغتنا بالحب ؟!

هنا ..
ضممتها , وبدأت أتهجأ ماذا أفعل غداً ..
أعد النجوم , نجمة نجمة ..
وأرى السماء وااااااااسعة , وأخاف من سكوتها !
وأنادي أيها الصبح :
اسرقني من صمت الظلام ..
افتح شبابيك النهار ..!

هنا يا أمل ..
عندما أهجر الدار ..
النوافذ ترى حزني ..
والجدران تتحسس قلبي ..
والأبواب لها ألسنة ..