صحيفة الوطن السعودية
النقد الهادف البناء ليس جريمة يُعاقب عليها المرء
(الصمت أحياناً حكمة..) هذه العبارة الشهيرة, التي يتخذ منها بعض الصامتين مخرجاً ومبرراً لصمتهم المطبق في كثير من مواقفهم الحياتية.., بينما هم عكس ذلك تماما, فما صمتهم ذاك إلا دليل إفلاس وقلة حيلة وعدم قدرة على المجابهة, ويتأكد لنا ذلك عند أقرب موقف يتعرض له أحدهم, حينما يجد نفسه لسبب أو لآخر مجبراً على نزع لجامه, فتجده يتكلم بما لا يقبله عقل ولا منطق.. حينها لن تجد حرجاً بأن تقول له: "يا زينك وانت ساكت".
تلك الحالة تشبه إلى حد كبير حال من حاولوا ثنيي عن توجيه النقد لأداء الجهات الخدمية التي يعتلون سدتها بإحدى المحافظات.., فتارة يداهنون باللفظ وتارة أخرى يحذرون ويهددون برفع دعوى قضائية.., ظناً منهم أن نقد الأداء وتعرية الواقع الخدمي المتردي, والمطالبة بسد النقص وتحسين الخدمة, من خلال ما نشر بهذه الصحيفة باسمي غير مرة, يعد تشهيراً وتعديا ومخالفة يعاقب عليها النظام!. فهل أصبح النقد الهادف البناء وصوت المواطن المطالب بحقوقه, جريمة يُعاقب عليها؟ أم أن وهج المكان الزائد.. أجبرهم على ارتداء النظارات الشمسية, وبالتالي أصبحت الرؤيا لديهم مضللة؟.
متناسين بذلك أهمية الصحافة والدور الإيجابي الذي تقوم به تجاه المجتمع والوطن.. من خلال مناقشة قضاياه ومعالجتها, وتغطية أحداثه ووقائعه بأمانة ومهنية, وتشكيلها حلقة وصل بين المواطن والمسؤول, وكذلك باعتبارها (سلطة رابعة) لا يفزع منها إلا المتخاذلون..
الأمر الذي وَلّدَ لدي قناعة, بأن ما يعتري تلك الخدمات من قصور, إنما هو نتاج طبيعي لما يتمخض من ذلك الفكر. وهذا بالطبع أمر محزن ومؤسف, كونه يجدُر بمن يتولى إدارة جهة - أي جهة - أن يملك الفكر والحنكة والقدرة على التعامل مع المعطيات كما يجب.. كذلك الإلمام الكافي بما يؤهله للتعاطي مع ما يطرح بالإعلام بمثالية.. وهذا الأخير, لن يتأتى للفرد إلا إذا كان قادراً في بادئ الأمر, على التفريق بين النقد الهادف ونقيضه, وإلا فسنجده يخلط الحابل بالنابل.
إبراهيم عسكر آل عسكر
حقوق الطبع © محفوظة لصحيفة الوطن