لا يزال مسلسل الموت مستمراً ونزيف الدماء متواصلاً على طريق الساحل, الرابط بين منطقتي جازان ومكة المكرمة, بالرغم من تحويل نسبة كبيرة منه لطريق (شبه سريع), تقدر بـ 500 كيلو متر تقريباً, إلا أن ذلك لم يكن كافياً لوقف هذا المسلسل ,وكأن بين هذا الخط وأجساد سالكيه عشق أزلي, - كيف لا- وهو الذي اعتاد معانقة أرواحهم البريئة وأدمن على رشف دمائهم الزكية وامتصاصها طيلة السنوات الماضية - والعاشق لا يلام كما يقال- فاللوم كله يقع على وزارة النقل الجهة المسؤولة عن تنفيذه كونها لم تتلاف سلبيات الخط القديم.. ولم تقم بعمل أي من تدابير السلامة اللازمة على الخط الجديد للمحافظة على أرواح مستخدميه! والذي لا يعكس بهذا الوضع مدى أهميته, باعتباره طريق دولي تسلكه أرتال من سيارات المسافرين والشاحنات وكذلك قاصدو بيت الله الحرام من حجاج ومعتمرين من دولة اليمن, إضافة لسكان مناطق ومحافظات المملكة الواقعة حوله.. ومن السلبيات التي لاحظتها على هذا الطريق أثناء سفري من منطقة جازان إلى مكة المكرمة قبل أيام.. والتي تتلخص في الآتي:
أولاً: عدم وجود سياج حديدي على جانبي الطريق, وفي المنطقة الفاصلة بين الذاهب إلى مكة والقادم منها... مما زاد نسبة الحوادث بسبب كثرة الجمال السائبة العابرة له, وكذلك الدخول المفاجئ لسائقي المركبات من سكان القرى والهجر المنتشرة على امتداد هذا الخط من أماكن وتقاطعات عشوائية.
ثانياً: كثرة المطبات الاصطناعية ووجود بعضها بأماكن مفاجئة قد لا تستدعي هذا الوجود!.
ثالثاً: افتقار مسافات كثيرة للتخطيط الذي يقسم الخط إلى مسارات وكذلك انعدام القطع المعدنية المنبهة للسائقين المعروفة بـ( عيون القطط ) في المواقع المخططة من الطريق.
رابعاً: قلة اللوحات الإرشادية والتحذيرية, ومن المفارقات هنا, توجد لوحات فسفورية كثيرة وكبيرة على طول الخط يبلغ قياسها 2متر× 2متر تقريباً!, ولا أخفيكم بأنها أجبرتني على التهدئة أكثر من مرة تحسباً وظناً مني أنها تحذر السائقين من خطر ما قد يعترض طريقهم أو ما شابه ذلك.. وإذا بي أفاجأ بما هو مكتوب على تلك اللوحة ( انتبه أمامك منطقة عواصف رملية ) فنظرت حولي ثم إلى الأفق فلم أرى ما ينبئ بما حوته تلك اللوحة (الكاذبة)! "وآسف لاستخدام هذا اللفظ ولكنها كانت كذلك" ,فواصلت سيري وأنا أردد لماذا لا تتم الاستفادة من هذه اللوحات! بوضعها في مواقع ذات جدوى وبعبارات مفيدة كالتحذير من تقاطع خطر أو تحويلة مفاجأة أو مطبات اصطناعية أو للتنبيه بوجود نقطة تفتيش مثلاً.
خامساً: نظراً لاختراق هذا الخط للعديد من المدن والقرى المأهولة بالسكان, بداءً من منفذ الطوال جنوباً ووصولاً إلى محافظة الليث شمالاً, مما زاد نسبة المشاة العابرين له, معرضين بذلك حياتهم وحياة الآخرين للخطر!, وبالتالي فالحاجة ملحة لإنشاء العديد من جسور المشاة بتلك المناطق.
سادساً: عدم ازدواج المسافة الواقعة بعد تقاطع الليث- جدة- مكة مروراً بالميقات ووصولا إلى مكة المكرمة, والمقدرة
بـ 150 كيلو مترا تقريباً!, بالرغم من ضيق الخط وسوء السفلتة وتآكلها.
لذا نناشد الجهة المسؤولة والقائمين عليها بشحذ الهمم واستنفار الطاقات وتسخير الإمكانيات المتوفرة لمعالجة هذا الشريان الحيوي وتطويره, حقناً لدماء الأبرياء وحفاظاً على أرواحهم.
http://www.alwatan.com.sa/news/sawotwesada.asp?issueno=3311