خذوها عني... الإلغاء فوراً!
السبت, 24 أبريل 2010

علي القاسمي 


لم أتصالح معه منذ أن أطلّ على ساحة التطبيق، لثقتي بأنه ليس العلاج الفعال ولا مسطرة الحل المثالية، كنت ضده لإجباره الطالب المسكين على الاكتفاء بالمعلومة الموصلة للدرجة الأولى فقط من سلم درجات النجاح، واليوم بعد مرور تسع سنوات على التطبيق تدرس وزارة التربية والتعليم إلغاء الفكرة المستوردة «التقويم المستمر»، ولا غرابة فنحن نستورد مع تباين العقول واختلاف ميادين التطبيق والعمل، وألمح أن رغبة الإلغاء لا تزال في طور الدراسة، أي أن مشوار التفعيل بسنواته التسع والتفاصيل والمعطيات لم تثبت بعد أن الفكرة غير صالحة على أقل تقدير بزمننا الحاضر أو أن التنفيذ قابلته الجملة القديمة المعروفة «لم ينجح أحد».
ثلاثة أرباع مشوار الطالب السعودي للوصول إلى كرسي الجامعة لم تبين ما جدوى الفكرة؟ ولا صلاحيتها وهنا علامة تعجب كبيرة! تملك القدرة على لي عنقها في أي وقت لتصبح علامة استفهام أكثر بوحاً وصراحة؟ التقويم المستمر هو بمثابة تحصيل بسيط من أجل النجاح المجرد من أي رغبة في التعلم المثالي والإتقان المطلوب، هو تجربة لم يكتب لها أن ترى النور حضوراً وتطبيقاً كاملاً منطقياً بنتائج ملموسة مغرية، وإن كنا نهرب من أن نصرح بفشل التجربة والفكرة وضرورة الإلغاء فستعير مفردات الدراسة والمناقشة.
من يرى تجارب وزارة التربية والتعليم وهي تتثاءب ينتابه شعور بأنا لا نملك الخبرات الوطنية القادرة على تمييز الطريق الصحيح من عكسه، وإن كان يقودني إحساس بأن كل الأطروحات والقرارات والتجارب تأتي من أولئك الذين يقفون خلف الكراسي ويضعون تأشيراتهم بزوايا التعاميم اليومية الصادرة، ولذا لا غرابة أن تكون الأفكار والرؤى مفتوحة للتجريب عبر أجيال لا تدرك أبعاد التجارب وضرر أن تفشل.
لنختر من الميدان التعليمي من أمضى السنوات الطوال وهو يرى الطرح والمطروح والزائد عن الحاجة ومكامن الضعف والخلل لتقويم أي تجربة قبل الشروع في التطبيق، ولا عيب على الإطلاق إن نجحت رؤية من صقله الميدان وتفوقت على رؤى حملة الـ «دال» وأهل الكراسي والمراكز الإدارية، الوزارة تتقاطع مع كل بيت سعودي، والتجربة ليس هذا مكانها ولا زمانها، إما أن نحضر تجربة مطبقة مفعلة مع تشابه المواصفات والمقاييس وتوفر الإمكانات وتساوي أضلاع مربع التطبيق طولاً وعرضاً، أو نكتفي بألم التجربة ونعود لسالف عهدنا ونركز على الأساسيات ونتتبع الجذور والمطبات الموضوعة تجاه أي محاولة للتفتح والرقي، ونسعى لإزالتها أو إزاحتها.
صحيح أني بعيد عن الانتماء وظيفياً للوزارة، لكني قريب حد الاندماج التام مع كل عمل تقوم به، وأرغب أن نعد الجيل القادم بدءاً من نقطة التوقف لا العودة بهم للبداية والمشاركة في كل تجربة مطروحة. لن يصعب أن نعقد مقارنة منصفة جريئة بين جيل التقويم المستمر والجيل الذي سبقه شريطة أن يقوم بالمقارنة خبراء وطنيون من الميدان، ولنبدأ في توزيع استبانة على المعلمين والمعلمات أولئك الذين كما تقول وزارتهم لم يكونوا قادرين على تطبيق فكرة التقويم المستمر بصورته الحقيقية، وبمعنى أكثر لطفاً بحسب قول آخر «لم يكن الميدان التربوي قادراً على التكيف مع التجربة وفق تقارير عدة».
وأتساءل: إن كان يتواجد في الميدان التربوي غير المعلم والطالب أو المعلمة والطالبة أم يطلب من القلاع الإسمنتية أن تتكيف مع التجارب والأفكار؟ وهذا ما أجهله وسأفشل في استيعابه.
للمستقبل: لنكتب كل التجارب مصحوبة باسم المُقترِح أو صاحب السبق في حضورها للميدان، نريد أن نعرف من أين تأتي الأفكار؟ وهل درست جيداً؟ أم أننا اكتفينا بإحضارها والفرجة على مجريات التجربة!