الباب الثاني /العواصف الأولى
النص(21) صــ 46 ـــ
سأبحث عنك أكثر
أبحث عن وجهك في المقاهي التي تتكئ على أرصفة الشوارع .
أبحث عن عينيك بين عيون مشردة على وجوه الحسناوات ..
ابحث عن جسدك المتعب على طاولات طالما حملت اجساد المتعبين .
مشرد في شوارع الليل ، لا تعرف هدف طريقك ، تمشي ولا تصل إلى ما تريد ، تسأل ولا يدلك أحد .
يائس ، تعانق النسمات الشاردة ، تنام نظراتك على الوجوه التي لا تعرف الحزن .
أبحث عنك من جديد ، فلا أجدك .
قد تكون ملقى على مقعد أتعبه تململك ، وقد تكون غارقا ً بين أيد ٍ تمتد ، ولا تمل السؤال ،
وبين دخان زائف يخفي حقيقة الوجوه ،
وبين أحاديث سخيفة تعيش وتستمد أهميتها من البطالة والتفاهة .
وهكذا لا أجدك .. لأنك لا تجد نفسك بين هذه المخلوقات الغريبة ..
لأنك شبح انسان يعيش حياة الضياع ،
وفي قلبي وعيني رجل أحبه أقوى من التشرد واليأس
أعرف أنني لن أجدك .. أقصد لن اجد حقيقتك الضائعة ، لأنها ماتت .
قتلتها أنت حين أحطت نفسك بمزيج عجيب من البشر والأجواء
وأعرف انك لا تحب هذه الحياة ، مهما أنكرت وكابرت ،
فأنت لا شيء بالنسبة إليهم سوى انسان ضائع يلقي بمرساته
بين السفن الغريبة .
ولكنك بالنسبة لي ،
أنت المرفأ الذي يقوى على استيعاب عواطفي .
سأبحث عنك أكثر ، سأخطفك يوما ما من على رصيف شارع لا يبدأ ولا ينتهي .
سأعيد إليك رشدك ، لتكتشف حقيقة نفسك ،
وتكتشف أنك تحبني ..
غصبا ً عنك تحبني .
أفهمت يا ظالم ، يا تائه ، يا حبيبي ؟
زينات نصار