مَن منا لا يترك أبناءه وأطفاله أمام شاشة التلفاز حتى بدون مراقبة وربما لساعات طويلة بحجة أنهم يتابعون رسوماً متحركة لا خطر ولا حذر منها؟! والكثيرون يقولون إن هذا أفضل من خروجهم من البيت أو متابعة قنوات اخرى أفسد منها، والمشكلة أن أكثرنا لا يعلم مدى خطورة بعض القنوات المتخصصة للأطفال أو أفلام الكرتون.
في الدول الغربية حتى أفلام (الكرتون) والرسوم المتحركة تحدد لأعمار معينة، فهذا (الكرتون) لا يشاهده من هو أقل من (12) عاماً، وآخر لا يشاهده من هو أقل من (16) عاماً، ويلتزم البائع في المحل ألا يبيعه إلا حسب السن القانونية، أما عندنا فلأن الأفلام أغلبها منسوخة وغلافها مصور فعلامة السن تزال وإن لم تزل فلا عبرة لها، وقنوات (الكرتون) عندنا تخلط كل شيء ولا تميز الصغار عن الكبار أثناء العرض!!
ما معنى أن تذهب روح القط بعد موته الى السماء ليرى قطاً أبيض بيده صحيفة يحاسبه ثم يرجعه الى الأرض ويعطيه فرصة أخرى؟! وما معنى أن يرقى شخص فوق السماء فيرى من يتحكم بالكون شخص آخر لكنه شرير فيهرب منه ويتقوى ليتمكن منه؟!! وماذا سيغرس في قلب الطفل عندما يرى الذي يتحكم في الكون من جبال وبحار ورياح وأمطار و يجلس فوق السماء وهو شخصية شريرة؟! وهل سيتأثر الطفل في عقيدته من معلمة فصله أكثر أم من أفلام الكرتون هذه؟!!
هذا على صعيد العقيدة والإيمان أما اذا تحدثنا عن الأخلاق والآداب فحدّث ولا حرج، ما الذي لا تعرضه أفلام الكرتون؟! أهي القبل الساخنة؟! أم هو الكلام الفاحش ومواعيد الغرام؟! أم هي أنواع من اللباس الفاضح وإن كان على صورة (كرتون) فهو أكبر وأبلغ أثراً على الأطفال من الشخصيات الحقيقية، وكم قلد الأطفال بعض الأفعال والحركات والكلمات التي رأوها في الرسوم المتحركة ثم تساءلنا من أين تعلموا هذا؟!
قديماً قيل (الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر) وما يتعلمه الطفل في صغره يؤثر على شخصيته طوال عمره، وبعض اللقطات والصور التي يراها الطفل ستؤثر عليه حتماً وعلى سلوكه، فالعنف الذي نراه اليوم في المجتمعات قد يكون أحد أسبابه ما يراه الطفل من عنف مبالغ فيه في أفلام (الكرتون) وبعض ألعاب (البلي ستيشن)، حتى بات الطفل يستخدم جميع أنواع الأسلحة ويمارس سفك الدماء بوحشية ويتقمص شخصية كل مجرم ويقطع أجساد البشر بصور أشبه ما تكون حقيقية، وماذا نتوقع من جيل يتربى على هذا المستوى من العنف؟!
إن المسؤولية مشتركة بين الدولة متمثلة بوزارة الإعلام والتربية والتجارة، وبين الأسرة من آباء وأمهات وبين المصلحين والمربين والدعاة الى الله لينقذوا الأطفال والجيل الحالي من خطر وفساد بعض قنوات الأطفال المتخصصة والتي بات همها الأساس هو الربح وكسب الجمهور لا أكثر، أما أخلاق الأطفال ودينهم وعقيدتهم فهذه أمور لا يبالي بها إلا القليلون، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه).

نبيل العوضي