ليس الغبي بسيد في قومه // لكن سيد قومه المتغابي
عندما اقرأ هذا البيت أشعر إن التغابي فن وقدرات قد لا يجيدها الكثير من الناس
وأنا هنا لا اتحدث عن ذلك التغابي الذ يبحث من ورائه عن أهداف سيئة وآمال وضيعة ، ولكن اتحدث عن ذلك التجاهل والتغافل الذي يغنينا الدخول في دوامة وعناء نحن في غنى عنها .
إن التدقيق في كل صغيرة وكبيرة والبحث عن كل التفاصيل الدقيقة ومراقبة الأمور بحذافيرها يشعرنا بالكثير من الهم والعناء والبؤس والشقاء فيلحقنا من خلالها السوء بشتى انواعه واشكاله قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تَسألوا عَـن أشياءَ إِن تُبْدَ لكم تَسُؤْكُم ) ولهذا نحتاج أحيانا وفي مواقف كثيرة اللجوء لفن التغافل للحفاظ على من نحب وتغليهم قلوبنا أو على الأقل حفاظا على راحتنا النفسية وعدم الدخول في دهاليز الظنون والشكوك والتفكير في أمور قد تكون مجرد تخيلات لا صحة لها
فما اجمل ذلك التغافل الذي يقوم على العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور.، فقد يكون التغافل نوعا من العفو ، قال تعالى ( والكاظمين الغيظ عن الناس ) فمن الصعب جدا ان تجد الكمال في شخص ما فقد يحدث الخلل والنقص والزلل وقد يسوءنا ممن نحب بعض التصرفات والعادات وهنا الحل المثل في ذلك التغافل الذي يعد حلما وحمل الناس على الخير ولذلك قال الشافعي (الكيس العاقل هو الفطن المتغافل.)
فحتى لو وجدنا من يتعرض لنا بالسوء فمن الأفضل التغافل فقد قال الأمام أحمد بن حنبل (تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل )
علينا ان نعي أمرا مهما من الصعب جدا ان نغير طباع الناس واخلاقهم بسهولة فهنا علينا التغافل وإن قوبلنا بجحود ونكران ونقص ونسيان فلا نلوم أحد ولا نضيق على أحد فتتبع أخطاء الناس وزلاتهم يحرق الأعصاب ويشقي النفس من غير جدوى .
وعلينا ان نتذكر إن التغابي فراسة وفطنة وحلم وحكمة وتسامح وطيبة قلب وسعة ادراك ورقي في الفكر وحسن في التعامل وترفع عن صغائر الأمور .
فعن ابن عباس مرفوعا بلفظ : ألا أنبئكم بشراركم ؟ قالوا : بلى إن شئت يا رسول الله . قال : " إن شراركم الذي ينزل وحده ، ويجلد عبده ، ويمنع رفده ، أفلا أنبئكم بشر من ذلك ؟ " قالوا : بلى . قال : الذين لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة ولا يغفرون ذنبا " . قال : ( أفلا أنبئكم بشر من ذلك ؟ ) قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره " .
ويأتي السؤال : لو خيرت بين أن تكون أغبى الأذكياء أو اذكى المتغابين فماذا ستختار ؟
تحياتي وتقديري