لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 48

الموضوع: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن سنان ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏فليح ‏ ‏ح ‏ ‏و حدثني ‏ ‏إبراهيم بن المنذر ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏محمد بن فليح ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏أبي ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏هلال بن علي ‏ ‏عن ‏ ‏عطاء بن يسار ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال ‏
    ‏بينما النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يحدث فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين أراه السائل عن الساعة قال ها أنا يا رسول الله قال ‏ ‏فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال إذا ‏ ‏وسد ‏ ‏الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( فليح ) ‏
    ‏بصيغة التصغير هو ابن سليمان أبو يحيى المدني , من طبقة مالك وهو صدوق , تكلم بعض الأئمة في حفظه , ولم يخرج البخاري من حديثه في الأحكام إلا ما توبع عليه , وأخرج له في المواعظ والآداب وما شاكلها طائفة من أفراده وهذا منها . وإنما أورده عاليا عن فليح بواسطة محمد بن سنان فقط ثم أورده نازلا بواسطة محمد بن فليح وإبراهيم بن المنذر عن محمد لأنه أورده في كتاب الرقاق عن محمد بن سنان فقط , فأراد أن يعيد هنا طريقا أخرى , ولأجل نزولها قرنها بالرواية الأخرى . وهلال بن علي يقال له هلال بن أبي ميمونة وهلال بن أبي هلال , فقد يظن ثلاثة وهو واحد , وهو من صغار التابعين , وشيخه في هذا الحديث من أوساطهم . ‏

    ‏قوله : ( يحدث ) ‏
    ‏هو خبر المبتدأ وحذف مفعوله الثاني لدلالة السياق عليه . والقوم الرجال . وقد يدخل فيه النساء تبعا . ‏

    ‏قوله : ( جاء أعرابي ) ‏
    ‏لم أقف على تسميته . ‏

    ‏قوله : ( فمضى ) ‏
    ‏أي : استمر يحدثه , كذا في رواية المستملي والحموي بزيادة هاء , وليست في رواية الباقين , وإن ثبتت فالمعنى يحدث القوم الحديث الذي كان فيه وليس الضمير عائدا على الأعرابي . ‏

    ‏قوله : ( فقال بعض القوم سمع ما قال ) ‏
    ‏إنما حصل لهم التردد في ذلك لما ظهر من عدم التفات النبي صلى الله عليه وسلم إلى سؤاله وإصغائه نحوه ; ولكونه كان يكره السؤال عن هذه المسألة بخصوصها , وقد تبين عدم انحصار ترك الجواب في الأمرين المذكورين , بل احتمل كما تقدم أن يكون أخره ليكمل الحديث الذي هو فيه , أو أخر جوابه ليوحي إليه به . ‏

    ‏قوله : ( قال أين أراه السائل ) ‏
    ‏بالرفع على الحكاية , وأراه بالضم أي : أظنه , والشك من محمد بن فليح . ورواه الحسن بن سفيان وغيره عن عثمان بن أبي شيبة عن يونس بن محمد عن فليح ولفظه " أين السائل " ولم يشك . ‏

    ‏قوله : ( إذا وسد ) ‏
    ‏أي : أسند , وأصله من الوسادة , وكان من شأن الأمير عندهم إذا جلس أن تثنى تحته وسادة , فقوله وسد أي : جعل له غير أهله وسادا , فتكون إلى بمعنى اللام وأتى بها ليدل على تضمين معنى أسند . ولفظ محمد بن سنان في الرقاق " إذا أسند " وكذا رواه يونس بن محمد وغيره عن فليح . ومناسبة هذا المتن لكتاب العلم أن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل ورفع العلم , وذلك من جملة الأشراط ومقتضاه أن العلم ما دام قائما ففي الأمر فسحة . وكأن المصنف أشار إلى أن العلم إنما يؤخذ عن الأكابر , تلميحا لما روي عن أبي أمية الجمحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر " وسيأتي بقية الكلام على هذا الحديث في الرقاق إن شاء الله تعالى . ‏

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏أبو النعمان عارم بن الفضل ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏أبو عوانة ‏ ‏عن ‏ ‏أبي بشر ‏ ‏عن ‏ ‏يوسف بن ماهك ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عمرو ‏ ‏قال ‏
    ‏تخلف عنا النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في سفرة سافرناها فأدركنا وقد ‏ ‏أرهقتنا ‏ ‏الصلاة ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته ‏ ‏ويل ‏ ‏للأعقاب ‏ ‏من النار مرتين ‏ ‏أو ثلاثا ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا أبو النعمان ) ‏
    ‏زاد الكشميهني في رواية كريمة عنه : عارم بن الفضل , وعارم لقب , واسمه محمد كما تقدم في المقدمة . ‏

    ‏قوله : ( ماهك ) ‏
    ‏بفتح الهاء وحكي كسرها وهو غير منصرف عند الأكثرين للعلمية والعجمة , ورواه الأصيلي منصرفا فكأنه لحظ فيه الوصف . واستدل المصنف على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله " فنادى بأعلى صوته " وإنما يتم الاستدلال بذلك حيث تدعو الحاجة إليه لبعد أو كثرة جمع أو غير ذلك , ويلحق بذلك ما إذا كان في موعظة كما ثبت ذلك في حديث جابر " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته . . . الحديث " أخرجه مسلم . ولأحمد من حديث النعمان في معناه وزاد " حتى لو أن رجلا بالسوق لسمعه " واستدل به أيضا على مشروعية إعادة الحديث ليفهم , وسيأتي الكلام على مباحث المتن في كتاب الوضوء إن شاء الله تعالى . قال ابن رشيد : في هذا التبويب رمز من المصنف إلى أنه يريد أن يبلغ الغاية في تدوين هذا الكتاب بأن يستفرغ وسعه في حسن ترتيبه , وكذلك فعل رحمه الله تعالى . ‏

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة


    ‏حدثنا ‏ ‏قتيبة بن سعيد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن جعفر ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن دينار ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏ ‏قال ‏
    ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي فوقع الناس في شجر البوادي قال ‏ ‏عبد الله ‏ ‏ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله قال هي النخلة ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( إن من الشجر شجرة ) ‏
    ‏زاد في رواية مجاهد عند المصنف في " باب الفهم في العلم " قال : صحبت ابن عمر إلى المدينة فقال " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم , فأتي بجمار وقال : إن من الشجر " . وله عنه في البيوع " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل جمارا . ‏

    ‏قوله : ( لا يسقط ورقها , وإنها مثل المسلم ) ‏
    ‏كذا في رواية أبي ذر بكسر ميم مثل وإسكان المثلثة , وفي رواية الأصيلي وكريمة بفتحها وهما بمعنى , قال الجوهري : مثله ومثله كلمة تسوية كما يقال شبهه وشبهه بمعنى , قال : والمثل بالتحريك أيضا ما يضرب من الأمثال . انتهى . ووجه الشبه بين النخلة والمسلم من جهة عدم سقوط الورق ما رواه الحارث بن أبي أسامة في هذا الحديث من وجه آخر عن ابن عمر ولفظه " قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : إن مثل المؤمن كمثل شجرة لا تسقط لها أنملة , أتدرون ما هي ؟ قالوا : لا . قال : هي النخلة , لا تسقط لها أنملة , ولا تسقط لمؤمن دعوة " . ووقع عند المصنف في الأطعمة من طريق الأعمش قال : حدثني مجاهد عن ابن عمر قال " بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجمار , فقال : إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم " وهذا أعم من الذي قبله , وبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها , مستمرة في جميع أحوالها , فمن حين تطلع إلى أن تيبس تؤكل أنواعا , ثم بعد ذلك ينتفع بجميع أجزائها , حتى النوى في علف الدواب والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى , وكذلك بركة المسلم عامة في جميع الأحوال , ونفعه مستمر له ولغيره حتى بعد موته . ووقع عند المصنف في التفسير من طريق نافع عن ابن عمر قال " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أخبروني بشجرة كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا ولا ولا " كذا ذكر النفي ثلاث مرات على طريق الاكتفاء , فقيل في تفسيره : ولا ينقطع ثمرها ولا يعدم فيؤها ولا يبطل نفعها . ووقع في رواية مسلم ذكر النفي مرة واحدة فظن إبراهيم بن سفيان الراوي عنه أنه متعلق بما بعده وهو قوله " تؤتي أكلها " فاستشكله وقال : لعل " لا " زائدة ولعله " وتؤتي أكلها " , وليس كما ظن , بل معمول النفي محذوف على سبيل الاكتفاء كما بيناه . وقوله " تؤتي " ابتداء كلام على سبيل التفسير لما تقدم . ووقع عند الإسماعيلي بتقديم " تؤتي أكلها كل حين " على قوله " لا يتحات ورقها " فسلم من الإشكال . ‏

    ‏قوله : ( فوقع الناس ) ‏
    ‏أي ذهبت أفكارهم في أشجار البادية , فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة , يقال وقع الطائر على الشجرة إذا نزل عليها . ‏

    ‏قوله : ( قال عبد الله ) ‏
    ‏هو ابن عمر الراوي . ‏

    ‏قوله : ( ووقع في نفسي ) ‏
    ‏بين أبو عوانة في صحيحه من طريق مجاهد عن ابن عمر وجه ذلك قال : فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي أتي به , وفيه إشارة إلى أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال , وأن الملغز ينبغي له أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للملغز بابا يدخل منه , بل كلما قربه كان أوقع في نفس سامعه . ‏

    ‏قوله : ( فاستحييت ) ‏
    ‏زاد في رواية مجاهد في " باب الفهم في العلم " ; فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم . وله في الأطعمة : فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم . وفي رواية نافع : ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم , فلما قمنا قلت لعمر : يا أبتاه . وفي رواية مالك عن عبد الله بن دينار عند المؤلف في " باب الحياء في العلم " قال عبد الله : فحدثت أبي بما وقع في نفسي فقال : لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا وكذا . زاد ابن حبان في صحيحه : أحسبه قال : حمر النعم . وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه لهم إن لم يفهموه . وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الأغلوطات - قال الأوزاعي أحد رواته : هي صعاب المسائل - فإن ذلك محمول على ما لا نفع فيه , أو ما خرج على سبيل تعنت المسئول أو تعجيزه , وفيه التحريض على الفهم في العلم , وقد بوب عليه المؤلف " باب الفهم في العلم " . وفيه استحباب الحياء ما لم يؤد إلى تفويت مصلحة , ولهذا تمنى عمر أن يكون ابنه لم يسكت , وقد بوب عليه المؤلف في العلم وفي الأدب . وفيه دليل على بركة النخلة وما يثمره , وقد بوب عليه المصنف أيضا . وفيه دليل أن بيع الجمار جائز ; لأن كل ما جاز أكله جاز بيعه , ولهذا بوب عليه المؤلف في البيوع . وتعقبه ابن بطال لكونه من المجمع عليه , وأجيب بأن ذلك لا يمنع من التنبيه عليه لأنه أورده عقب حديث النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها , فكأنه يقول : لعل متخيلا يتخيل أن هذا من ذاك , وليس كذلك . وفيه دليل على جواز تجمير النخل , وقد بوب عليه في الأطعمة لئلا يظن أن ذلك من باب إضاعة المال . وأورده في تفسير قوله تعالى : ( ضرب الله مثلا كلمة طيبة ) إشارة منه إلى أن المراد بالشجرة النخلة . وقد ورد صريحا فيما رواه البزار من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر هذه الآية فقال : أتدرون ما هي ؟ قال ابن عمر : لم يخف علي أنها النخلة , فمنعني أن أتكلم مكان سني , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هي النخلة " . ويجمع بين هذا وبين ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم أتي بالجمار فشرع في أكله تاليا للآية قائلا : إن من الشجر شجرة إلى آخره . ووقع عند ابن حبان من رواية عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن , أصلها ثابت وفرعها في السماء ؟ فذكر الحديث . وهو يؤيد رواية البزار , قال القرطبي : فوقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت , وأن ما يصدر عنه من العلوم والخير قوت للأرواح مستطاب , وأنه لا يزال مستورا بدينه , وأنه ينتفع بكل ما يصدر عنه حيا وميتا , انتهى . وقال غيره : والمراد بكون فرع المؤمن في السماء رفع عمله وقبوله , وروى البزار أيضا من طريق سفيان بن حسين عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمن مثل النخلة , ما أتاك منها نفعك " هكذا أورده مختصرا وإسناده صحيح , وقد أفصح بالمقصود بأوجز عبارة . وأما من زعم أن موقع التشبيه بين المسلم والنخلة من جهة كون النخلة إذا قطع رأسها ماتت , أو لأنها لا تحمل حتى تلقح , أو لأنها تموت إذا غرقت , أو لأن لطلعها رائحة مني الآدمي , أو لأنها تعشق , أو لأنها تشرب من أعلاها , فكلها أوجه ضعيفة ; لأن جميع ذلك من المشابهات مشترك في الآدميين لا يختص بالمسلم , وأضعف من ذلك قول من زعم أن ذلك لكونها خلقت من فضلة طين آدم فإن الحديث في ذلك لم يثبت , والله أعلم . وفيه ضرب الأمثال والأشباه لزيادة الإفهام , وتصوير المعاني لترسخ في الذهن , ولتحديد الفكر في النظر في حكم الحادثة . وفيه إشارة إلى أن تشبيه الشيء بالشيء لا يلزم أن يكون نظيره من جميع وجوهه , فإن المؤمن لا يماثله شيء من الجمادات ولا يعادله . وفيه توقير الكبير , وتقديم الصغير أباه في القول , وأنه لا يبادره بما فهمه وإن ظن أنه الصواب . وفيه أن العالم الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه من هو دونه ; لأن العلم مواهب , والله يؤتي فضله من يشاء . واستدل به مالك على أن الخواطر التي تقع في القلب من محبة الثناء على أعمال الخير لا يقدح فيها إذا كان أصلها لله , وذلك مستفاد من تمني عمر المذكور , ووجه تمني عمر رضي الله عنه ما طبع الإنسان عليه من محبة الخير لنفسه ولولده , ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره , وليزداد من النبي صلى الله عليه وسلم حظوة , ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم . وفيه الإشارة إلى حقارة الدنيا في عين عمر لأنه قابل فهم ابنه لمسألة واحدة بحمر النعم مع عظم مقدارها وغلاء ثمنها . ‏
    ‏( فائدة ) : ‏
    ‏قال البزار في مسنده : ولم يرو هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السياق إلا ابن عمر وحده , ولما ذكره الترمذي قال : وفي الباب عن أبي هريرة وأشار بذلك إلى حديث مختصر لأبي هريرة أورده عبد بن حميد في تفسيره لفظه : " مثل المؤمن مثل النخلة " , وعند الترمذي أيضا والنسائي وابن حبان من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : ( ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة ) قال : " هي النخلة " تفرد برفعه حماد بن سلمة , وقد تقدم أن في رواية مجاهد عن ابن عمر أنه كان عاشر عشرة , فاستفدنا من مجموع ما ذكرناه أن منهم أبا بكر وعمر وابن عمر , وأبا هريرة وأنس بن مالك إن كانا سمعا ما روياه من هذا الحديث في ذلك المجلس . والله أعلم .

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏خالد بن مخلد ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سليمان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن دينار ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عمر ‏
    ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم حدثوني ما هي قال فوقع الناس في شجر البوادي قال ‏ ‏عبد الله ‏ ‏فوقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ثم قالوا حدثنا ما هي يا رسول الله قال هي النخلة

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن يوسف ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏الليث ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد هو المقبري ‏ ‏عن ‏ ‏شريك بن عبد الله بن أبي نمر ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏يقول ‏
    ‏بينما نحن جلوس مع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال لهم أيكم ‏ ‏محمد ‏ ‏والنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏متكئ بين ‏ ‏ظهرانيهم ‏ ‏فقلنا ‏ ‏هذا الرجل الأبيض المتكئ فقال له الرجل يا ‏ ‏ابن عبد المطلب ‏ ‏فقال له النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قد أجبتك فقال الرجل للنبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إني سائلك فمشدد عليك في المسألة فلا ‏ ‏تجد ‏ ‏علي في نفسك فقال سل عما بدا لك فقال أسألك بربك ورب من قبلك أالله أرسلك إلى الناس كلهم فقال اللهم نعم قال أنشدك بالله أالله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة قال اللهم نعم قال أنشدك بالله أالله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة قال اللهم نعم قال أنشدك بالله أالله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏اللهم نعم فقال الرجل آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي وأنا ‏ ‏ضمام بن ثعلبة ‏ ‏أخو ‏ ‏بني سعد بن بكر ‏
    ‏ورواه ‏ ‏موسى بن إسماعيل ‏ ‏وعلي بن عبد الحميد ‏ ‏عن ‏ ‏سليمان بن المغيرة ‏ ‏عن ‏ ‏ثابت ‏ ‏عن ‏ ‏أنس ‏ ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بهذا ‏




    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( الليث عن سعيد ) ‏
    ‏في رواية الإسماعيلي من طريق يونس بن محمد عن الليث حدثني سعيد , وكذا لابن منده من طريق ابن وهب عن الليث , وفي هذا دليل على أن رواية النسائي من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن الليث قال : حدثني محمد بن عجلان وغيره عن سعيد موهومة معدودة من المزيد في متصل الأسانيد , أو يحمل على أن الليث سمعه عن سعيد بواسطة ثم لقيه فحدثه به . وفيه اختلاف آخر أخرجه النسائي والبغوي من طريق الحارث بن عمير عن عبيد الله بن عمر , وذكره ابن منده عن طريق الضحاك بن عثمان كلاهما عن سعيد عن أبي هريرة , ولم يقدح هذا الاختلاف فيه عند البخاري لأن الليث أثبتهم في سعيد المقبري مع احتمال أن يكون لسعيد فيه شيخان , لكن تترجح رواية الليث بأن المقبري عن أبي هريرة جادة مألوفة فلا يعدل عنها إلى غيرها إلا من كان ضابطا متثبتا , ومن ثم قال ابن أبي حاتم عن أبيه : رواية الضحاك وهم . وقال الدارقطني في العلل : رواه عبيد الله بن عمر وأخوه عبد الله والضحاك بن عثمان عن المقبري عن أبي هريرة ووهموا فيه والقول قول الليث . أما مسلم فلم يخرجه من هذا الوجه بل أخرجه من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس , وقد أشار إليها المصنف عقب هذه الطريق . وما فر منه مسلم وقع في نظيره , فإن حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت وقد روى هذا الحديث عن ثابت فأرسله , ورجح الدارقطني رواية حماد . ‏

    ‏قوله : ( ابن أبي نمر ) ‏
    ‏هو بفتح النون وكسر الميم , لا يعرف اسمه , ذكره ابن سعد في الصحابة , وأخرج له ابن السكن حديثا , وأغفله ابن الأثير تبعا لأصوله . ‏

    ‏قوله . : ( في المسجد ) ‏
    ‏أي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ‏

    ‏قوله : ( ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ ) ‏
    ‏فيه جواز اتكاء الإمام بين أتباعه , وفيه ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه من ترك التكبر لقوله بين ظهرانيهم , وهي بفتح النون أي بينهم , وزيد لفظ الظهر ليدل على أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه , فهو محفوف بهم من جانبيه , والألف والنون فيه للتأكيد قاله صاحب الفائق . ووقع في رواية موسى بن إسماعيل الآتي ذكرها آخر هذا الحديث في أوله : " عن أنس قال : نهينا في القرآن أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم , فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع , فجاء رجل " وكأن أنسا أشار إلى آية المائدة , وسيأتي بسط القول فيها في التفسير إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله : ( دخل ) ‏
    ‏زاد الأصيلي قبلها " إذ " . ‏

    ‏قوله : ( ثم عقله ) ‏
    ‏بتخفيف القاف أي : شد على ساق الجمل - بعد أن ثنى ركبته - حبلا . قوله : ( في المسجد ) استنبط منه ابن بطال وغيره طهارة أبوال الإبل وأرواثها , إذ لا يؤمن ذلك منه مدة كونه في المسجد , ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم , ودلالته غير واضحة , وإنما فيه مجرد احتمال , ويدفعه رواية أبي نعيم : " أقبل على بعير له حتى أتى المسجد فأناخه ثم عقله فدخل المسجد " فهذا السياق يدل على أنه ما دخل به المسجد , وأصرح منه رواية ابن عباس عند أحمد والحاكم ولفظها : " فأناخ بعيره على باب المسجد فعقله ثم دخل " , فعلى هذا في رواية أنس مجاز الحذف , والتقدير : فأناخه في ساحة المسجد , أو نحو ذلك . ‏

    ‏قوله : ( الأبيض ) ‏
    ‏أي : المشرب بحمرة كما في رواية الحارث بن عمير " الأمغر " أي : بالغين المعجمة قال حمزة بن الحارث : هو الأبيض المشرب بحمرة . ويؤيده ما يأتي في صفته صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن أبيض ولا آدم , أي : لم يكن أبيض صرفا . ‏

    ‏قوله : ( أجبتك ) ‏
    ‏أي : سمعتك , والمراد إنشاء الإجابة , أو نزل تقريره للصحابة في الإعلام عنه منزلة النطق , وهذا لائق بمراد المصنف . وقد قيل إنما لم يقل له نعم لأنه لم يخاطبه بما يليق بمنزلته من التعظيم , لا سيما مع قوله تعالى : ( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) والعذر عنه - إن قلنا إنه قدم مسلما - أنه لم يبلغه النهي , وكانت فيه بقية من جفاء الأعراب , وقد ظهرت بعد ذلك في قوله : " فمشدد عليك في المسألة " وفي قوله في رواية ثابت : " وزعم رسولك أنك تزعم " ولهذا وقع في أول رواية ثابت عن أنس : " كنا نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن شيء , فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع " زاد أبو عوانة في صحيحه : " وكانوا أجرأ على ذلك منا " يعني أن الصحابة واقفون عند النهي , وأولئك يعذرون بالجهل , وتمنوه عاقلا ليكون عارفا بما يسأل عنه . وظهر عقل ضمام في تقديمه الاعتذار بين يدي مسألته لظنه أنه لا يصل إلى مقصوده إلا بتلك المخاطبة . وفي رواية ثابت من الزيادة أنه سأله : " من رفع السماء وبسط الأرض " وغير ذلك من المصنوعات , ثم أقسم عليه به أن يصدقه عما يسأل عنه , وكرر القسم في كل مسألة تأكيدا وتقريرا للأمر , ثم صرح بالتصديق , فكل ذلك دليل على حسن تصرفه وتمكن عقله , ولهذا قال عمر في رواية أبي هريرة : " ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام " . ‏

    ‏قوله : ( ابن عبد المطلب ) ‏
    ‏بفتح النون على النداء . وفي رواية الكشميهني : " يا بن " بإثبات حرف النداء . ‏

    ‏قوله : ( فلا تجد ) ‏
    ‏أي : لا تغضب . ومادة " وجد " متحدة الماضي والمضارع مختلفة المصادر , بحسب اختلاف المعاني يقال في الغضب موجدة وفي المطلوب وجودا وفي الضالة وجدانا وفي الحب وجدا بالفتح وفي المال وجدا بالضم وفي الغنى جدة بكسر الجيم وتخفيف الدال المفتوحة على الأشهر في جميع ذلك , وقالوا أيضا في المكتوب وجادة وهي مولدة . ‏

    ‏قوله : ( أنشدك ) ‏
    ‏بفتح الهمزة وضم المعجمة وأصله من النشيد , وهو رفع الصوت , والمعنى سألتك رافعا نشيدتي قاله البغوي في شرح السنة . وقال الجوهري : نشدتك بالله أي سألتك بالله , كأنك ذكرته فنشد أي : تذكر . ‏

    ‏قوله : ( آلله ) ‏
    ‏بالمد في المواضع كلها . ‏

    ‏قوله : ( اللهم نعم ) ‏
    ‏الجواب حصل بنعم , وإنما ذكر اللهم تبركا بها , وكأنه استشهد بالله في ذلك تأكيدا لصدقه . ووقع في رواية موسى : " فقال : صدقت . قال : فمن خلق السماء ؟ قال الله . قال : فمن خلق الأرض والجبال ؟ قال : الله . قال : فمن جعل فيها المنافع ؟ قال : الله . قال : فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال وجعل فيها المنافع , آلله أرسلك ؟ قال : نعم " وكذا هو في رواية مسلم . ‏

    ‏قوله : ( أن تصلي ) ‏
    ‏بتاء المخاطب فيه وفيما بعده . ووقع عند الأصيلي بالنون فيها . قال القاضي عياض : هو أوجه . ويؤيده رواية ثابت بلفظ : " إن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا " وساق البقية كذلك . وتوجيه الأول أن كل ما وجب عليه وجب على أمته حتى يقوم دليل الاختصاص . ووقع في رواية الكشميهني والسرخسي " الصلاة الخمس " بالإفراد على إرادة الجنس . ‏

    ‏قوله : ( أن تأخذ هذه الصدقة ) ‏
    ‏قال ابن التين : فيه دليل على أن المرء لا يفرق صدقته بنفسه . ‏
    ‏قلت : وفيه نظر . وقوله : " على فقرائنا " خرج مخرج الأغلب لأنهم معظم أهل الصدقة . ‏

    ‏قوله : ( آمنت بما جئت به ) ‏
    ‏يحتمل أن يكون إخبارا وهو اختيار البخاري , ورجحه القاضي عياض , وأنه حضر بعد إسلامه مستثبتا من الرسول صلى الله عليه وسلم ما أخبره به رسوله إليهم ; لأنه قال في حديث ثابت عن أنس عند مسلم وغيره : " فإن رسولك زعم " وقال في رواية كريب عن ابن عباس عند الطبراني " أتتنا كتبك وأتتنا رسلك " واستنبط منه الحاكم أصل طلب علو الإسناد لأنه سمع ذلك من الرسول وآمن وصدق , ولكنه أراد أن يسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة , ويحتمل أن يكون قوله : " آمنت " إنشاء , ورجحه القرطبي لقوله : " زعم " قال : والزعم القول الذي لا يوثق به , قاله ابن السكيت وغيره . قلت : وفيه نظر ; لأن الزعم يطلق على القول المحقق أيضا كما نقله أبو عمر الزاهد في شرح فصيح شيخه ثعلب , وأكثر سيبويه من قوله : " زعم الخليل " في مقام الاحتجاج , وقد أشرنا إلى ذلك في حديث أبي سفيان في بدء الوحي . وأما تبويب أبي داود عليه : " باب المشرك يدخل المسجد " فليس مصيرا منه إلى أن ضماما قدم مشركا بل وجهه أنهم تركوا شخصا قادما يدخل المسجد من غير استفصال . ومما يؤيد أن قوله " آمنت " إخبار أنه لم يسأل عن دليل التوحيد , بل عن عموم الرسالة وعن شرائع الإسلام , ولو كان إنشاء لكان طلب معجزة توجب له التصديق , قاله الكرماني . وعكسه القرطبي فاستدل به على صحة إيمان المقلد للرسول ولو لم تظهر له معجزة . وكذا أشار إليه ابن الصلاح . والله أعلم . ‏
    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏لم يذكر الحج في رواية شريك هذه , وقد ذكره مسلم وغيره فقال موسى في روايته : " وإن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا ؟ قال : صدق " وأخرجه مسلم أيضا وهو في حديث أبي هريرة وابن عباس أيضا . وأغرب ابن التين فقال : إنما لم يذكره لأنه لم يكن فرض . وكأن الحامل له على ذلك ما جزم به الواقدي ومحمد بن حبيب أن قدوم ضمام كان سنة خمس فيكون قبل فرض الحج , لكنه غلط من أوجه : ‏
    ‏أحدها أن في رواية مسلم أن قدومه كان بعد نزول النهي في القرآن عن سؤال الرسول , وآية النهي في المائدة ونزولها متأخر جدا . ‏
    ‏ثانيها أن إرسال الرسل إلى الدعاء إلى الإسلام إنما كان ابتداؤه بعد الحديبية , ومعظمه بعد فتح مكة . ‏
    ‏ثالثها أن في القصة أن قومه أوفدوه , وإنما كان معظم الوفود بعد فتح مكة . ‏
    ‏رابعها في حديث ابن عباس أن قومه أطاعوه ودخلوا في الإسلام بعد رجوعه إليهم , ولم يدخل بنو سعد - وهو ابن بكر بن هوازن - في الإسلام إلا بعد وقعة حنين وكانت في شوال سنة ثمان كما سيأتي مشروحا في مكانه إن شاء الله تعالى . فالصواب أن قدوم ضمام كان في سنة تسع وبه جزم ابن إسحاق وأبو عبيدة وغيرهما . وغفل البدر الزركشي فقال : إنما لم يذكر الحج لأنه كان معلوما عندهم في شريعة إبراهيم انتهى . وكأنه لم يراجع صحيح مسلم فضلا عن غيره . ‏

    ‏قوله : ( وأنا رسول من ورائي ) ‏
    ‏من موصولة ورسول مضاف إليها , ويجوز تنوينه وكسر من لكن لم تأت به الرواية . ووقع في رواية كريب عن ابن عباس عند الطبراني . " جاء رجل من بني سعد بن بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان مسترضعا فيهم - فقال : أنا وافد قومي ورسولهم " وعند أحمد والحاكم : " بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم علينا " فذكر الحديث . فقول ابن عباس : " فقدم علينا " يدل على تأخير وفادته أيضا ; لأن ابن عباس إنما قدم المدينة بعد الفتح . وزاد مسلم في آخر الحديث قال : " والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهم ولا أنقص . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لئن صدق ليدخلن الجنة " وكذا هي في رواية موسى بن إسماعيل . ووقعت هذه الزيادة في حديث ابن عباس , وهي الحاملة لمن سمى المبهم في حديث طلحة ضمام بن ثعلبة كابن عبد البر وغيره , وقد قدمنا هناك أن القرطبي مال إلى أنه غيره . ووقع في رواية عبيد الله بن عمر عن المقبري عن أبي هريرة التي أشرت إليها قبل من الزيادة في هذه القصة أن ضماما قال بعد قوله وأنا ضمام بن ثعلبة : " فأما هذه الهناة فوالله إن كنا لنتنزه عنها في الجاهلية " يعني الفواحش . فلما أن ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم . " فقه الرجل " . قال : وكان عمر بن الخطاب يقول : ما رأيت أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام . ووقع في آخر حديث ابن عباس عند أبي داود : " فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام " وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم العمل بخبر الواحد , ولا يقدح فيه مجيء ضمام مستثبتا لأنه قصد اللقاء والمشافهة كما تقدم عن الحاكم , وقد رجع ضمام إلى قومه وحده فصدقوه وآمنوا كما وقع في حديث ابن عباس . وفيه نسبة الشخص إلى جده إذا كان أشهر من أبيه , ومنه قوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين : " أنا ابن عبد المطلب " . وفيه الاستحلاف على الأمر المحقق لزيادة التأكيد , وفيه رواية الأقران لأن سعيدا وشريكا تابعيان من درجة واحدة وهما مدنيان . ‏

    ‏قوله : ( رواه موسى ) ‏
    ‏هو ابن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي شيخ البخاري , وحديثه موصول عند أبي عوانة في صحيحه وعند ابن منده في الإيمان , وإنما علقه البخاري لأنه لم يحتج بشيخه سليمان بن المغيرة , وقد خولف في وصله فرواه حماد بن سلمة عن ثابت مرسلا , ورجحها الدارقطني , وزعم بعضهم أنها علة تمنع من تصحيح الحديث , وليس كذلك بل هي دالة على أن لحديث شريك أصلا . ‏

    ‏قوله : ( وعلي بن عبد الحميد ‏
    ‏) هو المعني بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر النون بعدها ياء النسب , وحديثه موصول عند الترمذي أخرجه عن البخاري عنه , وكذا أخرجه الدارمي عن علي بن عبد الحميد , وليس له في البخاري سوى هذا الموضع المعلق . ‏

    ‏قوله : ( بهذا ) ‏
    ‏أي : هذا المعنى , وإلا فاللفظ كما بينا مختلف . وسقطت هذه اللفظة من رواية أبي الوقت وابن عساكر . والله سبحانه وتعالى أعلم . ‏
    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏وقع في النسخة البغدادية - التي صححها العلامة أبو محمد بن الصغاني اللغوي بعد أن سمعها من أصحاب أبي الوقت وقابلها على عدة نسخ وجعل لها علامات عقب قوله رواه موسى وعلي بن عبد الحميد عن سليمان بن المغيرة عن ثابت ما نصه : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس , وساق الحديث بتمامه . وقال الصغاني في الهامش : هذا الحديث ساقط من النسخ كلها إلا في النسخة التي قرئت على الفربري صاحب البخاري وعليها خطه . قلت : وكذا سقطت في جميع النسخ التي وقفت عليها . والله تعالى أعلم بالصواب .

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن عبد الله ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏إبراهيم بن سعد ‏ ‏عن ‏ ‏صالح ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏عن ‏ ‏عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ‏ ‏أن ‏ ‏عبد الله بن عباس ‏ ‏أخبره ‏
    ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بعث بكتابه ‏ ‏رجلا ‏ ‏وأمره أن يدفعه إلى ‏ ‏عظيم ‏ ‏البحرين ‏ ‏فدفعه ‏ ‏عظيم ‏ ‏البحرين ‏ ‏إلى ‏ ‏كسرى ‏ ‏فلما قرأه مزقه ‏
    ‏فحسبت أن ‏ ‏ابن المسيب ‏ ‏قال ‏ ‏فدعا عليهم رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أن يمزقوا كل ممزق ‏




    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا إسماعيل بن عبد الله ) ‏
    ‏هو ابن أبي أويس , وصالح هو ابن كيسان . ‏

    ‏قوله : ( بعث بكتابه رجلا ) ‏
    ‏هو عبد الله بن حذافة السهمي كما سماه المؤلف في هذا الحديث في المغازي . وكسرى هو أبرويز بن هرمز بن أنوشروان , ووهم من قال هو أنوشروان . وعظيم البحرين هو المنذر بن ساوى بالمهملة وفتح الواو الممالة , وسيأتي الكلام على هذا الحديث في المغازي . ‏

    ‏قوله : ( فحسبت ) ‏
    ‏القائل هو ابن شهاب راوي الحديث , فقصة الكتاب عنده موصولة وقصة الدعاء مرسلة . ووجه دلالته على المكاتبة ظاهر , ويمكن أن يستدل به على المناولة من حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم ناول الكتاب لرسوله , وأمره أن يخبر عظيم البحرين بأن هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن سمع ما فيه ولا قرأه

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن مقاتل أبو الحسن المروزي ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عبد الله ‏ ‏قال أخبرنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏عن ‏ ‏قتادة ‏ ‏عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏قال ‏
    ‏كتب النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏كتابا ‏ ‏أو أراد أن يكتب ‏ ‏فقيل له إنهم لا يقرءون كتابا إلا مختوما ‏ ‏فاتخذ خاتما من فضة نقشه ‏ ‏محمد ‏ ‏رسول الله كأني أنظر إلى بياضه في يده فقلت ‏ ‏لقتادة ‏ ‏من قال نقشه ‏ ‏محمد ‏ ‏رسول الله قال ‏ ‏أنس ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( عبد الله ) ‏
    ‏هو ابن المبارك . ‏

    ‏قوله : ( كتب أو أراد أن يكتب ) ‏
    ‏شك من الراوي , ونسبة الكتابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم مجازية , أي : كتب الكاتب بأمره . ‏

    ‏قوله : ( لا يقرءون كتابا إلا مختوما ) ‏
    ‏يعرف من هذا فائدة إيراده هذا الحديث في هذا الباب لينبه على أن شرط العمل بالمكاتبة أن يكون الكتاب مختوما ليحصل الأمن من توهم تغييره , لكن قد يستغنى عن ختمه إذا كان الحامل عدلا مؤتمنا . ‏

    ‏قوله : ( فقلت ) ‏
    ‏القائل هو شعبة , وسيأتي باقي الكلام على هذا الحديث في الجهاد وفي اللباس إن شاء الله تعالى . ‏
    ‏( فائدة ) : ‏
    ‏لم يذكر المصنف من أقسام التحمل الإجازة المجردة عن المناولة أو المكاتبة , ولا الوجادة ولا الوصية ولا الأعلام المجردات عن الإجازة , وكأنه لا يرى بشيء منها . وقد ادعى ابن منده أن كل ما يقول البخاري فيه : " قال لي " فهي إجازة , وهي دعوى مردودة بدليل أني استقريت كثيرا من المواضع التي يقول فيها الجامع قال لي فوجدته في غير الجامع يقول فيها حدثنا , والبخاري لا يستجيز في الإجازة إطلاق التحديث , فدل على أنها عنده من المسموع , لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرق بين ما يبلغ شرطه وما لا يبلغ . والله أعلم . ‏

  8. #8
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ‏ ‏أن ‏ ‏أبا مرة ‏ ‏مولى ‏ ‏عقيل بن أبي طالب ‏ ‏أخبره عن ‏ ‏أبي واقد الليثي ‏
    ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وذهب واحد قال فوقفا على رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأما أحدهما فرأى ‏ ‏فرجة ‏ ‏في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم ‏ ‏فأوى ‏ ‏إلى الله فآواه الله وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( مولى عقيل ) ‏
    ‏بفتح العين , وقيل لأبي مرة ذلك للزومه إياه , وإنما هو مولى أخته أم هانئ بنت أبي طالب . ‏

    ‏قوله : ( عن أبي واقد ) ‏
    ‏صرح بالتحديث في رواية النسائي من طريق يحيى بن أبي كثير عن إسحاق فقال : عن أبي مرة أن أبا واقد حدثه . وقد قدمنا أن اسم أبي واقد الحارث بن مالك , وقيل ابن عوف , وقيل عوف بن الحارث , وليس له في البخاري غير هذا الحديث , ورجال إسناده مدنيون , وهو في الموطأ , ولم يروه عن أبي واقد إلا أبو مرة . ولا عنه إلا إسحاق , وأبو مرة والراوي عنه تابعيان , وله شاهد من حديث أنس أخرجه البزار والحاكم . ‏

    ‏قوله : ( ثلاثة نفر ) ‏
    ‏النفر بالتحريك للرجال من ثلاثة إلى عشرة , والمعنى ثلاثة هم نفر , والنفر اسم جمع ولهذا وقع مميزا للجمع كقوله تعالى : ( تسعة رهط ) . ‏

    ‏قوله : ( فأقبل اثنان ) ‏
    ‏بعد قوله : " أقبل ثلاثة " هما إقبالان , كأنهم أقبلوا أولا من الطريق فدخلوا المسجد مارين كما في حديث أنس , فإذا ثلاثة نفر يمرون , فلما رأوا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم أقبل إليه اثنان منهم واستمر الثالث ذاهبا . ‏

    ‏قوله : ( فوقفا ) ‏
    ‏زاد أكثر رواة الموطأ : " فلما وقفا سلما " وكذا عند الترمذي والنسائي . ولم يذكر المصنف هنا ولا في الصلاة السلام . وكذا لم يقع في رواية مسلم . ويستفاد منه أن الداخل يبدأ بالسلام , وأن القائم يسلم على القاعد , وإنما لم يذكر رد السلام عليهما اكتفاء بشهرته , أو يستفاد منه أن المستغرق في العبادة يسقط عنه الرد . وسيأتي البحث فيه في كتاب الاستئذان . ولم يذكر أنهما صليا تحية المسجد إما لكون ذلك كان قبل أن تشرع أو كانا على غير وضوء أو وقع فلم ينقل للاهتمام بغير ذلك من القصة أو كان في غير وقت تنفل , قاله القاضي عياض بناء على مذهبه في أنها لا تصلى في الأوقات المكروهة . ‏

    ‏قوله : ( فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ‏
    ‏أي : على مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو " على " بمعنى عند . ‏

    ‏قوله : ( فرجة ) ‏
    ‏بالضم والفتح معا هي الخلل بين الشيئين . والحلقة بإسكان اللام كل شيء مستدير خالي الوسط والجمع حلق بفتحتين , وحكي فتح اللام في الواحد وهو نادر . وفيه استحباب التحليق في مجالس الذكر والعلم , وفيه أن من سبق إلى موضع منها كان أحق به . ‏

    ‏قوله : ( وأما الآخر ) ‏
    ‏بفتح الخاء المعجمة , وفيه رد على من زعم أنه يختص بالأخير لإطلاقه هنا على الثاني . ‏

    ‏قوله : ( فأوى إلى الله فآواه الله ) ‏
    ‏قال القرطبي : الرواية الصحيحة بقصر الأول ومد الثاني وهو المشهور في اللغة , وفي القرآن ( إذ أوى الفتية إلى الكهف ) بالقصر , ( وآويناهما إلى ربوة ) بالمد , وحكي في اللغة القصر والمد معا فيهما . ومعنى أوى إلى الله لجأ إلى الله , أو على الحذف أي : انضم إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومعنى فآواه الله أي : جازاه بنظير فعله بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه . وفيه استحباب الأدب في مجالس العلم وفضل سد خلل الحلقة , كما ورد الترغيب في سد خلل الصفوف في الصلاة , وجواز التخطي لسد الخلل ما لم يؤذ , فإن خشي استحب الجلوس حيث ينتهي كما فعل الثاني . وفيه الثناء على من زاحم في طلب الخير . ‏

    ‏قوله : ( فاستحيا ) ‏
    ‏أي ترك المزاحمة كما فعل رفيقه حياء من النبي صلى الله عليه وسلم وممن حضر قاله القاضي عياض , وقد بين أنس في روايته سبب استحياء هذا الثاني فلفظه عند الحاكم : " ومضى الثاني قليلا ثم جاء فجلس " فالمعنى أنه استحيا من الذهاب عن المجلس كما فعل رفيقه الثالث . ‏

    ‏قوله : ( فاستحيا الله منه ) ‏
    ‏أي : رحمه ولم يعاقبه . ‏

    ‏قوله : ( فأعرض الله عنه ) ‏
    ‏أي : سخط عليه , وهو محمول على من ذهب معرضا لا لعذر , هذا إن كان مسلما , ويحتمل أن يكون منافقا , واطلع النبي صلى الله عليه وسلم على أمره , كما يحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم : " فأعرض الله عنه " إخبارا أو دعاء . ووقع في حديث أنس : " فاستغنى فاستغنى الله عنه " وهذا يرشح كونه خبرا , وإطلاق الإعراض وغيره في حق الله تعالى على سبيل المقابلة والمشاكلة , فيحمل كل لفظ منها على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى . وفائدة إطلاق ذلك بيان الشيء بطريق واضح , وفيه جواز الإخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنها وأن ذلك لا يعد من الغيبة , وفي الحديث فضل ملازمة حلق العلم والذكر وجلوس العالم والمذكر في المسجد , وفيه الثناء على المستحي . والجلوس حيث ينتهي به المجلس . ولم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تسمية واحد من الثلاثة المذكورين . والله تعالى أعلم . ‏

  9. #9
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة


    حدثنا ‏ ‏مسدد ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏بشر ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏ابن عون ‏ ‏عن ‏ ‏ابن سيرين ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحمن بن أبي بكرة ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏
    ‏ذكر النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قعد على بعيره وأمسك إنسان ‏ ‏بخطامه ‏ ‏أو بزمامه ‏ ‏قال أي يوم هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال أليس يوم ‏ ‏النحر ‏ ‏قلنا بلى قال فأي شهر هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس بذي الحجة قلنا بلى قال ‏ ‏فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( بشر ) ‏
    ‏هو ابن المفضل , ورجال الإسناد كلهم بصريون . ‏

    ‏قوله : ( ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ) ‏
    ‏نصب النبي على المفعولية , وفي " ذكر " ضمير يعود على الراوي , يعني أن أبا بكرة كان يحدثهم فذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قعد على بعيره . وفي رواية النسائي ما يشعر بذلك ولفظه عن أبي بكرة قال . وذكر النبي صلى الله عليه وسلم . فالواو إما حالية وإما عاطفة والمعطوف عليه محذوف . وقد وقع في رواية ابن عساكر عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد ولا إشكال فيه . ‏

    ‏قوله : ( وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه ) ‏
    ‏الشك من الراوي , والزمام والخطام بمعنى , وهو الخيط الذي تشد فيه الحلقة التي تسمى بالبرة - بضم الموحدة وتخفيف الراء المفتوحة - في أنف البعير . وهذا الممسك سماه بعض الشراح بلالا , واستند إلى ما رواه النسائي من طريق أم الحصين قالت : حججت فرأيت بلالا يقود بخطام راحلة النبي صلى الله عليه وسلم انتهى . وقد وقع في السنن من حديث عمرو بن خارجة قال : كنت آخذا بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم انتهى . فذكر بعض الخطبة , فهو أولى أن يفسر به المبهم من بلال , لكن الصواب أنه هنا أبو بكرة , فقد ثبت ذلك في رواية الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن ابن عون ولفظه : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته يوم النحر , وأمسكت - إما قال بخطامها , وإما قال بزمامها - واستفدنا من هذا أن الشك ممن دون أبي بكرة لا منه . وفائدة إمساك الخطام صون البعير عن الاضطراب حتى لا يشوش على راكبه . ‏

    ‏قوله : ( أي يوم هذا ) ‏
    ‏سقط من رواية المستملي والحموي السؤال عن الشهر والجواب الذي قبله فصار هكذا : أي يوم هذا , فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال : أليس بذي الحجة ؟ وكذا في رواية الأصيلي وتوجيهه ظاهر , وهو من إطلاق الكل على البعض ; ولكن الثابت في الروايات عند مسلم وغيره ما ثبت عند الكشميهني وكريمة , وكذلك وقع في رواية مسلم وغيره السؤال عن البلد , وهذا كله في رواية ابن عون , وثبت السؤال عن الثلاثة عند المصنف في الأضاحي من رواية أيوب , وفي الحج من رواية قرة كلاهما عن ابن سيرين , قال القرطبي : سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها كان لاستحضار فهومهم وليقبلوا عليه بكليتهم , وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه , ولذلك قال بعد هذا : فإن دماءكم إلخ , مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء . انتهى . ومناط التشبيه في قوله : " كحرمة يومكم " وما بعده ظهوره عند السامعين ; لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتا في نفوسهم - مقررا عندهم , بخلاف الأنفس والأموال والأعراض فكانوا في الجاهلية يستبيحونها , فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم , فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه ; لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع . ووقع في الروايات التي أشرنا إليها عند المصنف وغيره أنهم أجابوه عن كل سؤال بقولهم : الله ورسوله أعلم . وذلك من حسن أدبهم ; لأنهم علموا أنه لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب , وأنه ليس مراده مطلق الإخبار بما يعرفونه , ولهذا قال في رواية الباب : حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه . ففيه إشارة إلى تفويض الأمور الكلية إلى الشارع , ويستفاد منه الحجة لمثبتي الحقائق الشرعية . ‏

    ‏قوله : ( فإن دماءكم إلخ ) ‏
    ‏هو على حذف مضاف , أي : سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم . والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الإنسان , سواء كان في نفسه أو سلفه . ‏

    ‏قوله : ( ليبلغ الشاهد ) ‏
    ‏أي : الحاضر في المجلس ‏
    ‏( الغائب ) ‏
    ‏أي : الغائب عنه , والمراد إما تبليغ القول المذكور أو تبليغ جميع الأحكام . وقوله : " منه " صلة لأفعل التفضيل , وجاز الفصل بينهما لأن في الظرف سعة , وليس الفاصل أيضا أجنبيا . ‏
    ‏( فائدة ) : ‏
    ‏وقع في حديث الباب : " فسكتنا بعد السؤال " . وعند المصنف في الحج من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال : أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم حرام . وظاهرهما التعارض , والجمع بينهما أن الطائفة الذين كان فيهم ابن عباس أجابوا , والطائفة الذين كان فيهم أبو بكرة لم يجيبوا بل قالوا : الله ورسوله أعلم كما أشرنا إليه . أو تكون رواية ابن عباس بالمعنى ; لأن في حديث أبي بكرة عند المصنف في الحج وفي الفتن أنه لما قال : " أليس يوم النحر ؟ قالوا بلى " بمعنى قولهم يوم حرام بالاستلزام , وغايته أن أبا بكرة نقل السياق بتمامه , واختصره ابن عباس . وكأن ذلك كان بسبب قرب أبي بكرة منه لكونه كان آخذا بخطام الناقة . وقال بعضهم : يحتمل تعدد الخطبة , فإن أراد أنه كررها في يوم النحر فيحتاج لدليل , فإن في حديث ابن عمر عند المصنف في الحج أن ذلك كان يوم النحر بين الجمرات في حجته . وفي هذا الحديث من الفوائد - غير ما تقدم - الحث على تبليغ العلم , وجواز التحمل قبل كمال الأهلية , وأن الفهم ليس شرطا في الأداء , وأنه قد يأتي في الآخر من يكون أفهم ممن تقدمه لكن بقلة , واستنبط ابن المنير من تعليل كون المتأخر أرجح نظرا من المتقدم أن تفسير الراوي أرجح من تفسير غيره . وفيه جواز القعود على ظهر الدواب وهي واقفة إذا احتيج إلى ذلك , وحمل النهي الوارد في ذلك على ما إذا كان لغير ضرورة . وفيه الخطبة على موضع عال ليكون أبلغ في إسماعه للناس ورؤيتهم إياه

  10. #10
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏باب ‏ ‏العلم قبل القول والعمل ‏ ‏لقول الله تعالى ‏
    ‏فاعلم أنه لا إله إلا الله ‏
    ‏فبدأ بالعلم وأن العلماء هم ورثة الأنبياء ورثوا العلم من أخذه أخذ بحظ وافر ومن سلك طريقا يطلب به علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وقال جل ذكره ‏
    ‏إنما يخشى الله من عباده العلماء ‏
    ‏وقال ‏
    ‏وما يعقلها إلا العالمون ‏

    ‏وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ‏
    ‏وقال ‏
    ‏هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ‏
    ‏وقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من يرد الله به خيرا ‏ ‏يفقهه في الدين ‏ ‏وإنما العلم بالتعلم ‏ ‏وقال ‏ ‏أبو ذر ‏ ‏لو وضعتم ‏ ‏الصمصامة ‏ ‏على هذه وأشار إلى قفاه ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها ‏ ‏وقال ‏ ‏ابن عباس ‏
    ‏كونوا ‏ ‏ربانيين ‏
    ‏حلماء فقهاء ‏ ‏ويقال ‏ ‏الرباني ‏ ‏الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره ‏




    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( باب العلم قبل القول والعمل ) ‏
    ‏قال ابن المنير : أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل , فلا يعتبران إلا به , فهو متقدم عليهما لأنه مصحح للنية المصححة للعمل , فنبه المصنف على ذلك حتى لا يسبق إلى الذهن من قولهم : " إن العلم لا ينفع إلا بالعمل " تهوين أمر العلم والتساهل في طلبه . ‏

    ‏قوله : ( فبدأ بالعلم ) ‏
    ‏أي : حيث قال : " فاعلم أنه لا إله إلا الله " ثم قال " واستغفر لذنبك " . والخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فهو متناول لأمته . واستدل سفيان بن عيينة بهذه الآية على فضل العلم كما أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمته من طريق الربيع بن نافع عنه أنه تلاها فقال : ألم تسمع أنه بدأ به فقال : " اعلم " ثم أمره بالعمل ؟ وينتزع منها دليل ما يقوله المتكلمون من وجوب المعرفة ; لكن النزاع كما قدمناه إنما هو في إيجاب تعلم الأدلة على القوانين المذكورة في كتب الكلام , وقد تقدم شيء من هذا في كتاب الإيمان . ‏

    ‏قوله : ( وأن العلماء ) ‏
    ‏بفتح أن , ويجوز كسرها , ومن هنا إلى قوله : " وافر " طرف من حديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم مصححا من حديث أبي الدرداء وحسنه حمزة الكناني , وضعفه عندهم سنده , لكن له شواهد يتقوى بها , ولم يفصح المصنف بكونه حديثا فلهذا لا يعد في تعاليقه , لكن إيراده له في الترجمة يشعر بأن له أصلا , وشاهده في القرآن قوله تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) , ومناسبته للترجمة من جهة أن الوارث قائم مقام الموروث , فله حكمه فيما قام مقامه فيه . ‏

    ‏قوله : ( ورثوا ) ‏
    ‏بتشديد الراء المفتوحة , أي : الأنبياء . ويروى بتخفيفها مع الكسر أي : العلماء . ويؤيد الأول ما عند الترمذي وغيره فيه : وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما , وإنما ورثوا العلم " . ‏

    ‏قوله : ( بحظ ) ‏
    ‏أي : نصيب ‏
    ‏( وافر ) ‏
    ‏أي : كامل . ‏

    ‏قوله : ( ومن سلك طريقا ) ‏
    ‏هو من جملة الحديث المذكور , وقد أخرج هذه الجملة أيضا مسلم من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في حديث غير هذا , وأخرجه الترمذي وقال : حسن . قال : ولم يقل له صحيح لأنه يقال إن الأعمش دلس فيه فقال حدثت عن أبي صالح . قلت : لكن في رواية مسلم عن أبي أسامة عن الأعمش : " حدثنا أبو صالح " فانتفت تهمة تدليسه . ‏

    ‏قوله : ( طريقا ) ‏
    ‏نكرها ونكر " علما " لتناول أنواع الطرق الموصلة إلى تحصيل العلوم الدينية , وليندرج فيه القليل والكثير . ‏

    ‏قوله : ( سهل الله له طريقا ) ‏
    ‏أي : في الآخرة , أو في الدنيا بأن يوفقه للأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة . وفيه بشارة بتسهيل العلم على طالبه لأن طلبه من الطرق الموصلة إلى الجنة . ‏

    ‏قوله : ( وقال ) ‏
    ‏أي : الله عز وجل , وهو معطوف على قوله : لقول الله ( إنما يخشى الله ) أي : يخاف من الله من علم قدرته وسلطانه وهم العلماء قاله ابن عباس . ‏

    ‏قوله : ( وما يعقلها ) ‏
    ‏أي الأمثال المضروبة . ‏

    ‏قوله : ( لو كنا نسمع ) ‏
    ‏أي : سمع من يعي ويفهم ‏
    ‏( أو نعقل ) ‏
    ‏عقل من يميز , وهذه أوصاف أهل العلم . فالمعنى لو كنا من أهل العلم لعلمنا ما يجب علينا فعملنا به فنجونا . ‏

    ‏قوله : ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيرا يفقهه ) ‏
    ‏كذا في رواية الأكثر , وفي رواية المستملي : " يفهمه " بالهاء المشددة المكسورة بعدها ميم , وقد وصله المؤلف باللفظ الأول بعد هذا ببابين كما سيأتي . وأما اللفظ الثاني فأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب العلم من طريق ابن عمر عن عمر مرفوعا , وإسناده حسن . والفقه هو الفهم قال الله تعالى : ( لا يكادون يفقهون حديثا ) أي : لا يفهمون , والمراد الفهم في الأحكام الشرعية . ‏

    ‏قوله : ( وإنما العلم بالتعلم ) ‏
    ‏هو حديث مرفوع أيضا , أورده ابن أبي عاصم والطبراني من حديث معاوية أيضا بلفظ : " يا أيها الناس تعلموا , إنما العلم بالتعلم , والفقه بالتفقه , ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " إسناده حسن , إلا أن فيه مبهما اعتضد بمجيئه من وجه آخر , وروى البزار نحوه من حديث ابن مسعود موقوفا , ورواه أبو نعيم الأصبهاني مرفوعا . وفي الباب عن أبي الدرداء وغيره . فلا يغتر بقوله من جعله من كلام البخاري , والمعنى ليس العلم المعتبر إلا المأخوذ من الأنبياء وورثتهم على سبيل التعلم . ‏

    ‏قوله : ( وقال أبو ذر إلخ ) ‏
    ‏هذا التعليق رويناه موصولا في مسند الدارمي وغيره من طريق الأوزاعي : حدثني أبو كثير - يعني مالك بن مرثد - عن أبيه قال : أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى , وقد اجتمع عليه الناس يستفتونه , فأتاه رجل فوقف عليه ثم قال : ألم تنه عن الفتيا ؟ فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت علي ؟ لو وضعتم . . فذكر مثله . ورويناه في الحلية من هذا الوجه , وبين أن الذي خاطبه رجل من قريش , وأن الذي نهاه عن الفتيا عثمان رضي الله عنه . وكان سبب ذلك أنه كان بالشام فاختلف مع معاوية في تأويل قوله تعالى : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ) فقال معاوية : نزلت في أهل الكتاب خاصة , وقال أبو ذر : نزلت فيهم وفينا . فكتب معاوية إلى عثمان , فأرسل إلى أبي ذر , فحصلت منازعة أدت إلى انتقال أبي ذر عن المدينة فسكن الربذة - بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة - إلى أن مات رواه النسائي . وفيه دليل على أن أبا ذر كان لا يرى بطاعة الإمام إذا نهاه عن الفتيا ; لأنه كان يرى أن ذلك واجب عليه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه كما تقدم , ولعله أيضا سمع الوعيد في حق من كتم علما يعلمه , وسيأتي لعلي مع عثمان نحوه . والصمصامة بمهملتين الأولى مفتوحة هو السيف الصارم الذي لا ينثني , وقيل الذي له حد واحد . ‏

    ‏قوله : ( هذه ) ‏
    ‏إشارة إلى القفا , وهو يذكر ويؤنث , وأنفذ بضم الهمزة وكسر الفاء والذال المعجمة أي : أمضي , وتجيزوا بضم المثناة وكسر الجيم وبعد الياء زاي , أي : تكملوا قتلي , ونكر " كلمة " ليشمل القليل والكثير . والمراد به يبلغ ما تحمله في كل حال ولا ينتهي عن ذلك ولو أشرف على القتل . و " لو " في كلامه لمجرد الشرط من غير أن يلاحظ الامتناع , أو المراد أن الإنفاذ حاصل على تقدير وضع الصمصامة , وعلى تقدير عدم حصوله أولى , فهو مثل قوله : " لو لم يخف الله لم يعصه " وفيه الحث على تعليم العلم واحتمال المشقة فيه والصبر على الأذى طلبا للثواب . ‏

    ‏قوله : ( وقال ابن عباس ) ‏
    ‏كذا التعليق وصله ابن أبي عاصم أيضا بإسناد حسن , والخطيب بإسناد آخر حسن . وقد فسر ابن عباس : " الرباني " بأنه الحكيم الفقيه , ووافقه ابن مسعود فيما رواه إبراهيم الحربي في غريبه عنه بإسناد صحيح , وقال الأصمعي والإسماعيلي الرباني نسبة إلى الرب أي : الذي يقصد ما أمره الرب بقصده من العلم والعمل , وقال ثعلب قيل للعلماء ربانيون لأنهم يربون العلم أي : يقومون به , وزيدت الألف والنون للمبالغة . والحاصل أنه اختلف في هذه النسبة هل هي نسبة إلى الرب أو إلى التربية , والتربية على هذا للعلم , وعلى ما حكاه البخاري لتعلمه . والمراد بصغار العلم ما وضح من مسائله , وبكباره ما دق منها . وقيل يعلمهم جزئياته قبل كلياته , أو فروعه قبل أصوله , أو مقدماته قبل مقاصده . وقال ابن الأعرابي : لا يقال للعالم رباني حتى يكون عالما معلما عاملا . ‏
    ‏( فائدة ) : ‏
    ‏اقتصر المصنف في هذا الباب على ما أورده من غير أن يورد حديثا موصولا على شرطه , فإما أن يكون بيض له ليورد فيه ما يثبت على شرطه , أو يكون تعمد ذلك اكتفاء بما ذكر . والله أعلم .

  11. #11
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    حدثنا ‏ ‏محمد بن يوسف ‏ ‏قال أخبرنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏ ‏عن ‏ ‏أبي وائل ‏ ‏عن ‏ ‏ابن مسعود ‏ ‏قال ‏
    ‏كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يتخولنا ‏ ‏بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( سفيان ) ‏
    ‏هو الثوري , وقد رواه أحمد في مسنده عن ابن عيينة , لكن محمد بن يوسف الفريابي وإن كان يروي عن السفيانين فإنه حين يطلق يريد به الثوري , كما أن البخاري حيث يطلق محمد بن يوسف لا يريد به إلا الفريابي وإن كان يروي عن محمد بن يوسف البيكندي أيضا . وقد وهم من زعم أنه هنا البيكندي . ‏

    ‏قوله : ( عن أبي وائل ) ‏
    ‏في رواية أحمد المذكورة : سمعت شقيقا وهو أبو وائل . وأفاد هذا التصريح رفع ما يتوهم في رواية مسلم التي أخرجها من طريق علي بن مسهر عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله فذكر الحديث قال علي بن مسهر قال الأعمش : وحدثني عمرو بن مرة عن شقيق عن عبد الله مثله , فقد يوهم هذا أن الأعمش دلسه أولا عن شقيق , ثم سمى الواسطة بينهما , وليس كذلك , بل سمعه من أبي وائل بلا واسطة وسمعه عنه بواسطة , وأراد بذكر الرواية الثانية وإن كانت نازلة تأكيده , أو لينبه على عنايته بالرواية من حيث إنه سمعه نازلا فلم يقنع بذلك حتى سمعه عاليا , وكذا صرح الأعمش بالتحديث عند المصنف في الدعوات من رواية حفص بن غياث عنه قال : حدثني شقيق . وزاد في أوله أنهم كانوا ينتظرون عبد الله بن مسعود ليخرج إليهم فيذكرهم , وأنه لما خرج قال : أما إني أخبر بمكانكم ولكنه يمنعني من الخروج إليكم . . فذكر الحديث . ‏

    ‏قوله : ( كان يتخولنا ) ‏
    ‏بالخاء المعجمة وتشديد الواو , قال الخطابي : الخائل بالمعجمة هو القائم المتعهد للمال , يقال خال المال يخوله تخولا إذا تعهده وأصلحه . والمعنى كان يراعي الأوقات في تذكيرنا , ولا يفعل ذلك كل يوم لئلا نمل . والتخون بالنون أيضا يقال تخون الشيء إذا تعهده وحفظه , أي : اجتنب الخيانة فيه , كما قيل في تحنث وتأثم ونظائرهما . وقد قيل إن أبا عمرو بن العلاء سمع الأعمش يحدث هذا الحديث فقال : " يتخولنا " باللام فرده عليه بالنون فلم يرجع لأجل الرواية , وكلا اللفظين جائز . وحكى أبو عبيد الهروي في الغريبين عن أبي عمرو الشيباني أنه كان يقول : الصواب " يتحولنا " بالحاء المهملة أي : يتطلب أحوالنا التي ننشط فيها للموعظة . قلت : والصواب من حيث الرواية الأولى فقد رواه منصور عن أبي وائل كرواية الأعمش , وهو في الباب الآتي . وإذا ثبتت الرواية وصح المعنى بطل الاعتراض . ‏

    ‏قوله : ( علينا ) ‏
    ‏أي : السآمة الطارئة علينا , أو ضمن السآمة معنى المشقة فعداها بعلى , والصلة محذوفة والتقدير من الموعظة . ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال , وإن كانت المواظبة مطلوبة لكنها على قسمين : إما كل يوم مع عدم التكلف . وإما يوما بعد يوم فيكون يوم الترك لأجل الراحة ليقبل على الثاني بنشاط , وإما يوما في الجمعة , ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص , والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط . واحتمل عمل ابن مسعود من استدلاله أن يكون اقتدى بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حتى في اليوم الذي عينه , واحتمل أن يكون اقتدى بمجرد التخلل بين العمل والترك الذي عبر عنه بالتخول , والثاني أظهر . وأخذ بعض العلماء من حديث الباب كراهية تشبيه غير الرواتب بالرواتب بالمواظبة عليها في وقت معين دائما , وجاء عن مالك ما يشبه ذلك . ‏

  12. #12
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏عثمان بن أبي شيبة ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏جرير ‏ ‏عن ‏ ‏منصور ‏ ‏عن ‏ ‏أبي وائل ‏ ‏قال كان ‏ ‏عبد الله ‏
    ‏يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا ‏ ‏أبا عبد الرحمن ‏ ‏لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني ‏ ‏أتخولكم ‏ ‏بالموعظة كما كان النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يتخولنا ‏ ‏بها مخافة السآمة علينا ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( جرير ) ‏
    ‏و ابن عبد الحميد , ومنصور هو ابن المعتمر . ‏

    ‏قوله : ( كان عبد الله ) ‏
    ‏هو ابن مسعود , وكنيته أبو عبد الرحمن . ‏

    ‏قوله : ( فقال له رجل ) ‏
    ‏هذا المبهم يشبه أن يكون هو يزيد بن معاوية النخعي , وفي سياق المصنف في أواخر الدعوات ما يرشد إليه . ‏

    ‏قوله : ( لوددت ) ‏
    ‏اللام جواب قسم محذوف , أي والله لوددت , وفاعل " يمنعني " أني أكره بفتح همزة أني , وأملكم بضم الهمزة أي : أضجركم , وإني الثانية بكسر الهمزة . وقد تقدم شرح المتن قريبا . والإسناد كله كوفيون , وحديث أنس الذي قبله بصريون . ‏




  13. #13
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏سعيد بن عفير ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏ابن وهب ‏ ‏عن ‏ ‏يونس ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏قال قال ‏ ‏حميد بن عبد الرحمن ‏ ‏سمعت ‏ ‏معاوية ‏ ‏خطيبا يقول ‏
    ‏سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏من يرد الله به خيرا ‏ ‏يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا سعيد بن عفير ) ‏
    ‏هو سعيد بن كثير بن عفير , نسب إلى جده , وهو بالمهملة مصغرا . ‏
    ‏قوله : ( عن ابن شهاب ) ‏
    ‏قال حميد في الاعتصام : للمؤلف من هذا الوجه : أخبرني حميد . ولمسلم : حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف , زاد تسمية جده ‏
    ‏قوله : ( سمعت معاوية ) ‏
    ‏هو ابن أبي سفيان . ‏

    ‏قوله : ( خطيبا ) ‏
    ‏هو حال من المفعول , وفي رواية مسلم والاعتصام . " سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو يخطب " . وهذا الحديث مشتمل على ثلاثة أحكام : أحدها فضل النفقة في الدين . وثانيها أن المعطي في الحقيقة هو الله . وثالثها أن بعض هذه الأمة يبقى على الحق أبدا . فالأول لائق بأبواب العلم . والثاني لائق بقسم الصدقات , ولهذا أورده مسلم في الزكاة , والمؤلف في الخمس . والثالث لائق بذكر أشراط الساعة , وقد أورده المؤلف في الاعتصام لالتفاته إلى مسألة عدم خلو الزمان عن مجتهد , وسيأتي بسط القول فيه هناك , وأن المراد بأمر الله هنا الريح التي تقبض روح كل من في قلبه شيء من الإيمان ويبقى شرار الناس فعليهم تقوم الساعة . وقد تتعلق لأحاديث الثلاثة بأبواب العلم - بل بترجمة هذا الباب خاصة - من جهة إثبات الخير لمن تفقه في دين الله , وأن ذلك لا يكون بالاكتساب فقط , بل لمن يفتح الله عليه به , وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجودا حتى يأتي أمر الله , وقد جزم البخاري بأن المراد بهم أهل العلم بالآثار , وقال أحمد بن حنبل : إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم , وقال القاضي عياض : أراد أحمد أهل السنة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث , وقال النووي : محتمل أن تكون هذه الطائفة فرقة من أنواع المؤمنين ممن يقيم أمر الله تعالى من مجاهد وفقيه ومحدث وزاهد وآمر بالمعروف وغير ذلك من أنواع الخير , ولا يلزم اجتماعهم في مكان واحد بل يجوز أن يكونوا متفرقين . قلت : وسيأتي بسط ذلك في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله : ( يفقهه ) ‏
    ‏أي : يفهمه كما تقدم , وهي ساكنة الهاء لأنها جواب الشرط , يقال فقه بالضم إذا صار الفقه له سجية , وفقه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم , وفقه بالكسر إذا فهم . ونكر " خيرا " ليشمل القليل والكثير , والتنكير للتعظيم لأن المقام يقتضيه . ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين - أي : يتعلم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع - فقد حرم الخير . وقد أخرج أبو يعلى حديث معاوية من وجه آخر ضعيف وزاد في آخره : " ومن لم يتفقه في الدين لم يبال الله به " والمعنى صحيح ; لأن من لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيها ولا طالب فقه , فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير , وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس , ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم . وسيأتي بقية الكلام على الحديثين الآخرين في موضعهما من الخمس والاعتصام إن شاء الله تعالى . وقوله : " لن تزال هذه الأمة " يعني بعض الأمة كما يجيء مصرحا به في الموضع الذي أشرت إليه إن شاء الله تعالى .

  14. #14
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏علي بن عبد الله ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏قال قال لي ‏ ‏ابن أبي نجيح ‏ ‏عن ‏ ‏مجاهد ‏ ‏قال صحبت ‏ ‏ابن عمر ‏
    ‏إلى ‏ ‏المدينة ‏ ‏فلم أسمعه يحدث عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إلا حديثا واحدا قال كنا عند النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فأتي ‏ ‏بجمار ‏ ‏فقال ‏ ‏إن من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم فسكت قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هي النخلة ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا علي ) ‏
    ‏في رواية أبي ذر : " ابن عبد الله " وهو المعروف بابن المديني . ‏

    ‏قوله : ( حدثنا سفيان قال : قال لي ابن أبي نجيح ) ‏
    ‏في مسنده الحميدي عن سفيان : حدثني ابن أبي نجيح . ‏

    ‏قوله : ( صحبت ابن عمر إلى المدينة ) ‏
    ‏فيه ما كان بعض الصحابة عليه من توقي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عند الحاجة خشية الزيادة والنقصان , وهذه كانت طريقة ابن عمر ووالده عمر وجماعة , وإنما كثرت أحاديث ابن عمر مع ذلك لكثرة من كان يسأله ويستفتيه , وقد تقدم الكلام على متن حديث الباب في أوائل كتاب العلم . ومناسبته للترجمة أن ابن عمر لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المسألة عند إحضار الجمار إليه فهم أن المسئول عنه النخلة , فالفهم فطنة يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل , وقد أخرج أحمد في حديث أبي سعيد الآتي في الوفاة النبوية حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن عبدا خيره الله " فبكى أبو بكر وقال : فديناك بآبائنا , فتعجب الناس . وكان أبو بكر فهم من المقام أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المخير , فمن ثم قال أبو سعيد : فكان أبو بكر أعلمنا به . والله الهادي إلى الصواب . ‏

  15. #15
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏الحميدي ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏إسماعيل بن أبي خالد ‏ ‏على غير ما حدثناه ‏ ‏الزهري ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏قيس بن أبي حازم ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏عبد الله بن مسعود ‏ ‏قال ‏
    ‏قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏لا ‏ ‏حسد ‏ ‏إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا إسماعيل بن أبي خالد على غير ما حدثناه الزهري ) ‏
    ‏يعني أن الزهري حدث سفيان بهذا الحديث بلفظ غير اللفظ الذي حدثه به إسماعيل , ورواية سفيان عن الزهري أخرجها المصنف في التوحيد عن علي بن عبد الله عنه قال : قال الزهري عن سالم . ورواها مسلم عن زهير بن حرب , وغيره عن سفيان بن عيينة قال : حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه . ساقه مسلم تاما , واختصره البخاري . وأخرجه البخاري أيضا تاما في فضائل القرآن من طريق شعيب عن الزهري حدثني سالم بن عبد الله بن عمر . . . فذكره وسنذكر ما تخالفت فيه الروايات بعد إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله . ( قال سمعت ) ‏
    ‏القائل هو إسماعيل على ما حررناه . ‏

    ‏قوله : ( لا حسد ) ‏
    ‏الحسد تمني زوال النعمة عن المنعم عليه , وخصه بعضهم بأن يتمنى ذلك لنفسه , والحق أنه أعم , وسببه أن الطباع مجبولة على حب الترفع على الجنس , فإذا رأى لغيره ما ليس له أحب أن يزول ذلك عنه له ليرتفع عليه , أو مطلقا ليساويه . وصاحبه مذموم إذا عمل بمقتضى ذلك من تصميم أو قول أو فعل . وينبغي لمن خطر له ذلك أن يكرهه كما يكره ما وضع في طبعه من حب المنهيات . واستثنوا من ذلك ما إذا كانت النعمة لكافر أو فاسق يستعين بها على معاصي الله تعالى . فهذا حكم الحسد بحسب حقيقته , وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة , وأطلق الحسد عليها مجازا , وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه , والحرص على هذا يسمى منافسة , فإن كان في الطاعة فهو محمود , ومنه - ( فليتنافس المتنافسون ) . وإن كان في المعصية فهو مذموم , ومنه : " ولا تنافسوا " . وإن كان في الجائزات فهو مباح , فكأنه قال في الحديث : لا غبطة أعظم - أو أفضل - من الغبطة في هذين الأمرين - ووجه الحصر أن الطاعات إما بدنية أو مالية أو كائنة عنهما , وقد أشار إلى البدنية بإتيان الحكمة والقضاء بها وتعليمها , ولفظ حديث ابن عمر : " رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار " والمراد بالقيام به العمل به مطلقا , أعم من تلاوته داخل الصلاة أو خارجها ومن تعليمه , والحكم والفتوى بمقتضاه , فلا تخالف بين لفظي الحديثين . ولأحمد من حديث يزيد بن الأخنس السلمي : " رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار , ويتبع ما فيه " . ويجوز حمل الحسد في الحديث على حقيقته على أن الاستثناء منقطع , والتقدير نفي الحسد مطلقا , لكن هاتان الخصلتان محمودتان , ولا حسد فيهما فلا حسد أصلا . ‏

    ‏قوله : ( إلا في اثنتين ) ‏
    ‏كذا في معظم الروايات " اثنتين " بتاء التأنيث , أي : لا حسد محمود في شيء إلا في خصلتين . وعلى هذا فقوله : " رجل " بالرفع , والتقدير خصلة رجل حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وللمصنف في الاعتصام : " إلا في اثنين . وعلى هذا فقوله : " رجل " بالخفض على البدلية أي : خصلة رجلين , ويجوز النصب بإضمار أعني وهي رواية ابن ماجه . ‏

    ‏قوله : ( مالا ) ‏
    ‏نكره ليشمل القليل والكثير . ‏

    ‏قوله : ( فسلط ) ‏
    ‏كذا لأبي ذر , وللباقين فسلطه , وعبر بالتسليط لدلالته على قهر النفس المجبولة على الشح . ‏

    ‏قوله : ( هلكته ) ‏
    ‏بفتح اللام والكاف أي : إهلاكه , وعبر بذلك ليدل على أنه لا يبقي منه شيئا . وكمله بقوله : " في الحق " أي : في الطاعات ليزيل عنه إيهام الإسراف المذموم . ‏

    ‏قوله : ( الحكمة ) ‏
    ‏اللام للعهد ; لأن المراد بها القرآن على ما أشرنا إليه قبل , وقيل : المراد بالحكمة كل ما منع من الجهل وزجر عن القبيح . ‏
    ‏( فائدة ) : ‏
    ‏زاد أبو هريرة في هذا الحديث ما يدل على أن المراد بالحسد المذكور هنا الغبطة كما ذكرناه , ولفظه : " فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان , فعملت مثل ما يعمل " أورده المصنف في فضائل القرآن . وعند الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري - بفتح الهمزة وإسكان النون - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول . . فذكر حديثا طويلا فيه استواء العالم في المال بالحق والمتمني في الأجر , ولفظه : " وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا , فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت مثل ما يعمل فلان , فأجرهما سواء " , وذكر في ضدهما : " أنهما في الوزر سواء " وقال فيه : حديث حسن صحيح . وإطلاق كونهما سواء يرد على الخطابي في جزمه بأن الحديث يدل على أن الغني إذا قام بشروط المال كان أفضل من الفقير . نعم يكون أفضل بالنسبة إلى من أعرض ولم يتمن ; لكن الأفضلية المستفادة منه هي بالنسبة إلى هذه الخصلة فقط لا مطلقا . وسيكون لنا عودة إلى البحث في هذه المسألة في حديث : " الطاعم الشاكر كالصائم الصابر " حيث ذكره المؤلف في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى



  16. #16
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثني ‏ ‏محمد بن غرير الزهري ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏يعقوب بن إبراهيم ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏أبي ‏ ‏عن ‏ ‏صالح ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏حدثه أن ‏ ‏عبيد الله بن عبد الله ‏ ‏أخبره عن ‏ ‏ابن عباس ‏
    ‏أنه تمارى هو ‏ ‏والحر بن قيس بن حصن الفزاري ‏ ‏في صاحب ‏ ‏موسى ‏ ‏قال ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏هو ‏ ‏خضر ‏ ‏فمر بهما ‏ ‏أبي بن كعب ‏ ‏فدعاه ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏فقال إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب ‏ ‏موسى ‏ ‏الذي سأل ‏ ‏موسى ‏ ‏السبيل إلى لقيه هل سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يذكر شأنه قال نعم سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏بينما ‏ ‏موسى ‏ ‏في ملإ من ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏جاءه رجل فقال هل تعلم أحدا أعلم منك قال ‏ ‏موسى ‏ ‏لا فأوحى الله عز وجل إلى ‏ ‏موسى ‏ ‏بلى عبدنا ‏ ‏خضر ‏ ‏فسأل ‏ ‏موسى ‏ ‏السبيل إليه فجعل الله له الحوت آية وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه وكان يتبع أثر الحوت في البحر فقال ‏ ‏لموسى ‏ ‏فتاه ‏
    ‏أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما ‏ ‏أنسانيه ‏ ‏إلا الشيطان أن أذكره ‏

    ‏قال ذلك ما كنا ‏ ‏نبغي ‏ ‏فارتدا على آثارهما قصصا ‏
    ‏فوجدا ‏ ‏خضرا ‏ ‏فكان من شأنهما الذي قص الله عز وجل في كتابه ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا ) ‏
    ‏وللأصيلي : " حدثني " بالإفراد . ‏

    ‏قوله : ( غرير ) ‏
    ‏تقدم في المقدمة أنه بالغين المعجمة مصغرا , ومحمد وشيخه وأبوه إبراهيم بن سعد زهريون , وكذا ابن شهاب شيخ صالح وهو ابن كيسان . ‏
    ‏قوله : ( حدثه ) ‏
    ‏للكشميهني : " حدث " بغير هاء , وهو محمول على السماع لأن صالحا غير مدلس . ‏

    ‏قوله : ( تمارى ) ‏
    ‏أي : تجادل . ‏

    ‏قوله : ( والحر ) ‏
    ‏هو بضم الحاء وتشديد الراء المهملتين , وهو صحابي مشهور ذكره ابن السكن وغيره , وله ذكر عند المصنف أيضا في قصة له مع عمر قال فيها : وكان الحر من النفر الذين يدنيهم عمر , يعني لفضلهم . ‏

    ‏قوله : ( قال ابن عباس هو خضر ) ‏
    ‏لم يذكر ما قال الحر بن قيس , ولا وقفت على ذلك في شيء من طرق هذا الحديث . وخضر بفتح أوله وكسر ثانيه أو بكسر أوله وإسكان ثانيه , ثبتت بهما الرواية , وبإثبات الألف واللام فيه , وبحذفهما . وهذا التماري الذي وقع بين ابن عباس والحر غير التماري الذي وقع بين سعيد بن جبير ونوف البكالي , فإن هذا في صاحب موسى هل هو الخضر أو غيره . وذاك في موسى هل هو موسى بن عمران الذي أنزلت عليه التوراة أو موسى بن ميشا بكسر الميم وسكون التحتانية بعدها معجمة . وسياق سعيد بن جبير للحديث عن ابن عباس أتم من سياق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لهذا بشيء كثير , وسيأتي ذكر ذلك مفصلا في كتاب التفسير إن شاء الله تعالى . ويقال إن اسم الخضر بليا بموحدة ولام ساكنة ثم تحتانية , وسيأتي في أحاديث الأنبياء النقل عن سبب تلقيبه بالخضر , وسيأتي نقل الخلاف في نسبه وهل هو رسول أو نبي فقط أو ملك بفتح اللام أو ولي فقط , وهل هو باق أو مات . ‏

    ‏قوله : ( فدعاه ) ‏
    ‏أي ناداه . وذكر ابن التين أن فيه حذفا والتقدير : فقام إليه فسأله ; لأن المعروف عن ابن عباس التأدب مع من يأخذ عنه , وأخباره في ذلك شهيرة . ‏
    ‏قوله : ‏
    ‏( إذ جاء رجل ) ‏
    ‏لم أقف على تسميته . ‏

    ‏قوله : ( بلى عبدنا ) ‏
    ‏أي : هو أعلم , وللكشميهني : " بل " بإسكان اللام , والتقدير فأوحى الله إليه لا تطلق النفي بل قل خضر . وإنما قال عبدنا - وإن كان السياق يقتضي أن يقول عبد الله - لكونه أورده على طريق الحكاية عن الله سبحانه وتعالى , والإضافة فيه للتعظيم . ‏

    ‏قوله : ( يتبع أثر الحوت في البحر ) ‏
    ‏في هذا السياق اختصار يأتي بيانه عند شرحه إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله : ( ما كنا نبغ ) ‏
    ‏أي : نطلب ; لأن فقد الحوت جعل آية أي : علامة على الموضع الذي فيه الخضر . وفي الحديث جواز التجادل في العلم إذا كان بغير تعنت , والرجوع إلى أهل العلم عند التنازع , والعمل بخبر الواحد الصدوق , وركوب البحر في طلب العلم بل في طلب الاستكثار منه , ومشروعية حمل الزاد في السفر , ولزوم التواضع في كل حال , ولهذا حرص موسى على الالتقاء بالخضر عليهما السلام وطلب التعلم منه تعليما لقومه أن يتأدبوا بأدبه , وتنبيها لمن زكى نفسه أن يسلك مسلك التواضع . ‏




  17. #17
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏أبو معمر ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏عبد الوارث ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏خالد ‏ ‏عن ‏ ‏عكرمة ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏قال ‏
    ‏ضمني رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وقال ‏ ‏اللهم علمه الكتاب ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا أبو معمر ) ‏
    ‏هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المعروف بالمقعد البصري . ‏

    ‏قوله : ( حدثنا خالد ) ‏
    ‏هو ابن مهران الحذاء . ‏

    ‏قوله : ( ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ‏
    ‏زاد المصنف في فضل ابن عباس عن مسدد عن عبد الوارث " إلى صدره " وكان ابن عباس إذ ذاك غلاما مميزا , فيستفاد منه جواز احتضان الصبي القريب على سبيل الشفقة . ‏

    ‏قوله : ( علمه الكتاب ) ‏
    ‏بين المصنف في كتاب الطهارة من طريق عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس سبب هذا الدعاء ولفظه : " دخل النبي صلى الله عليه وسلم الخلاء فوضعت له وضوءا " زاد مسلم . " فلما خرج قال : من وضع هذا ؟ فأخبر " ولمسلم قالوا ابن عباس , ولأحمد وابن حبان من طريق سعيد بن جبير عنه أن ميمونة هي التي أخبرته بذلك , وأن ذلك كان في بيتها ليلا , ولعل ذلك كان في الليلة التي بات ابن عباس فيها عندها ليرى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى . وقد أخرج أحمد من طريق عمرو بن دينار عن كريب عن ابن عباس في قيامه خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل وفيه : " فقال لي ما بالك ؟ أجعلك حذائي فتخلفني . فقلت : أوينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله ؟ فدعا لي أن يزيدني الله فهما وعلما " والمراد بالكتاب القرآن لأن العرف الشرعي عليه , والمراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه . ووقع في رواية مسدد " الحكمة " بدل الكتاب وذكر الإسماعيلي أن ذلك هو الثابت في الطرق كلها عن خالد الحذاء , كذا قال وفيه نظر ; لأن المصنف أخرجه أيضا من حديث وهيب عن خالد بلفظ : " الكتاب " أيضا , فيحمل على أن المراد بالحكمة أيضا القرآن , فيكون بعضهم رواه بالمعنى . وللنسائي والترمذي من طريق عطاء عن ابن عباس قال : دعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتى الحكمة مرتين , فيحتمل تعدد الواقعة , فيكون المراد بالكتاب القرآن وبالحكمة السنة . ويؤيده أن في رواية عبيد الله بن أبي يزيد التي قدمناها عند الشيخين : " اللهم فقهه في الدين " لكن لم يقع عند مسلم " في الدين " . وذكر الحميدي في الجمع أن أبا مسعود ذكره في أطراف الصحيحين بلفظ " اللهم فقهه في الدين , وعلمه التأويل " قال الحميدي : وهذه الزيادة ليست في الصحيحين . قلت : وهو كما قال . نعم هي في رواية سعيد بن جبير التي قدمناها عند أحمد وابن حبان والطبراني ورواها ابن سعد من وجه آخر عن عكرمة مرسلا , وأخرج البغوي في معجم الصحابة من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر : كان عمر يدعو ابن عباس ويقربه ويقول : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يوما فمسح رأسك وقال : " اللهم فقهه في الدين , وعلمه التأويل " . ووقع في بعض نسخ ابن ماجه من طريق عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء في حديث الباب بلفظ : " اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب " وهذه الزيادة مستغربة من هذا الوجه , فقد رواه الترمذي والإسماعيلي وغيرهما من طريق عبد الوهاب بدونها , وقد وجدتها عند ابن سعد من وجه آخر عن طاوس عن ابن عباس قال : دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على ناصيتي وقال : " اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب " . وقد رواه أحمد عن هشيم عن خالد في حديث الباب بلفظ : " مسح على رأسي " وهذه الدعوة مما تحقق إجابة النبي صلى الله عليه وسلم فيها , لما علم من حال ابن عباس في معرفة التفسير والفقه في الدين رضي الله عنه . واختلف الشراح في المراد بالحكمة هنا فقيل : القرآن كما تقدم , وقيل العمل به , وقيل السنة , وقيل الإصابة في القول , وقيل الخشية , وقيل الفهم عن الله , وقيل العقل , وقيل ما يشهد العقل بصحته , وقيل نور يفرق به بين الإلهام والوسواس , وقيل سرعة الجواب مع الإصابة . وبعض هذه الأقوال ذكرها بعض أهل التفسير في تفسير قوله تعالى : ( ولقد آتينا لقمان الحكمة ) . والأقرب أن المراد بها في حديث ابن عباس الفهم في القرآن , وسيأتي مزيد لذلك في المناقب إن شاء الله تعالى .

  18. #18
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏إسماعيل بن أبي أويس ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏عن ‏ ‏عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن عباس ‏ ‏قال ‏
    ‏أقبلت راكبا على حمار ‏ ‏أتان ‏ ‏وأنا يومئذ قد ‏ ‏ناهزت ‏ ‏الاحتلام ورسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يصلي ‏ ‏بمنى ‏ ‏إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف وأرسلت ‏ ‏الأتان ‏ ‏ترتع فدخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا إسماعيل ) ‏
    ‏هو ابن أبي أويس , وقد ثبت ذلك في رواية كريمة . ‏

    ‏قوله : ( على حمار ) ‏
    ‏هو اسم جنس يشمل الذكر والأنثى كقولك بعير . وقد شذ حمارة في الأنثى حكاه في الصحاح . وأتان بفتح الهمزة وشذ كسرها كما حكاه الصغاني هي الأنثى من الحمير , وربما قالوا للأنثى أتانة حكاه يونس وأنكره غيره , فجاء في الرواية على اللغة الفصحى . وحمار أتان بالتنوين فيهما على النعت أو البدل , وروي بالإضافة . وذكر ابن الأثير أن فائدة التنصيص على كونها أنثى للاستدلال بطريق الأولى على أن الأنثى من بني آدم لا تقطع الصلاة لأنهن أشرف , وهو قياس صحيح من حيث النظر , إلا أن الخبر الصحيح لا يدفع بمثله كما سيأتي البحث فيه في الصلاة إن شاء الله تعالى . ‏

    ‏قوله : ( ناهزت ) ‏
    ‏أي قاربت , والمراد بالاحتلام البلوغ الشرعي . ‏
    ‏قوله : ( إلى غير جدار ) أي : إلى غير سترة قاله الشافعي . وسياق الكلام يدل على ذلك ; لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته . ويؤيده رواية البزار بلفظ : " والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة ليس لشيء يستره " . ‏

    ‏قوله : ( بين يدي بعض الصف ) ‏
    ‏هو مجاز عن الأمام بفتح الهمزة ; لأن الصف ليس له يد . وبعض الصف يحتمل أن يراد به صف من الصفوف أو بعض من أحد الصفوف قاله الكرماني . ‏

    ‏قوله : ( ترتع ) ‏
    ‏بمثناتين مفتوحتين وضم العين أي : تأكل ما تشاء , وقيل تسرع في المشي , وجاء أيضا بكسر العين بوزن يفتعل من الرعي , وأصله ترتعي لكن حذفت الياء تخفيفا , والأول أصوب , ويدل عليه رواية المصنف في الحج نزلت عنها فرتعت . ‏

    ‏قوله : ( ودخلت ) ‏
    ‏وللكشميهني : " فدخلت " بالفاء . ‏

    ‏قوله : ( فلم ينكر ذلك علي أحد ) ‏
    ‏قيل فيه جواز تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة الخفيفة ; لأن المرور مفسدة خفيفة , والدخول في الصلاة مصلحة راجحة , واستدل ابن عباس على الجواز بعدم الإنكار لانتفاء الموانع إذ ذاك , ولا يقال منع من الإنكار اشتغالهم بالصلاة لأنه نفى الإنكار مطلقا فتناول ما بعد الصلاة . وأيضا فكان الإنكار يمكن بالإشارة . وفيه ما ترجم له أن التحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية وإنما يشترط عند الأداء . ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكافر . وقامت حكاية ابن عباس لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره مقام حكاية قوله , إذ لا فرق بين الأمور الثلاثة في شرائط الأداء . فإن قيل : التقييد بالصبي والصغير في الترجمة لا يطابق حديث ابن عباس , أجاب الكرماني بأن المراد بالصغير غير البالغ , وذكر الصبي معه من باب التوضيح . ويحتمل أن يكون لفظ الصغير يتعلق بقصة محمود , ولفظ الصبي يتعلق بهما معا والله أعلم . وسيأتي باقي مباحث هذا الحديث في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى



  19. #19
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثني ‏ ‏محمد بن يوسف ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏أبو مسهر ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏محمد بن حرب ‏ ‏حدثني ‏ ‏الزبيدي ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏محمود بن الربيع ‏ ‏قال ‏
    ‏عقلت من النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏مجة ‏ ‏مجها ‏ ‏في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو ‏





    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا محمد بن يوسف ) ‏
    ‏هو البيكندي كما جزم به البيهقي وغيره , وأما الفريابي فليست له رواية عن أبي مسهر , وكان أبو مسهر شيخ الشاميين في زمانه وقد لقيه البخاري وسمع منه شيئا يسيرا , وحدث عنه هنا بواسطة , وذكر ابن المرابط فيما نقله ابن رشيد عنه أن أبا مسهر تفرد برواية هذا الحديث عن محمد بن حرب . وليس كما قال ابن المرابط فإن النسائي رواه في السنن الكبرى عن محمد بن المصفى عن محمد بن حرب . وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية محمد بن جوصاء - وهو بفتح الجيم والصاد المهملة - عن سلمة بن الخليل وأبي التقي وهو بفتح المثناة وكسر القاف كلاهما عن محمد بن حرب . فهؤلاء ثلاثة غير أبي مسهر رووه عن محمد بن حرب فكأنه المتفرد به عن الزبيدي , وهذا الإسناد إلى الزهري شاميون . وقد دخلها هو وشيخه محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الأنصاري الخزرجي وحديثه هذا طرف من حديثه عن عتبان بن مالك الآتي في الصلاة من رواية صالح بن كيسان وغيره عن الزهري . وفي الرقاق من طريق معمر عن الزهري أخبرني محمود . ‏

    ‏قوله : ( عقلت ) ‏
    ‏بفتح القاف أي : حفظت . ‏

    ‏قوله : ( مجة ) ‏
    ‏بفتح الميم وتشديد الجيم , والمج هو إرسال الماء من الفم , وقيل لا يسمى مجا إلا إن كان على بعد . وفعله النبي صلى الله عليه وسلم مع محمود إما مداعبة منه , أو ليبارك عليه بها كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة . ‏

    ‏قوله : ( وأنا ابن خمس سنين ) ‏
    ‏لم أر التقييد بالسن عند تحمله في شيء من طرقه لا في الصحيحين ولا في غيرهما من الجوامع والمسانيد إلا في طريق الزبيدي هذه , والزبيدي من كبار الحفاظ المتقنين عن الزهري حتى قال الوليد بن مسلم : كان الأوزاعي يفضله على جميع من سمع من الزهري . وقال أبو داود : ليس في حديثه خطأ . وقد تابعه عبد الرحمن بن نمر عن الزهري لكن لفظه عند الطبراني والخطيب في الكفاية من طريق عبد الرحمن بن نمر - وهو بفتح النون وكسر الميم - عن الزهري وغيره قال : حدثني محمود بن الربيع , وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس سنين , فأفادت هذه الرواية أن الواقعة التي ضبطها كانت في آخر سنة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم , وقد ذكر ابن حبان وغيره أنه مات سنة تسع وتسعين وهو ابن أربع وتسعين سنة وهو مطابق لهذه الرواية . وذكر القاضي عياض في الإلماع وغيره أن في بعض الروايات أنه كان ابن أربع , ولم أقف على هذا صريحا في شيء من الروايات بعد التتبع التام , إلا إن كان ذلك مأخوذا من قول صاحب الاستيعاب إنه عقل المجة وهو ابن أربع سنين أو خمس , وكان الحامل له على هذا التردد قول الواقدي إنه كان ابن ثلاث وتسعين لما مات , والأول أولى بالاعتماد لصحة إسناده , على أن قول الواقدي يمكن حمله إن صح على أنه ألغى الكسر وجبره غيره . والله أعلم . وإذا تحرر هذا فقد اعترض المهلب على البخاري لكونه لم يذكر هنا حديث ابن الزبير في رؤيته والده يوم بني قريظة ومراجعته له في ذلك , ففيه السماع منه وكان سنه إذ ذاك ثلاث سنين أو أربعا , فهو أصغر من محمود . وليس في قصة محمود ضبطه لسماع شيء فكان ذكر حديث ابن الزبير أولى لهذين المعنيين . وأجاب ابن المنير بأن البخاري إنما أراد نقل السنن النبوية لا الأحوال الوجودية , ومحمود نقل سنة مقصودة في كون النبي صلى الله عليه وسلم مج مجة في وجهه , بل في مجرد رؤيته إياه فائدة شرعية تثبت كونه صحابيا . وأما قصة ابن الزبير فليس فيها نقل سنة من السنن النبوية حتى تدخل في هذا الباب . ثم أنشد ‏ ‏وصاحب البيت أدرى بالذي فيه ‏ ‏انتهى . وهو جواب مسدد . وتكملته ما قدمناه قبل أن المقصود بلفظ السماع في الترجمة هو أو ما ينزل منزلته من نقل الفعل أو التقرير , وغفل البدر الزركشي فقال : يحتاج المهلب إلى ثبوت أن قصة ابن الزبير صحيحة على شرط البخاري . انتهى . والبخاري قد أخرج قصة ابن الزبير المذكورة في مناقب الزبير في الصحيح , فالإيراد موجه وقد حصل جوابه . والعجب من متكلم على كتاب يغفل عما وقع فيه في المواضع الواضحة ويعترضها بما يؤدي إلى نفي ورودها فيه . ‏

    ‏قوله : ( من دلو ) ‏
    ‏زاد النسائي : " معلق " ولابن حبان " معلقة " والدلو يذكر ويؤنث . وللمصنف في الرقاق من رواية معمر " من دلو كانت في دارهم " وله في الطهارة والصلاة وغيرهما : " من بئر " بدل دلو , ويجمع بينهما بأن الماء أخذ بالدلو من البئر وتناوله النبي صلى الله عليه وسلم من الدلو . وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم جواز إحضار الصبيان مجالس الحديث وزيارة الإمام أصحابه في دورهم ومداعبته صبيانهم , واستدل به بعضهم على تسميع من يكون ابن خمس , ومن كان دونها يكتب له حضور . وليس في الحديث ولا في تبويب البخاري ما يدل عليه بل الذي ينبغي في ذلك اعتبار الفهم , فمن فهم الخطاب سمع وإن كان دون ابن خمس وإلا فلا , وقال ابن رشيد : الظاهر أنهم أرادوا بتحديد الخمس أنها مظنة لذلك , لا أن بلوغها شرط لا بد من تحققه , والله أعلم . وقريب منه ضبط الفقهاء سن التمييز بست أو سبع , والمرجح أنها مظنة لا تحديد . ومن أقوى ما يتمسك به في أن المرد في ذلك إلى الفهم فيختلف باختلاف الأشخاص ما أورده الخطيب من طريق أبي عاصم قال : ذهبت بابني - وهو ابن ثلاث سنين - إلى ابن جريج فحدثه , قال أبو عاصم : ولا بأس بتعليم الصبي الحديث والقرآن وهو في هذا السن , يعني إذا كان فهما . وقصة أبي بكر بن المقري الحافظ في تسميعه لابن أربع بعد أن امتحنه بحفظ سور من القرآن مشهورة

  20. #20
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية الفرزدق
    تاريخ التسجيل
    09 2009
    المشاركات
    71

    رد: اشهر الاحاديث النبوية الشريفة

    ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن العلاء ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏حماد بن أسامة ‏ ‏عن ‏ ‏بريد بن عبد الله ‏ ‏عن ‏ ‏أبي بردة ‏ ‏عن ‏ ‏أبي موسى ‏
    ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل ‏ ‏الغيث ‏ ‏الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت ‏ ‏الكلأ ‏ ‏والعشب الكثير وكانت منها ‏ ‏أجادب ‏ ‏أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي ‏ ‏قيعان ‏ ‏لا تمسك ماء ولا تنبت ‏ ‏كلأ ‏ ‏فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ‏
    ‏قال أبو عبد الله ‏ ‏قال ‏ ‏إسحاق ‏ ‏وكان منها طائفة ‏ ‏قيلت الماء قاع يعلوه الماء ‏ ‏والصفصف المستوي من الأرض ‏




    فتح الباري بشرح صحيح البخاري

    ‏قوله : ( حدثنا محمد بن العلاء ) ‏
    ‏هو أبو كريب مشهور بكنيته أكثر من اسمه , وكذا شيخه أبو أسامة , وبريد بضم الموحدة وأبو بردة جده وهو ابن أبي موسى الأشعري . وقال في السياق عن أبي موسى ولم يقل عن أبيه تفننا , والإسناد كله كوفيون . ‏

    ‏قوله : ( مثل ) ‏
    ‏بفتح المثلثة والمراد به الصفة العجيبة لا القول السائر . ‏

    ‏قوله : ( الهدى ) ‏
    ‏أي : الدلالة الموصلة إلى المطلوب , والعلم المراد به معرفة الأدلة الشرعية . ‏

    ‏قوله : ( نقية ) ‏
    ‏كذا عند البخاري في جميع الروايات التي رأيناها بالنون من النقاء وهي صفة لمحذوف , لكن وقع عند الخطابي والحميدي وفي حاشية أصل أبي ذر ثغبة بمثلثة مفتوحة وغين معجمة مكسورة بعدها موحدة خفيفة مفتوحة , قال الخطابي : هي مستنقع الماء في الجبال والصخور . قال القاضي عياض : هذا غلط في الرواية , وإحالة للمعنى ; لأن هذا وصف الطائفة الأولى التي تنبت , وما ذكره يصلح وصفا للثانية التي تمسك الماء . قال : وما ضبطناه في البخاري من جميع الطرق إلا " نقية " بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء التحتانية , وهو مثل قوله في مسلم : " طائفة طيبة " . قلت : وهو في جميع ما وقفت عليه من المسانيد والمستخرجات كما عند مسلم وفي كتاب الزركشي . وروي : " بقعة " قلت : هو بمعنى طائفة , لكن ليس ذلك في شيء من روايات الصحيحين . ثم قرأت في شرح ابن رجب أن في رواية بالموحدة بدل النون قال : والمراد بها القطعة الطيبة كما يقال فلان بقية الناس , ومنه : ( فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ) . ‏

    ‏قوله : ( قبلت ) ‏
    ‏بفتح القاف وكسر الموحدة من القبول , كذا في معظم الروايات . ووقع عند الأصيلي : " قيلت " بالتحتانية المشددة , وهو تصحيف كما سنذكره بعد . ‏

    ‏قوله : ( الكلأ ) ‏
    ‏بالهمزة بلا مد . ‏

    ‏قوله : ( والعشب ) ‏
    ‏هو من ذكر الخاص بعد العام ; لأن الكلأ يطلق على النبت الرطب واليابس معا , والعشب للرطب فقط . ‏

    ‏قوله : ( إخاذات ) ‏
    ‏كذا في رواية أبي ذر بكسر الهمزة والخاء والذال المعجمتين وآخره مثناة من فوق قبلها ألف جمع إخاذة وهي الأرض التي تمسك الماء , وفي رواية غير أبي ذر وكذا في مسلم وغيره : " أجادب " بالجيم والدال المهملة بعدها موحدة جمع جدب بفتح الدال المهملة على غير قياس وهي الأرض الصلبة التي لا ينضب منها الماء . وضبطه المازري بالذال المعجمة . ووهمه القاضي . ورواها الإسماعيلي عن أبي يعلى عن أبي كريب : " أحارب " بحاء وراء مهملتين , قال الإسماعيلي : لم يضبطه أبو يعلى وقال الخطابي : ليست هذه الرواية بشيء . قال : وقال بعضهم : " أجارد " بجيم وراء ثم دال مهملة جمع جرداء وهي البارزة التي لا تنبت , قال الخطابي : هو صحيح المعنى إن ساعدته الرواية . وأغرب صاحب المطالع فجعل الجميع روايات , وليس في الصحيحين سوى روايتين فقط , وكذا جزم القاضي . ‏

    ‏قوله : ( فنفع الله بها ) ‏
    ‏أي بالإخاذات . وللأصيلي به أي بالماء . ‏

    ‏قوله : ( وزرعوا ) ‏
    ‏كذا له بزيادة زاي من الزرع , ووافقه أبو يعلى ويعقوب بن الأخرم وغيرهما عن أبي كريب , ولمسلم والنسائي وغيرهما عن أبي كريب : " ورعوا " بغير زاي من الرعي , قال النووي . كلاهما صحيح . ورجح القاضي رواية مسلم بلا مرجح ; لأن رواية زرعوا تدل على مباشرة الزرع لتطابق في التمثيل مباشرة طلب العلم , وإن كانت رواية رعوا مطابقة لقوله أنبتت , لكن المراد أنها قابلة للإنبات . وقيل إنه روي " ووعوا " بواوين , ولا أصل لذلك . وقال القاضي قوله : " ورعوا " راجع للأولى لأن الثانية لم يحصل منها نبات انتهى . ويمكن أن يرجع إلى الثانية أيضا بمعنى أن الماء الذي استقر بها سقيت منه أرض أخرى فأنبتت . ‏
    ‏قوله : ( فأصاب ) أي : الماء . وللأصيلي وكريمة أصابت أي : طائفة أخرى . ووقع كذلك صريحا عند النسائي . والمراد بالطائفة القطعة . ‏

    ‏قوله : ( قيعان ) ‏
    ‏بكسر القاف جمع قاع وهو الأرض المستوية الملساء التي لا تنبت . ‏

    ‏قوله : ( فقه ) ‏
    ‏بضم القاف أي صار فقيها . وقال ابن التين : رويناه بكسرها والضم أشبه . قال القرطبي وغيره : ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء به من الدين مثلا بالغيث العام الذي يأتي في حال حاجتهم إليه , وكذا كان الناس قبل مبعثه , فكما أن الغيث يحيي البلد الميت فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت . ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث , فمنهم العالم العامل المعلم . فهو بمنزلة الأرض الطيبة شربت فانتفعت في نفسها وأنبتت فنفعت غيرها . ومنهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل بنوافله أو لم يتفقه فيما جمع لكنه أداه لغيره , فهو بمنزلة الأرض التي يستقر فيها الماء فينتفع الناس به , وهو المشار إليه بقوله : " نضر الله امرأ سمع مقالتي فأداها كما سمعها " . ومنهم من يسمع العلم فلا يحفظه ولا يعمل به ولا ينقله لغيره , فهو بمنزلة الأرض السبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها . وإنما جمع المثل بين الطائفتين الأوليين المحمودتين لاشتراكهما في الانتفاع بهما , وأفرد الطائفة الثالثة المذمومة لعدم النفع بها . والله أعلم . ثم ظهر لي أن في كل مثل طائفتين , فالأول قد أوضحناه , والثاني الأولى منه من دخل في الدين ولم يسمع العلم أو سمعه فلم يعمل به ولم يعلمه , ومثالها من الأرض السباخ وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلم : " من لم يرفع بذلك رأسا " أي : أعرض عنه فلم ينتفع له ولا نفع . والثانية منه من لم يدخل في الدين أصلا , بل بلغه فكفر به , ومثالها من الأرض الصماء الملساء المستوية التي يمر عليها الماء فلا ينتفع به , وأشير إليها بقوله صلى الله عليه وسلم : " ولم يقبل هدى الله الذي جئت به " . وقال الطيبي : بقي من أقسام الناس قسمان : أحدهما الذي انتفع بالعلم في نفسه ولم يعلمه غيره , والثاني من لم ينتفع به في نفسه وعلمه غيره . قلت : والأول داخل في الأول لأن النفع حصل في الجملة وإن تفاوتت مراتبه , وكذلك ما تنبته الأرض , فمنه ما ينتفع الناس به ومنه ما يصير هشيما . وأما الثاني فإن كان عمل الفرائض وأهمل النوافل فقد دخل في الثاني كما قررناه , وإن ترك الفرائض أيضا فهو فاسق لا يجوز الأخذ عنه , ولعله يدخل في عموم : " من لم يرفع بذلك رأسا " والله أعلم . ‏

    ‏قوله : ( قال إسحاق : وكان منها طائفة قيلت ) ‏
    ‏أي : بتشديد الياء التحتانية . أي : إن إسحاق وهو ابن راهويه حيث روى هذا الحديث عن أبي أسامة خالف في هذا الحرف . قال الأصيلي : هو تصحيف من إسحاق . وقال غيره : بل هو صواب ومعناه شربت , والقيل شرب نصف النهار , يقال قيلت الإبل أي شربت في القائلة . وتعقبه القرطبي بأن المقصود لا يختص بشرب القائلة . وأجيب بأن كون هذا أصله لا يمنع استعماله على الإطلاق تجوزا . وقال ابن دريد : قيل الماء في المكان المنخفض إذا اجتمع فيه , وتعقبه القرطبي أيضا بأنه يفسد التمثيل ; لأن اجتماع الماء إنما هو مثال الطائفة الثانية , والكلام هنا إنما هو في الأولى التي شربت وأنبتت . قال : والأظهر أنه تصحيف . ‏

    ‏قوله : ( قاع يعلوه الماء . والصفصف المستوي من الأرض ) ‏
    ‏هذا ثابت عند المستملي , وأراد به أن قيعان المذكورة في الحديث جمع قاع وأنها الأرض التي يعلوها الماء ولا يستقر فيها , وإنما ذكر الصفصف معه جريا على عادته في الاعتناء بتفسير ما يقع في الحديث من الألفاظ الواقعة في القرآن , وقد يستطرد . ووقع في بعض النسخ المصطف بدل الصفصف وهو تصحيف . ‏
    ‏( تنبيه ) : ‏
    ‏وقع في رواية كريمة : وقال ابن إسحاق : وكان شيخنا العراقي يرجحها ولم أسمع ذلك منه , وقد وقع في نسخة الصغاني : وقال إسحاق عن أبي أسامة . وهذا يرجح الأول

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •