تمضي الأيام سريعا مع كأس العالم .. من يصدق اننا وصلنا الى نصف النهائي ، قد يقول البعض لم نحصل على كأس
عالم كما كنا ننتظر ، ولكن الأمر المؤكد ، هو انه منذ ان انطلقت الادوار النهائي بدأنا نشعر بإثارة المونديال .
في هذه اللحظة نصل الى قمة الذروة ، حينما نعلم ان اسبانيا المرشح الأول قبل انطلاق البطولة سيقابل المرشح الأول
مع انطلاقها وصاحب التاريخ المشرف فيها وهو المانشافت الألماني .
قبل البداية في سرد ما لدي حول اللقاء .. يجب ان نشير الى ما قام به الفريقان في دور الـ 8 :
ألمانيا واصلت اكتساح كبار القوم ، المنتخب الذي شكك فيه الكثير بسبب انه الاصغر في تاريخ البلاد ومع اصابة بالاك
و ايدلر و استبعاد فرينجز وكوراني، يكتسح كبار المونديال ، فبعد اربعة في مرمى الانجليز ، اتى ليكملها في مرمى
الأرجنتين ، الألمان سجلوا مبكرا في برأس المتطور مولر ، ليتركوا الشوط الأول بما حمل للارجنتين مع دروس خاصة
في الهجمات المرتدة لكنها لم تكلل بالنجاح ، حتى اتى الشوط الثاني ، ليلقن الألمان ويواكيم لوف الألبيسيليستي درسا في
الهجمات الناجحة والجماعية في الاداء واللعب كفريق وليس كعناصر واللعب بقتالية . فسجل كلوزه هدفا اثر تمريرة
بودولسكي وتلاعب شفاينشتايغر بالدفاع ليمنح فريدريتش هدفا ، قبل ان يمرر اوزيل لكلوزة ليعادل رقم جيرلد مولر و
يتبقى هدفا ليعادل التاريخي رونالدو .

الاسبان خرجوا من رحم المعاناة ، قد لا يبدو الامر جديدا حينما تصعد بصعوبة كما بقية المباريات ، ولكن الاحداث
المتتالية جعلت من تأهلها مثيرا ، فقد كاد الاسبان ان يفقدوا امور اللقاء حينما احتسب الحكم ركلة جزاء لباراغواي ،
الا ان ايكر كاسياس استعاد شيئا من بريقه ليتصدى للركلة ويعيد الحياة للأسبان ، وبعد ذلك مباشرة تحصلت اسبانيا
على ركلة جزاء للمتألق دافيد فيا ، سددها الونسو في الشباك الا ان الحكم اعاد الركلة لدخول جيرارد بيكي للمنطقة
، فسدد الونسو مرة اخرى الا فيار تصدى لها . اسبانيا انتظرت حتى انفرد فابريغاس ليسدد في القائم وتعود لفيا الذي يسدد
كرة تصطدم بالقائمين لتدخل المرمى . لم يتوقف الامر على هذا فانفرد المهاجم البارغوياني بكاسياس الا ان الاخير ابى
الا ان يقود المنتخب لنصف النهائي وليتصدى للكرة وتتأهل اسبانيا الى نصف النهائي .

بطل اوروبا ووصيفه ... فريق ليبني تاريخ جديد .. واخر لإستعادة المجد التليد
مباراة من نار ، قد يكون البعض تمناها في النهائي ، ولكن هي القرعة واحكامها ، اسبانيا بطل اوروبا لم يسبق له
ان حقق كأس العالم ، بل انه حتى لم يحقق ايا من المراكز الأولى فأفضل انجازاته في البطولة هي المركز الـ 4 عام
1950 في البرازيل ، ويعتبر مع الهولندي اهم منتخبين في العالم لم يحرزا البطولة ! . الاسبان بحدوهم الحلم الكبير
لأن يكسروا حاجز الدور نصف النهائي والوصول الى النهائي لأول مرة في تاريخهم ، فرغم الدوري القوي والنجوم
اللامعة لم تصل الى هذا الدور من قبل ! .
في حين ان المنافس ليس بالسهل ابدا ، المانيا مقارنة بعدد مشاركاتها في المونديال والذي انضمت اليه منذ عام 50
الا انها تعتبر الانجح من خلال هذا العمر ، ومن ناحية الانجازات فهي ثالث الكبار خلف البرازيل وايطاليا ، الا انها
تعتبر انجح منتخب اوروبي على الاطلاق ، فقد لعبت على النهائي 7 مرات وفي حال تأهلت تتفوق على البرازيل ،
من حيث عدد لعب النهائي ، كما انها بطلة العالم 3 مرات واوروبا 3 مرات . اضافة الى ذلك ، فالألماني الاكثر
اقناعا في البطولة ولديه ثأر قريب مع الاسبان لم ينسى بعد .


قبل ان انبدأ في الحديث بشكل مفصل عن المنتخبين ، احببت تسليط الضوء على من يدير الفريقين ، ففيسنتي ديل
بوسكي صنع اسمه وتاريخه من خلال نادي ريال مدريد حينما قاده الى بطولتي دوري وبطولتي ابطال وصانعا فريقا
مرعبا للغاية كان يقدم الكرة الجميلة مع تحقيق نتائج رائعة ، بوسكي لم يقدم كل هذا مع المنتخب الاسباني في
اول تجاربه على الصعيد الوطني ، فسقط في القارات ، وفي كأس العالم ، لاتزال اسبانيا تسير بقوة اسمائها
و قوة شخصية الفريق الذي صنعه اراجونيس كما يقال في اسبانيا حاليا ، بوسكي حاول تطبيق 4/5/1 ولكن
المنتخب لم ينجح ، وحتى هذه اللحظة لم يستطع ان يجمع بين تشافي والونسو وبوسكيتس في ادارة شؤون
الوسط ، فأصبح تشافي كالغائب وسط هذا الزحام ،في حين انه لا يزالمصرا على فرناندو توريس الذي لم يقدم
شيئا حتى الان ، ما يحسب لبوسكي انه حتى الان لازال يقدم جيدا حينما يبدل ، ففي لقاء البرتغال حينما استبدل
توريس بلورنتي استطاع تغيير مجريات اللعب ، وفي لقاء البرارغواي حينما ادخل فابري في وسط اللقاء فمالت
كفة اللعب الى اسبانيا من حيث السيطرة على الملعب .
يواكيم لوف لم يكن يعرفه الكثير قبل الان ، ولكن نسبة لحديث الالمان انفسهم ، فحتى حينما كان يورغن كلينزمان
مدربا للمنتخب في عام 2006 كان الالمان يرون لوف هو المدرب الحقيقي والذي كان مساعدا له حينها ، وتولى
المهمة بعده وقاد المنتخب الى نهائي اوروبا قبل ان يخسره امام الاسبان ، لوف يمتاز بقربه الشديد من لاعبيه ،
كما انه مميز جدا في اعداد الفريق لكل مباراة ، مستفيدا من الشخصية الألمانية القتالية في الملعب ، لوف راهن
قبل المونديال على اسماء شابة اثارت الاستياء في البلاد خصوصا مع استبعاد كوراني و فرينجز ، واصابة بالاك
و ايدلر ، فاعتمد على منتخب شباب البلاد المميز ، فأسماء كـ توماس مولر ، ومانويل نوير ، و بواتينغ و اوزيل
وسامي خضيرة و ماركو مارين و توني كروس و غيرهم ، قدموا اجمل اداء لاي فريق في البطولة ، من جميع
النواحي سواء اداء او انضباط او تصرف في اللقاء .


الماتادور وحسب اختيارات بوسكي يلعب بـ 4/4/2 عادة منذ اللقاء الثاني له في البطولة ، ففي المرمى يبقى القائد
كاسياس الحالم بأن يكون اول قائد في تاريخ البلاد يصل الى النهائي ولم لا اول قائد يحمل الكأس ، كاسياس يقدم
اداء متصاعدا في البطولة ، حيث بدأ عاديا ، قبل ان يجد نفسه منقذا للفريق في عديد المناسبات لعل ابرزها اللقاء
الماضي حينما تصدى لركلة جزاء قلبت مجرى الامور في اللقاء ، ثم اكد ليتصدى لإنفرادين ، امام كاسياس يقف
ثنائي البرسا بيكي وبويول وهو الثنائي الصلب ، وان كانت هناك العديد من المشاكل التي ظهرت اكثر من مرة
في لقاء البرتغال تحديدا ولقاء البراغواي الاخير ، غالب هذه المشاكل تأتي من بيكي والذي رغم تألقه في عديد
اللقطات الا ان هفواته دائما ما تكون مكلفة للغاية كهدف سويسرا و ركلة جزاء الباراغواي ، والبعض يعزو هذا
الاهتزاز بالطبيعي خصوصا ان المنتخب الاسباني يلعب بضغط عالي جدا على الخصم ، على الطرف يأتي احد
مفاجئات البطولة ، وهو سيرجيو راموس الذي يقدم افضل اداء له منذ يورو 2008 ، فهو يشكل جبهة يمنى
كاملة في المنتخب ، مستفيدا في العديد من المرات من تحركات انييستا في سحب الدفاع ، اما في الجهة
الاخرى يتواجد المخضرم كابديفيا وبأدوار هجومية اقل ، خصوصا مع وجود فيا هجوميا في الجهة اليسرى .
في المنتصف ، يتواجد سيرجيو بوسكيتس بأدوار دفاعيةبحته ، مهمته الاساسية التواجد خلف الظهير المتقدم ،
وتنظيف اي كرة عائدة خلف تشافي وتشابي الونسو ، امامه يتواجد ابرز لاعب اسباني في البطولة مع دافيد فيا ،
وهو الونسو بمهمة دفاعية في مساعدة بوسكيتس ، و هجومية في توزيع اللعب في اطراف الملعب ، فهو يعتبر
الموزع الحقيقي من خلف منتصف المنتخب ، مستفيدا من الدقة العالية في تمريراته ، الونسو كذالك يكون قريبا
من منطقة جزاء الخصم ، حيث يقوم بالتسديد وبقوة عندما تعود اليه الكرة من الدفاع ، امامه يتواجد تشافي
هيرنانديز ، والذي لا يقدم حتى الان المنتظر منه في البطولة ، ولكن لاعب كتشافي لا يمكن تصور ما يفعله في
ثواني ، ولعل هدف فيا في البرتغال كفيل بشرح ما يمكن حدوثه عندما تغفل لاعب كتشافي ، العديد من المحللين
يعزو ذلك الى ان تشافي يكون قريبا من محاور الخصم وهو ما يعني حركة اقل ، كما انه يكمل داخل منطقة الجزاء
وهو المعتاد في اللعب من منتصف ملعب الخصم . الى الجانب الايمن يتواجد انييستا المميز جدا في البطولة رغم انه
اصيب وعاد ، انييستا يمتاز عن بقية لاعبي المنتخب بالقدرة العالية على الاحتفاظ بكرته اطول قدر ممكن ، يسانده
في ذلك المهارة العالية والنظرة البعيدة للملعب وكذلك حالة الحركة الدائمة بينه وبين تشافي والونسو والقادم من
الخلف سيرخيو راموس ، اما في الجهة اليسرى ، فيتواجد دافيد فيا ، البعض يلوم بوسكي على عدم اللعب به في
المقدمة كرأس حربة صريح ، والجواب هو ما يقوم به فيا نفسه ، حينما يضم الى داخل الملعب من الاطراف ،
ليواجه المرمى مسددا ، او القدوم من الخلف بسرعة شديدة تفاجئ المدافعين ، وهو هداف البطولة حتى هذه
اللحظة بـ 5 اهداف . امام الجميع يتواجد توريس الغائب عن مستواه والتي تشير العديد من التقارير انه قد
يفقد مركزه اما للورينتي او فابريغاس ليصبح فابري وانييستا و فيا في حالة حركة وتبادل للمراكز .


في الرسم التكتيكي ، فالمنتخب الالماني ليس ببعيد كثرا عن المنتخب الاسباني ، فهو يلعب بـ 4/5/1 بطريقة تميل
الى 4/3/3 هجوميا ، وهي حسب الحركة والانضمام في الملعب ، ففي الحراسة الاعتماد على نوير 24 عاما ، والذي
قدم اداء رائعا انسى الالمان انفسهم الحارس ايدلر ، في حين انه في خط الدفاع ، يبقى الاسم المتغير هو الظهير
الايسر بواتينغ والذي حل بدلا عن باتستوبر ، ويبقى الثنائي فريدريتش و ميرتساكر ثابتين في قلب الدفاع ،
ويقدمان اداء رائعا في البطولة مستفيدان من القوة في اللعب ككتلة التي يسير عليها الالمان ، اما في الجهة اليمنى
فيتواجد القائد لام ، والذي كراموس اسبانيا يقدم بطولة رائعة فهو مميز جدا في الشقين ، و سريع ولكن يبدو انه
لن يتقدم كثيرا هذه المرة حينما يواجه دافيد فيا ، امام هذا الخط يتواجد مباشرة سامي خضيرة ، والذي يلعب في
مركز جديد عليه فهو ليس محورا دفاعيا بل محور متحرك هجومي ، ولكن لظروف الاصابات يجد نفسه مضطرا
للعب هذا المركز وهو يقدم اداء جيدا خصوصا حينما تبدأ المانيا في عملية الهجوم بسرعة ، بجانبه يتواجد نجم
البطولة الاول في نظر الكثيرين ، باستيان شفاينشتايغر والذي يعد المحرك الاساسي للمنتخب الالماني ، شفايني
يجيد اللعب بالقدمين ويتواجد في الجهتين ويساند دفاعيا كما انه يسدد حالما يجد الفرصة ، وهو الموزع الاساسي
للعب الهجومي .
على جانبيه يتواجد الثنائي الرائع مسعود اوزيل و توماس مولر ، وهما في حالة دائما من تبادل الجهات بينهما رفقة
الجناح الايسر بودولسكي ، فتارة تجد اوزيل في العمق ومولر في اليمين وبودولسكي في اليسار وتاره تجد اوزيل
يتابد المكان مع مولر ، واخرى مع بودولسكي ، خصوصا حينما يتوغل بودولسكي من العمق كمهاجم ثاني ، ما يميز
الثنائي اوزيل وبودولسكي هو التسديد القوي والمؤثر جدا ، بينما مولر لاعب نشيط . المفارقة الكبرى في تشكيلة
المانيا هذه المرة !!! ان مولر سيكون موقوفا !! وهنا لم تتحدد بعد هوية من سيلعب مكانه ، وان كانت الاخبار تشير
الى ماركو مارين ، وهو امر متوقع ، فلا يمكن تصعيد شفايني والزج بتوني كروس خصوصا لما يشكله الاول من ثقل
في المنتصف . امام هذا الوسط القوي ، يتواجد ميروسلاف كلوزه ، القناص بإقتدار لأي فرصة تسنح امامه للتسجيل ،
فالالماني سجل من اول فرصة وبقتالية امام الانجليز بخلاف هدفيه في الارجنتين وهدفه في استراليا حينما اقتنص
عرضية هائلة جدا من فيليب لام . كلوزه وفي سباق الحصول على البطولة ، يتبقى له هدف ليعادل رقم رونالدو
التاريخي بـ 15 هدفا بعد ان تساوى مع جيرلد مولر .

بعد ان تحدثت مطولا عن المنتخبين ، بقي الإشارة الى مباراة من نوع خاص جدا في ارض الملعب

المواجهة الاكثر لمعانا في الصحافة ، فيا يريد ان يضم هداف العالم رفقة هداف اوروبا ، خصوصا انه يعيش حاليا
فتره هي الافضل في تاريخه ، فرغم انه ليس الهداف في الدوري الا انه اتى ويحمل معه 24 هدفا ، والان يسجل 5
اهداف في صدارة الهدافين ، كما ان ملاحقه المباشر امامه ، وهو حافز اضافي لإقصاءه ، اضافة الى هذا ، فيا قريب
جدا من كسر رقم راؤول في صدارة الهدافين التاريخيين للمنتخب الاسباني فهو يتبقى له هدف فقط ليساويه ، اضافة
الى ذلك فبدأ الموسم الجديد مع نادي جديد وهو البرسا كهداف مونديال امر رائع لفيا .
كلوزه الامر ايضا خاص بالنسبة له ، فهو كفيا اضافة الى ان المنافس المباشر امامك ، كلوزة يريد تخطي رونالدو
كهداف تاريخي للمونديال وهو بحاجة هدفين لتحقيق ذلك ، وهدف للمعادلة على الأقل وهذا هو المونديال الاخير له
منطقيا فهو في الـ 32 من العمر ، اضافة الى هذا كله ، فهو يريد ان يكون هداف موندياليين متتالين بعد ان كان
هداف مونديال 2006 .