بين ماء الرافدين
قال المتنبى يرثى تطلعاته و يشكو همومه و يعرض تجاربه و هى مقتطفات من القصيده
حتّامَ نحن’ نسارى النَّجمَ فى الظلَمِ ............... و ما سراه’ على خفٍّ ولا قَدَمِ (1)
و لا يحسّ’ بأجفان يحس بها ............... فقْدَ الر’قادِ غريبٌ باتَ لم ينَمِ (2)
تسَوِّد’ الشمس’ مِنّا بيضَ أوجهنا ............... و لا تسوِّد’ بيضَ العذرِ و اللَّمَمِ (3)
و كان حالهما فى الحكمىِ واحدةً ............... لو احتكمنا من الدنيا الى حَكَمِ (4)
و نترك’ الماءَ لا ينفكّ’ من سَفَرٍ ............... ما سارَ فى الغيمِ منه’ سارَ فى الأَدَمِ (5)
لا أبغض’ العيسَ لكنى وَقَيْت’ بها ............... قلبى من الحزنِ أو جسمى من السَّقَمِ (6)
الشرح
(1) حتام : حتى متى ، نسارى : نجاريه فى سيره ، خف: بمنزلة الحافر للدابه
( حتى متى نسرى مع النجوم فى ظلم الليل و هى لا تسرى على خف كالابل و لا على قدم كالناس فيبصيبها التعب كما يصيبنا )
(2) ( ولا يؤلم النجوم فقد الرقاد كما يؤلم الرجل المغترب عن أهله و قومه )
(3) العذر : جمع عذار و هو جانب اللحيه ، اللمم : جمع لمه و هى الشعر المجاور شحمة الأذن
( تغير الشمس ألواننا ... فتسود وجوهنا ... و لكنها لا تسود شعورنا البيضاء )
(4)( و لو احتكمنا الى حاكم من الدنيا حكم بأن ما يسود الوجه ينبغى أن يسود الشعور أيضا )
(5) الأَدَم : جمع أديم و هو الجلد المدبوغ
( نملأ قربنا من ماء السحاب .. فلا يزال مسافراً معنا اما فى السحب او فى القرب )
(6) العيس : الابل ، السقم : المرض
( لا أتعب الابل لاننى أبغضها ... و لكنى اسافر عليها وقاية لقلبى من الحزن أو لجسمى من االمرض ... حيث افارق من تسؤنى عشرته و أفارق الاماكن الوبيئه )