بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من عجائب الدعاء
إعداد خالد بن سليمان بن علي الربعي
إهــداء
- إلى من قلبه مكلوم، وفؤاده حزين، أكلته الهموم، ودق عظمه الفقر، فأصبح مشتت الأفكار.
- إلى من ضل عن الطريق المستقيم، وتاه في متاهات الضالين ونسي يوم الدين.
- إلى العلماء والصالحين من آمن بالله ربًا، وبالنبي محمد رسولاً، وبالإسلام دينًا.
- إلى من أغلقت دونه الأبواب، ومنعه الحجاب هذا باب لم يغلق باب الكريم الوهاب.
- إلى كل عقيم، وإلى كل مريض، وإلى من ابتلي بمصائب الدنيا. أن يدعو الله – تعالى -.
- أهديه لجميع الناس؛ رجاء أن يكون تجربة نافعة وبلسمًا ودواءً صالحًا فقد دلنا عليه الكتاب والسُّنَّة.
مقـدمة
الحمد لله سامع الدعوات، غافر الزلات، مقبل العثرات رب الأرض والسماوات، والصلاة والسلام على من كانت قرة عينه في الصلاة، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى الممات، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فهذه رسالة النية فيها أن تكون جمعًا لقصص حصلت لأناس دعوا الله – تعالى – فاستجاب لهم دعواتهم، جمعتها من بعض الكتب؛ لكي تكون حافزًا للمسلم ليكثر من دعاء الله – جل وعلا – ثم أحببت أن أصدر هذه القصص بأمور تتعلق بالدعاء؛ كي يعمل بها الداعي علها توافق بابًا من السماء مفتوحًا، فيستجاب له وهي من الكتاب والسُّنَّة الواردة عن النبي rوجعلتها مرتبة كما يلي:
أولاً: فضائل الدعاء، ويشمل الفضائل من القرآن والسُّنَّة.
ثانيًا: شروط الدعاء، ولم آت بها جميعها بل بأهمها.
ثالثًا: موانع إجابة الدعاء، وقد أتيت بها جملة دون تفصيل.
رابعًا: أخطاء يقع فيها بعض الداعين في الدعاء، واخترت ما هو منتشر عند بعض الناس.
خامسًا: آداب الدعاء، وقد أطلت الكلام حولها، لأنها من أهم المهمات في الدعاء.
سادسًا: أوقات وأحوال وأوضاع ترجى إجابة الدعاء فيها وعندها. وهي كثيرة.
سابعًا: بعض الدعوات المستجابات التي وردت في السُّنَّة.
وينبغي أن أنبه على ما ذكرت من فضائل وشروط و... إلخ، فإني لم أرجع فيها إلى المصادر الأصلية، بل من مؤلفات حديثة في هذا الموضوع، وكذلك الأحاديث الواردة في بعض الفقرات؛ فخرجتها كما خرجها أصحاب الكتاب، دون أن أرجع إلى المصادر الأصلية.
ثامنًا: القصص، وقد بدأت ببعض دعاء الأنبياء، ثم دعاء الصحابة، ثم دعاء من بعدهم من التابعين وتابعيهم ... إلخ. وبعدها ما كان في الوقت الحاضر مما سمعته من قصص ([1]).
ومن كان لديه مثل هذه القصص مما سمعه، أو حصل له، يمكنه أن يرسلها على عنواني؛ كي تخرج – بإذن الله – في الجزء الثاني.
وأخيرًا: أرجو من الله – تعالى – أن يجعل فيها فائدة لنا جميعًا وحافزًا على الدعاء.
وأن يجعلها ذخرًا لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
أسأل الله التوفيق، والصلاح، والفوز في الدارين والفلاح. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فضائل الدعاء
أولاً: من الكتاب الكريم:
قال – تعالى -: }وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ{ [البقرة: 186].
وقال – جل اسمه -: }وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{ [غافر: 60]، وقال – سبحانه -: }ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{ [الأعراف: 55-56].
ثانيًا: من السنة النبوية:
1- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي r قال: «ليس شيء أكرم على الله – تعالى - من الدعاء»([2]).
2- عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله r: «من لم يسأل الله يغضب عليه»([3]).
3- وعن أبي سعيد – رضي الله عنه – أن النبي r قال: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نكثر. قال: «الله أكثر»([4]).
4- عن سلمان الفارسي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله r: «إن ربك – تبارك وتعالى – حيٌ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرًا»([5]).
5- عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي r قال: «الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء»([6]).
6- وعن سلمان – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله r: «لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر»([7]).
* * *
([1]) ليعلم القارئ الفاضل أنه سوف يستغرب من بعض القصص كما استغربت، ولكن ذكرتها لا لأني أجزم بصحتها ولا أنفيها، وإنما لما رأيت بعض العلماء استأنس بها مثل شيخ الإسلام، وابن رجب، وابن أبي الدنيا ذكرتها نقلاً عنهم – والله على كل شيء قدير.
([2]) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
([3]) رواه الترمذي وغيره وحسن إسناده الألباني.
([4]) رواه أحمد وهو في الترمذي عن جابر وعن عبادة وحسنهما الألباني – رحمه الله -.
([5]) رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
([6]) رواه الحاكم وأحمد وحسنه الألباني.
([7]) رواه الترمذي وصححه، الحاكم بنحوه من حديث ثوبان، وصححه ووافقه الذهبي.
****
يتبع