وجهها المتهدّم
مدينة غادرها الغزاة
وأطلالاً من ضيق الثقوب
تتنفس بقايا حياة
تلك عجوزٌ نوريّة
على جبل قاسيون رأيتها
أسمالها
نهار يقضمه ظلام
وخطوها
تعثرات في أخاديد
شقها محراث السنين
مكرهة على الخطو هي
تجرّ خلفها ظلاً كئيبا
وفوق ظهرها
من حقائب الدهر بضع وسبعون
عجوزا
في تورّم السنين
تهدّلت خدود عمرها
وتفرقت كالهشيم
في عبوس الريح أسنانها
عيناها الانطفاء
من بين أهداب الخراب تيقظت
تتلمس في وجوه السابلة دربها
ترحل بين الملامح
تفتش عن فجر
يمزق عتمة فقرها
وصيدٍ تجوس في خطوط كفه
تُشرع نوافذ طالعه
تقرأ فيه ما كان
وما لعله يكون
….
أقبلت
كمساء يمد عباءته
اقتربت
دنت منه
فتى حجازي السمات
مدت له
ابتسامة ضاعت تفاصيلها
ويداً متغضنة
عروقها حطام غابة
في أشداق الجفاف تهشمت أغصانها
أسلمها الفتى كفه
وفضولاً يستكنه المجهول
تصدّع جدار الصمت
وأطلت من فمها عناكب الكلام
تبني في الشقوق بيوت خرافة
…..
يا أنت
هناك …. نجماً ستكون
وحيدا
ترقبك العيون
في سماء أثقل الدجى أكتافها
بعيداً عن أيادٍ
تُمسك عصا الشوق
وضلوعٍ نفَثتَ فيها
أسطورة عشق
تعيش في غربة الجفون
بعيداً عن نبضٍ
طال به المسير
وعيونٍ
أعياها السفر
أضناها السهر
في ليل الرماد
جرحها الأعمى
يتخبط في الدروب
يبحث عن ضماد
يا أنت
بين أحلام الصبايا
ومدارات حرفك
تتربع عرشك
أمنية تكون
في دمعهن والزغاريد
وبريق نجمك
مساكن الحنين
يا أنت
بعد حين من وحدة
وتأرجح محزن
في ضجة الأفكار
بعد استبطاء صباح
وطول انتظار
تنسل من غمد الأمنيات
شمس الحياة
تغزو أطلس الظلام
تبدد حكاية الليل
وتنسج على نول الفجر
خيوط فرح
يطمئن لها النهار
يا أنت
ذاك عهدها
زمن الشمس
شتلات نور
شرفات همس
ودفء من وهجها
يكسو عريّ الحقول
ويمحو عن سماء الوجه
تجاعيد الغيوم
ذاك زمنها
من رحلة الجوع
إليه ترتد
على طريق مرسوم
من ذكرى الحنين
الله الله الله عليك يا أستاذ حربي .