(خـاشر وحبس) وعورة شامخة
قائمة الـمـطـالب تعلو قمم الجـبال
جولة : البراق الحازمـي
قمتا جبلى (خاشر وحبس) شامختان رغم وعورتهما.. والتي يتطلع الاهالي لتذليلها بقائمة من المطالب. . تعبيد وسفلتة الطرق وازالة مخاطر السيول وتعليم البنات حيث يأمل الاهالي ايجاد كليات لبناتهم تكفيهن مشقة السفر بحثاً عن الدراسة في المدن النائية. النقل يشكل ايضاً معاناة لطالبات المدارس في ظل وعورة الطرق وهن يتطلعن الى ان تخصص ادارة التعليم المزيد من المدارس ووسائل النقل.
ثمة افق رحب للتفاؤل على الاقل في عيون القرويين من سكان الجبال الشامخة.
تقع بني مالك في الجزء الشمالي الشرقي من منطقة جازان ويحدها من الشمال جبال الحشر وبلغازي ومن الجنوب الحدود اليمنية ومن الشرق آل تليد والحدود اليمنية ومن الغرب بلغازي وفيفا. وتتكون بني مالك من سلسلة جبال شاهقة ومن اشهرها جبلا طلان وخاشر كما تجري بها عدد من الاودية اشهرها وادي جورا ووادي ضمد. ويميل مناخها الى البرودة شتاء ويمتاز بالاعتدال باقي فصول السنة وتنقسم تركيبتها السكانية بين عدة قبائل هي : آل خالد, آل سعيد, آل علي , حبس, آل يحيى وآل سلمى . وقد اشار المؤرخون لتاريخ المنطقة الى ان هذه القبائل قحطانية ويشتغل معظم ساكني هذه المنطقة بالزراعة والرعي .
بدأ التعليم في بني مالك عام 1386هـ عندما تأسست اول مدرسة ببني مالك وهي مدرسة خاشر والقهبة الابتدائية ثم توالى بعد ذلك افتتاح المدارس في مختلف المراحل. ولبني مالك تراث عريق يحمل عبق الماضي الجميل واصالة التاريخ حيث يوجد بها العديد من الآثار والأماكن السياحية المميزة.
معاناة الطالبات مع التعليم
في البدء يحدثنا حسين محمد سلمان المالكي (معلم من ابناء المحافظة) قائلاً: كان التعليم في هذه المنطقة يعتمد على الكتاتيب والمحفظين والوسيلة هي الكتابة على الألواح, حتى جاء عام 1386هـ حيث افتتحت - بفضل الله- اول مدرسة ابتدائية وقد توافد عليها مئات الطلاب من قرى متفرقة ومسافات بعيدة ووعرة قد تصل الى 10 كلم مشيا على الاقدام رغم قلة ذات اليد, يدفعهم الى ذلك حرصهم على طلب العلم والاستزادة من معينه ثم توالى بعد ذلك افتتاح المدارس في مختلف المراحل ويستدرك المالكي قائلاً: الواقع انه بالرغم من ازدياد عدد المدارس الا انها لم تعد تفي بأعداد الطلاب المتزايدة خاصة في المراحل الثانوية فمحافظة الداير على اتساعها لا توجد بها سوى مدرسة ثانوية واحدة للبنات (مستأجرة) وسبق لاهالي المحافظة مخاطبة الجهات المختصة والمطالبة بثانوية اخرى ولم يستجب لمطلبهم حتى الآن!
كما يشير حسين المالكي الى أن معاناة الطالبات تفوق معاناة الطلاب بمراحل يستوى في ذلك طالبات التعليم العام والتعليم الجامعي ويتدخل في الحديث سعيد المالكي (معلم من ابناء المحافظة) ملخصاً هذه المعاناة في نقطتين الاولى: بُعد بعض مدارس البنات الابتدائية والمتوسطة عن اماكن اقامة اسرهن حيث تتناثر قراهن بين الجبال وطرقها الوعرة مع عدم وجود خدمة نقل حكومي وذلك يستدعي توفير وسائل نقل مستأجرة للطالبات الصغيرات بمبالغ مادية كبيرة تعجز كثير من الاسر عن الوفاء بها , مما يترتب عليه حرمان بعض الاسر لبناتها من مواصلة تعليمهن او الالتحاق بالمدارس من الاساس.
ومع التعليم العالي..ايضا
ويواصل سعيد المالكي حديثه قائلاً: والنقطة الثانية اضطرار الطالبات الراغبات في مواصلة تعليمهن الجامعي للانتقال الى كلية التربية البعيدة جداً عن محافظاتهن حيث الاقسام الادبية بصبيا والاقسام العلمية بجازان على مسافة تزيد عن 120كم, ولعدم توفر سكن لهن هناك فهن يضطررن لمغادرة منازلهن يومياً قبل الفجر والعودة في الرابعة والنصف عصرا مع ما يستدعيه ذلك من مشقة في الطريق الوعرة وما تتطلبه وسيلة النقل ايضا من مبالغ كبيرة ( 700-1000 ريال شهرياً) قد تتسبب في إعراض بعضهن عن مواصلة الدراسة وتفضيلهن القعود في البيت طلباً للسلامة وتوفيراً لميزانية الاسرة ويوضح سعيد قائلاً : للظروف المذكورة فإنه من حوالي (400) طالبة يتخرجن من الثانوية العامة في هذه المحافظات هناك (50) طالبة تقريباً هن من تتيح لهن الظروف فرصة اكمال تعليمهن.
مخاطر الامطار على الطريق
تم ربط المنطقة بطريق اسفلتي يصلها بمحافظة صبيا مروراً بالعيدابي وفيفا لكن معظم القرى المنتشرة خلالها ذات الطرق الجبلية الوعرة ما زالت تفتقر الى هذه الخدمة مما يعرض ارواح سكانها للخطر خاصة في مواسم الامطار والسيول.
الطريق الى خاشر
وفي طريقنا الى قمة جبل خاشر.. دفعني منظر الجبل المنتصب شموخاً واخضراراً, الى فتح نافذة السيارة حيث باغتنا نسيم بارد ثم ما لبث مرافقي ان اشار بيده الى ما فعلته الامطار والسيول التي اجتاحت المنطقة مؤخراً حيث نهشت اجزاء من الطريق الرئيس المؤدي الى قمة الجبل مما فتح الباب واسعا لمخاطر قد يواجهها سكان الجبل خاصة ان ارتفاع الطريق عن الوادي يزيد عن ستة امتار.
التقينا بعدد من الاهالي الذين تحدثوا الينا عن اخطار الامطار والسيول الموسمية وقال كل من جابر المالكي وعبدالله المالكي ومحمد الخالدي ان الطريق به اجزاء واسعة اصيبت بتشققات وقد تتأخر الفرق المكلفة بصيانة الطريق مما يشكل خطراً كبيراً على السيارات العابرة وتساءلوا: هل ستكون الاستجابة من قبل ادارة النقل سريعة لترقيع الطريق قبل ان تزهق ارواح الاهالي بفعل تهدمه وتشققاته?!
لا مركز للمرور.. ولا للمواليد
ويشير حسين المالكي الى ان مشكلتهم لا تتوقف عند ازمات السيول والطريق بل تتعاظم معاناتهم كثيراً مع حوادث السيارات المفجعة بسبب عدم وعي السائقين من جهة ولافتقاد المحافظة لوجود مركز مختص للمرور. ويؤكد المالكي افتقاد المحافظة الى تواجد الكثير من الجهات الخدمية فيقول: هناك شخص واحد مختص بالحوادث في مركز الشرطة بالمحافظة ونحن على سبيل المثال لو اراد احدنا تجديد رخصة القيادة او استمارة السيارة فعليه الذهاب الى صبيا لمراجعة الجهة المختصة مما يكلفنا الكثير من الوقت والجهد والمال ويضيف نحن لا توجد لدينا ادارة للاحوال المدنية بالمحافظة ولا حتى مركز تبليغ للمواليد علماً بأن الكثيرين من سكان المحافظة يتكبدون المشاق الكثيرة لمراجعة الجهات المختصة في مدينتي صبيا او جازان.
ومطالب لجبل (حبس)
جبل حبس قمة شامخة ايضا تتبع بني مالك, حاجات ومطالب سكانها لا تختلف كثيراً عن المحافظات والقرى الاخرى فالطريق الى الجبل كثير التهدم في مواسم الامطار ويقول محمد جابر الحبسي اجزاء كثيرة من طرقنا بحاجة الى سفلتة وقد قمنا بمراجعة (وزارة النقل) منذ سنتين ونحن بانتظار وعودهم أما عن حاجاتهم من التعليم فيقول: حاجتنا الماسة تتمثل في مدرسة متوسطة للبنات حيث هناك ابتدائية بنات وحيدة تخدم منطقة حبس كلها وهنا يتدخل في الحديث جبار سالم الحبسي ويقول: بعض اهالي الجبل تركوا بيوتهم ومزارعهم وانتقلوا الى محافظة الداير بحثاً عن الخدمات المفقودة في مراكزهم وقراهم واردف: اضافة الى ما ذكره محمد فهناك امور اخرى نحن بحاجة ماسة اليها فمشكلتنا مع مياه الشرب لا تنتهي حيث ان متعهد سقيا بني مالك التابع لبلدية فيفا غير منتظم في تعبئة البراميل المعدة لذلك كما ان خدمة الهاتف الثابت محرومون منها وسبق للمواطنين ان طالبوا بهاتف اسقاط ووعدوا بتحقيق ذلك من قبل شركة الاتصالات منذ سنة ونصف تقريباً ولم يتحقق شيء حتى الآن وربما هم يكتفون بتحصيل رسوم اشتراك الجوال مقابل خدمة سيئة وغير فعالة كما ان لدينا مشكلة كبيرة تتمثل في وجود مركز صحي واحد يخدم عدداً كبيراً من السكان (قبيلة , حبس , وآل سلمى, وآل تليد) ومنطقتنا جبلية واسعة وصعبة التضاريس ونقل المريض يتطلب احياناً التنقل بين اكثر من سيارة للوصول اليه يتوقف جبار قليلاً كأنما يحاول تذكر شيء ما ثم يندفع: نعم وهناك مشكلة النفايات حيث ان البلدية تتأخر في جمعها فقد يمضي شهر كامل ولا يجمعونها الا مرة او مرتين ويضيف: اعتقد أننا في بني مالك بحاجة ماسة الى مجمع قروي مستقل.
تحف تاريخية في العيدابي
وحين بدت اضواء اسفل الجبل تلمع من بعيد خافتة لتحل محل الشمس الغاربة قطع سائقنا حديثه قائلاً: ما اجمل بني مالك في الليل لكن لنعد قبل حلول الظلام! مشيراً الى اننا بحاجة الى يوم آخر للوقوف على المواقع الاثرية التي تتوزع في جبال العيدابي والداير مشكلة تحفاً تاريخية ومعالم بارزة كصورة حية تنبض بالماضي وتشتهر هذه الآثار الى جانب قوتها التي تظهر من خلال صمودها الطويل بالجمال والروعة وكذلك المواقع الاثرية التي تزين جبلي صماد ومصيدة ووادي قصي حيث يوجد بها مواقع قديمة يعود تاريخها الى مئات السنين وهي عبارة عن قرى اثرية كقرية (الخطوة) الاثرية الواقعة شرقي وادي قصي على مسافة (25) كيلو متراً من محافظة العيدابي وعلى مسافة (28) كيلو متراً يوجد ثاني افضل موقع في المحافظة ويسمى (عكوة مصيدة) بالاضافة قريتي (الثاهر) و(قير) في محافظة الداير.
(اللبخ) مهدد بالانقراض
تشتهر محافظة العيدابي بطبيعة ارضها الجميلة واوديتها السيالة الا ان شجرة (اللبخ) اكسبتها شهرة اضافية نظراً لكونها من الاشجار المعمرة ولان ما تبقى من هذه الاشجار عدد محدود على مستوى المملكة وتتميز شجرة اللبخ بارتفاعها الشاهق وكبر حجم جذعها وكثافة اوراقها حيث يصل ارتفاعها الى 50 متراً, وقطر جذعها 3-4 امتار.
(عكاظ) وقفت على عدد من هذه الاشجار في وادي جورا وتبين انها اصبحت مهددة بالانقراض نتيجة تعرضها للسيول الجارفة التي تعصف بها في بطون الاودية اضافة الى ما تتعرض له من عبث من قبل بعض المراهقين الذين يقصدون المكان في رحلاتهم الترفيهية و(يشبون) النار في اساس جذع الشجرة غير مبالين بقيمة هذه الشجرة المعمرة.
المصدر
http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/2005/6/2/Art_226277.XML