جازان.. الفلّ أشدُّ بياضاً من الملح
الحملات الأمنية.. هل تكفى لتسكين الهواجس?
المتسللون .. الخطر المتربص عبر الحدود
جولة : البراق الحازمـي
المجهولون .. مشكلة امنية ام قضية اكثر تعقيداً ?.. حاصرني هذا التساؤل وانا اتجول في سهول جازان وجبالها حيث الانتشار الكثيف و( المخيف) لعدد كبير ممن يطلق عليهم مسمى (مجهولون) وهم الذين يتسللون عبر الحدود براً وبحراً .. هرباً ربما من ظروف قاسية او طعماً في الثروة سواء بالتسول او بالبحث عن عمل ما علماً بان هؤلاء جميعا مخالفون لانظمة الاقامة في المملكة.. ومعظمهم من جنسيات يمنية وارتيرية واثيوبية وصومالية وقفنا خلال جولتنا على مشاهد بائسة لبعض الحالات كما استمعنا لكثير من القصص والحكايات لما يصدر من بعضهم من تعديات وجرائم خطرة.
ترى هل تكفى الحملات التي تقوم بها الجهات المختصة لالتقاط خمسة هنا وعشرة هناك ومن ثم ترحيلهم ليعود اكثرهم الينا ثانية قبل مضى 24 ساعة احياناً ?! هكذا يتساءل البعض .. ورغم مشروعية هذه التساؤلات الا ان في القاء اللوم من قبل بعض المواطنين على اجهزة الدولة تنصلاً واضحاً من مسؤوليتهم في الحد من هذه الظاهرة الخطيرة لا سيما ان هناك تهاوناً من قبل بعض المواطنين بتشغيلهم او التستر على وجودهم لمصالح شخصية ضيقة متغافلين عن ضررهم على مجتمعنا امنياً وصحياً واقتصادياً واجتماعياً و نخلص من هذه المشاهدات بضرورة الحاجة لاجراء دراسة علمية عاجلة , امنية, اجتماعية تشخص حقيقة المشكلة وترصدها بدقة وتساهم في وضع الحلول المنطقية القابلة للتطبيق وذلك بتضافر الجهود الرسمية والشعبية.
في هذه الحلقة لقطات واقعية لهذه الظاهرة وتداعياتها..
(تمكنت السلطات الامنية في منطقة جازان خلال اليومين الماضيين من الكشف عن هوية عصابة منظمة تخصصت في تهريب السيارات المسروقة من السعودية الى الاراضي اليمنية عبر منفذ مركز الطوال ,100 كلم جنوب جازان).
(مجلس النواب (اليمني) يكلف لجنة الحقوق والحريات لمتابعة قضية تهريب الاطفال والفتيات الى دول مجاورة.. نائب برلماني يكشف ان (3500) طفل وطفلة تم استعادتهم ضمن الآف المهربين)
(سلطات الحدود السعودية تلقي القبض على باصين محملين بمهربين يمنيين بينهم ما يقارب من 15 طفلاً وطفلة)
ما سبق نماذج من الاخبار التي تحملها الينا الصحف المحلية واليمنية بشكل شبه متكرر اسبوعياً ان لم يكن يومياً حيث اصبح التسلل عبر المناطق الحدودية ظاهرة عالمية مقلقة خاصة حين ارتباطه بعمليات التهريب للمخدرات والسلاح وما يتبعها من جرائم سرقات وترويج وربما قتل.
وفي منطقة جازان الحدودية لم تعد عمليات التسلل الى المملكة تأتي بأعداد صغيرة او فردية بل تحولت الى ما يشبه الهجرة الجماعية ويمكن لزائر المنطقة المحاذية للحدود مشاهدة ذلك على الواقع حيث يعبر مئات المتسللين منهم يومياً الى المملكة ومثلهم يغادرونها بعد القبض عليهم وترحيلهم من قبل الجهات الامنية المختصة ولم يخل هذا التدفق من مجهولي الهوية من عمليات التهريب المختلفة مما يحتم على رجال حرس الحدود ان يبقوا دائماً في حالة تأهب واستعداد خاصة وان هذه المهربات تهدد سلامة الوطن وحياة المواطنين.
ويسعى رجال حرس الحدود جاهدين للحد من عمليات التسلل والتهريب عبر تكثيف عدد الدوريات ومراقبة الحدود وبسط السيطرة عليها باستخدام وسائل تقنية متطورة كنظم الكاميرات الحرارية ذات التقنية العالية اضافة الى معدات اخرى من اجهزة الرؤية الليلية مما انعكس ايجابيا بتقليص عدد المتسللين الى الاراضي السعودية واحباط معظم عمليات التهريب كما يقوم رجال حرس الحدود بتمشيط القرى المحاذية والمتداخلة مع القرى اليمنية ويواجهون في حالات عدة عدم تعاون من بعض المواطنين مما يتسبب في اعاقة رجال حرس الحدود عن القيام بأداء واجبهم الوطني .
ان منطقة جازان تعتبر من اكثر المناطق الحدودية معاناة مع هجرة المتسللين- ان جاز التعبير -والتي تزيد في بعض الايام على (1000) متسلل وفي المواسم والاعياد تتزايد اعدادهم الى ما بين 1500-2000 متسلل وهؤلاء هم ممن يقبض عليهم ناهيك عمن يتجاوزون الحدود عبر الجبال الشاهقة والاودية البعيدة التي يسلكونها سيراً على الاقدام ومن ثم الركوب ضمن قوافل الحمير بعيداً عن اعين رجال حرس الحدود ليصلوا الى القرى السعودية المحاذية للحدود حيث يجدون في استقبالهم بعض ضعاف النفوس ممن يسهل اخفاؤهم ونقلهم بما معهم من مهربات.
التهريب والفقر.. سببان رئيسيان للمشكلة
يؤكد المسؤولون عن رصد الحدود وحمايتها ان التسلل الجماعي المتدفق من قبل مجهولي الهوية عبر الحدود بصرف النظر عن اعمارهم وجنسياتهم لا يخلو من عمليات تهريب مختلفة مما يحتم على رجال حرس الحدود في منطقة جازان ان يظلوا دائماً في حالة تأهب واستعداد خاصة ان من هذه المهربات ما يهدد الوطن وحياة المواطنين حيث تشتمل على قطع سلاح بانواعها المختلفة وحشيش مخدر, وقات , وذخيرة متنوعة وغير ذلك من الممنوعات.
وفي عام 1425هـ بلغ عدد المتسللين المقبوض عليهم والذين تم ترحيلهم (501782) شخصاً وبلغ حجم المهربات (4395498,5 كجم) من القات, و(603) قطع سلاح و(773, 269كجم) حشيش مخدر وعدد (892677) ذخيرة متنوعة.
من جهة اخرى تعزو دراسة يمنية رسمية عن تهريب الاطفال تزايد هذه الظاهرة (تهريب الاطفال) والتسلل, الى الفقر وقلة فرص العمل واوضحت الدراسة التي اعدها المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف وشملت محافظة حجة والمحويت ان 59% من الاطفال المرحلين هم من مديرية حرض بمحافظة حجة التي يمر عبرها معظم العبور بين الجمهورية اليمنية والمملكة ومن خلال اللقاءات مع الاطفال بين 14-15 عاما تبين انه من بين 59 حالة كانت بينهم فتاتان فقط واغلبهم تسربوا من الدراسة لقلة الموارد المالية وضعف الوعي الاجتماعي بأهمية التعليم اضافة للمشاكل الاسرية والفرص المتاحة لسفرهم الى المملكة.
مدير جوازات جازان: ضبط 10 آلاف متخلف ومخالف خلال شهر
البراق الحازمي (جدة)
اوضح مدير جوازات منطقة جازان المقدم عايض بن تغاليب اللقماني ان ادارة جوازات المنطقة تقوم بعدد من الخطوات والاجراءات التي تهدف الى محاصرة ظاهرة التسلل من مجهولي الهوية والحد من اقامة المخالفين للانظمة في بلادنا الى اقصى مدى ممكن وبين المقدم اللقماني ان تلك الخطوات والاجراءات تتمثل فيما يلي: القيام بحملات مشتركة داخل المحافظات والمراكز ووجود لجنة تفتيش للمؤسسات والشركات الوهمية وتوزيع دوريات الجوازات على خمسة مراكز رئيسية في المنطقة هي جازان , الدرب , ابو عريش , صبيا , احد المسارحة واشار الى ان جميع هذه المراكز تعمل على مدار الساعة لمكافحة هذه الفئة من المتسللين ومن في حكمهم من المخالفين والمتخلفين. كما اوضح المقدم اللقماني ان هناك تعاوناً امنياً قائماً وقوياً بين كافة القطاعات الامنية في المنطقة وبمتابعة مستمرة من سمو امير المنطقة ومدير عام الجوازات اللواء سالم البليهد بهدف القضاء على ظاهرة المقيمين بطريقة غير مشروعة. وبين مدير جوازات منطقة جازان ان هناك عدداً من البرامج و(الاسابيع) التوعوية الهادفة للحد من هذه الظاهرة وسلبياتها مؤكداً ان هناك دعماً قوياً للمنطقة بأعداد لابأس بها من القوى البشرية وبعدد جيد من السيارات لمتابعة ذلك. واشار الى عدد من الصعوبات التي يواجهونها في مجال مكافحة هذه الفئة ومن ذلك تستر بعض المواطنين - وهم قلة- عليهم في التشغيل والنقل والايواء, موضحاً ان العدد الاكبر من المواطنين متجاوب بفعالية في هذا الشأن وهذا شيء طيب ونطمع في المزيد, على حد قوله.واختتم المقدم اللقماني حديثه بالاشارة الى ان الحملات التي نفذت خلال شهر واحد فقط (ذي القعدة) 1425هـ اسفرت عن القبض على (10045) حالة من المتخلفين والمغادرين والمخالفين لنظام الاقامة في المنطقة .
المصدر
http://www.okaz.com.sa/okaz/Data/200...Section_12.xml