خيبة ذلك الشعور الذي يسيطر علينا عندما نكبر ونكتشف بأننا قضينا عمرنا نبحث عمن يقلق علينا ... عمن نعني له شيئاً مهماً وكبيراً قد يكون أكبر حتى من تصوراتنا لأنفسنا...
خيبة عندما نكتشف أننا قضينا عمرنا برفقة أشخاصٍ نحلم بغيرهم ... أو تحت مظلةٍ لم تستطع وقايتنا من حر الفقد و الضياع ...
مؤسف أن يمضي العمر وجل همنا فيه إسكات صرخات وجداننا الخفية كي لا نفزع سعادتنا المزيفة ونوقظها من غفلتها على سرير واقعٍ دهناه بألوان زاهية في محاولة لتغييب الندم إن فكر باجتياحنا ذات يوم
الخسارة مرة .. وأمرها خسارة القلب
عندما أدركت هذه الحقيقة عرفت على الأقل سبباً واحداً يجعل الكثير من أصحاب المال أو السلطة أو الشهرة غير سعداء
السعادة ولاشك مفهومٌ مرتبطٌ بمنهج الشخص وماهيته ... بطموحه أو بمقدار ماحقق من ذاته إلخ
وللسعادة مفاتيح عدة .. مختلفةٌ أسنانها بين هذا وذاك ... لكن ثمة مفاتيح عامة مابين البشر على اختلاف أجناسهم وقومياتهم
ولعل من أهمها أن يحيى المرء ممتلئ الحشا ...
أن يملأ أحدهم فراغ قلبك وروحك ... أن تشعر بالأنس .. أن تلمس معنى كلمة السند .. كلمة الشراكة الحقيقية ... كلمة الرابط أو العلاقة المفتوحة
أن تحس بأن لك قيمة معنوية كبيرة عند أحدهم ... أن تعلم بأن ثمة شخصٌ على استعدادٍ كامل لأن يضحي بنفسه وبكل مايملك لأجلك
أن تبادله نفس الشعور فتشعر بلذة العطاء المطلق واللامحدود
أن تستقبل نظرة اللهفة من عين أحدهم ... أن يبكي لأجلك .. أن يأرق يتعب يعرق لأجلك واضعاً نصب عينه سعادتك ورضاك .
المشكلة الكبرى هي أن لكل شيءٍ في الحياة ثمن ( واحدٌ من قوانين الحياة ) ..
لكن المشجع في الأمر أن أغلب الأثمان التي تجبرنا الحياة على دفعها للوصول إلى غايةٍ نحبها ، رخيصة إن أجرينا تنظيراً بسيطاً فيما بينها وبين العمر بأكمله كماً ونوعاً
أي كمدة وكتعب وبذل وما إلى هنالك
الحياة الصغرى أي الدنيا بحد ذاتها هي نموذجٌ مصغر عن الحياة الكبرى ألا وهي الدارين الأولى والآخرة ( تسميات مجازية للإيضاح لا أكثر )
فلكي تفوز في الدار الآخرة الخالدة يجب أن تدفع ثمن ذلك صبرك على مصائب الحياة وعلى الطاعات وعلى نفسك الأمارة بالسوء وعلى شتى أنواع الأباليس اللعينة
قد يطول صبرك هذا عشرات السنين لكن إذا ما قارنا هذه المدة مع خلود الآخرة ثم قارنا ذلك التعب مع عقاب الآخرة سنجد بأن صبرك في الدنيا شيءٌ لا يذكر
وكذلك الأمر في الحياة الصغرى ... قد يطول صبر أحدنا في سبيل تحقيق مآربه لكنه سيكتشف إبان عملية تنظير صغيرة بأن مدة صبره هي في الحقيقة بضعة صغيرة من شريط حياته الطويل
وبأن كمية التعب الذي بذله أول الطريق مقارنةً مع كمية الحزن الذي سيلبسه عندما يندم على عدم صبره لا تذكر أيضاً ..
للصبر لذة لا يعرفها إلا الذين خبروه وتذوقوا طعم نتائجه المبهرة
الصبر طريقٌ شائكة لكنها قصيرة بتقوى الله وعونه
الصبر محك عادل ... يمنح السعادة للمعادن الثمينة فقط
الصبر ضريبة بسيطة يخشاها الضعفاء ويسعد بها الأقوياء والعقلاء .
لارواحكم الخير والسعاده
منقووول لروعته
.............