اختبارات لا تنتهي
خيرية عبدالرحمن السيف
في أجواء الاختبارات هذه، تذكرت أحد أساتذة الجامعة الرافض لمسمى امتحانات لارتباطها بالمحن، مفضلا مسمى اختبارات، حيث تُسبر الخبرات ويُكشف الخبر.
هذه الاختبارات التي تجري على مقاعد الدراسة لا أملك أن أراها إلا صورة مصغرة لاختبارات أكثر مرارة في الحياة تصل لدرجة الامتحان، هكذا أراد الله لنا أن نعيش في كَبَد ومكابدة.
ستقرأ في الحياة أسئلة أكثر صعوبة من الرياضيات، ولن تتقبلها بروح رياضية في كل الأحوال، ولا تحزن إن التزمت بمنهج الأدب وتعلقت بمعلقاته الشعرية وغير الشعرية، وجاء من يستشعر حيالك بشفقة مهينة: (أنت طيب بس حظك معتر)، فالمستشعرون والشعراء سواء في ذلك.
واستفد من دراستك للنحو ألا تعرب عما بداخلك نحو أحد ما سريعا، فقد تظهر الأيام حقيقته غير البادية لك.
وما لم تقله بلسانك العربي لن تستطيعه بغيره ،حتى وإن درست لغة ثانية انجليزية، ستظل لاؤها حرفين ونعمها ثلاثة أحرف.
وقد تختلط اللغات على بعضهم كما تروي الطرفة عن مدرسة لغة عربية قررت مخاطبة عريسها الحجازي بالفصحى:"أتريد أن أسكب لك بعضا من الشاي"، فصرخ معجبا:"يا واد يا إنجليزي".
وستجد بعد رسمك لخرائط الدنيا وفق المقاييس الدقيقة، أن جغرافية المكان مرتبطة ببشر يقلبونها رأسا على عقب بحدودها و مناخها، وستدرك أن من أهم ما تحتاجه في حياتك هو التاريخ، فما أشبه الليلة بالبارحة، وشخصيا قد ندمتُ كثيرا أن درست الأدب الإنجليزي ولم أدرس التاريخ.
إن خرجت لدنيا الواقع، ستكتشف علاقة وثيقة بين البراشيم والواسطة، فالغشاش قشاش وانتهازي للفرص في كل مكان، وسترى خيبتك في المعلم الفاشل تتكرر على منابر الدين والفكر حيث تتكاثر هواتف العملة الصعبة.
لو تصورت أن كل موقف هو اختبار لك، أراهن على نجاحك وفوزك بالأفضل دوما، تعلم جيدا فالاختبارات ليست أياما، بل الحياة كلها اختبارات.
دوما تثبت الأيام أن من يرفع رأسه في عز الأزمات والمحن، لا تستطيع الرياح العاتية مطاولة هامته