بين المزاويم:
استيقظ مزوام قبل طلوع الفجر كعادته راضيا بما قسمه الله له في هذه الدنيا ..
وبينما هو ينفض عن نفسه غبار النوم التفت إلى مكان صاحبه قرموش ليفاجأ به خاليا .. تضاربت في عقله الأفكار والوساوس ... حيرة:
أين يمكن أن يكون قد ذهب؟ فليس من عادته الاستيقاظ في مثل هذه الساعة المبكرة دون أن يوقظه أحد فهو كسول ...!!!![]()
ولم تعهد عليه نظافة زائدة عن إخوانه القراميش في مرقده ...![]()
وبينما هو يفكر إذا بطرق شديد على باب الغرفة ( المزوام ) كاد أن ينخلع معه الباب ... وفي سرعة لم يتمكن معها مزوام من الاستجواب عن الطارق إذا بركلة قوية من الخارج فتحت الباب على مصراعيه .....![]()
مزوام ) مفزوعا ) من من أأأنتم ؟![]()
الرجل : لا تتحرك من مكانك وادر وجهك ناحية المزوام ... نحن لدينا أوامر من جهات عليا بتفتيش المزاويم . تهديد:
كان هذا ضابط من زوار الليل ... ومعه فرقه مكونة من 5 جنود وامرأتان ..
دخلوا المزاويم وجعلوا يفتشون محتوياتها بكل فوضوية ..
مزوام : أرجوكم ... أر أرجوك يا حضرة الضابط اش اللي صاير ... وفين صديقي قرموش ؟؟
الضابط : ( يضحك متهكما ) هه ضاحك: فين صديقي قرموش ؟؟؟ ههه .. تبغى تفهمني انك ما تعرف مكانه هاه !!! هين هين يا الضبان ...![]()
مزوام : أي ضبان وأي جرابيع يا حضرة الضابط بالله علمني اش الموضوع ... حيرة:
يركله الضابط بقوة في مؤخرته إشارة له بالسكوت وعدم إكثار الأسئلة .![]()
بدأت أطراف مزوام ترتجف .. وأسنانه يصطك أعلاها بأسفلها ...![]()
بحث الجنود في كل زوايا العشه فلم يجدوا شيئا سوى خرقة صغيرة مسوده ومتهالكة كان يتسلى عليها قرموش وقت فراغه بتنظيف القدور ..
التقط الضابط تلك الخرقة بملقاط بحرص ووضعها في كيس أسود معقم وسلمها للجندي الذي وجدها ... ثم أعطى أوامره باقتياد مزوام المسكين واصطحابه للقسم ...
وبالفعل تم وضع القيود في يديه وقدميه وأيضا تم لف عصابة سوداء على عينيه واركب سيارة الشرطة وانطلقت بكل سرعتها إلى القسم المزعوم ...![]()
( 2 )
هذا اليوم الخامس له منذ وضع في زنزانته الانفرادية ...
فجأة فتح باب الزنزانة .. دخل اثنين من الجنود
أحدهم : قم يا !!! .. المحقق في انتظارك
مزوام : أرجوك احترم نفسك ولا تقل علي !!! ..
لم يتركا له فرصة حتى ليبرر اعتراضه .. وضعا القيد في يديه .. لفا العصابة السوداء على عينيه .. اقتاداه الى مكتب المحقق ... وفي طريقه الى المكتب يسمع اصواتا متداخلة وصياحا وتهديدا ... وهو لا يزيد على قول : الله يستر ..
بعد عشر دقائق من المشي عبر الممرات ..
حضرة الضابط هاهو المتهم بين يديك ...
الضابط : حسناً ... أزيلا العصابة عن عينيه واخرجا وأغلقا الباب
فتح مزوام عينيه ليرى أمامه الضابط مستلقيا على كرسيه الدوار الوثير وقد مد رجليه على سطح مكتبه وفي يده اليسرى سيجارة واليمنى قلما ينقر به على سطح المكتب .....
مزوام : السسسسسلام علييييكم حضرة الضابط .
الضابط : لايرد .. ويكتفي بنفخ دخان السيجارة من فمه وانفه ببطء ...
مزوام : ممكن اعرف اش جابني هنا ياحضرة الضابط ... يعني ممكن اعرف جريمتي ؟؟
الضابط : لا يرد ..
مزوام : طيب ممكن تسمح لي اتصل على جدتي العجوز رديمه في المزاويم علشان اقول لها اني هنا ... أقلها ما تقلق عليه ...
الضابط ) : ببرود ) ممكن تنطم ..![]()
مزوام : والله ياحضرة الضابط .. أنا من خمسة أيام ماذقت لقمه .. اكلكم هنا مايناسبني ...
الضابط : هه تبغى تتصل بجدتك علشان تجيب لك محامي هاه ... هذا بعدك ..
مزوام : محامي ؟؟؟ .. ليش يا حضرة الضابط .. عسى خير ... هي قضيتي تحتاج محامي .؟؟ حيرة:
الضابط : أجلس ( بصوت مرتفع )![]()
الضابط : اش تعرف عن قرموش..
مزوام : قرموش من اعز أصدقائي علاقتي معاه من حنا صغار ياطويل العمر ..
ابتسامة:
الضابط : أممممم جميل ( يعدل جلسته ) بداية موفقه .
الضابط : ممكن تقول لي الدوافع اللي دفعته لمغادرة البلاد .
مزوام : مغادرة البلاد ؟ هوه قال انه يشى يصيف.!! بالله عليك فهمني اش القصة !!!![]()
الضابط : اللهم طولك يا روح ... ماشي نفهمك القصة يا سيدي ...قرموش غادر البلاد إلى دولة أجنبية وهناك طلب اللجوء السياسي وأعلن تمرده على أنظمة البلاد غضب:
مزوام : صحيح ..سواها .. أما طلع مجنون بجد ... وبعدين ...![]()
الضابط : ولا قبلين ... انته هنه متهم بالتعاون مع قرموش على الهروب .. وتحرياتنا اثبتت ضلوعكم في شبكة تحمل أفكار معارضة لأنظمة البلاد ...![]()
مزوام : ياحضرة الضابط .. بالله من جدك .. أي شبكة وأي خرابيط اللي تقول عليها ... والله اول مرة أسمع بالكلام هذا ... الله يخرب بيتك ياقرموش كل هذا يجي منك ... حضرة الضابط القصة ومافيها ان قرموش كان ناقمعلى جداه العجوز رديمه صاحبة المزاويم لانها كان تهد حيلنا بالشغل ... ومو راضيه تخليه يطلع يصيف ..
الضابط : ( مقاطعا وبصوت مرتفع بس ... كلامك لايكثر قال يصيف غضب: .. بعدين اش قصة الخرقة الحمراء اللي وجددت في عشتكم؟؟
مزوام : ابدا ياطويل العمر مجرد خرقة كان قرموش يحب ينظفبها القدور وقت فراغه ... عادة معاه من يوم هو صغير ..
الضابط : رجعنا نلف وندور ؟؟ تحرايتنا تقول ان الخرقة هذي كانت رمز لانظمة البلاد وحكامها ... وانكما كنتما تتناوبان على حرقها علامة على إنكم مقهورين منها وتتمنون انكم تحرقوها مثل هذه الخرقة ... صح والا لا ؟
مزوام : والله بديت أشك فيك ياطويل العمر ..![]()
وبعد اخذ وعطا وسؤال وجواب ..
الضابط : على العموم المصلحة تقتضي حبسك الى ان تثبت تهمتك لتتم محاكمتك وفق الشريعة الاسلامية ...![]()
مزوام : حتى تثبت تهمتي والا براءتي ( ياحبكم للشر ) طيب خلني اكلم جداه رديمه الله يرحم والديك ... أحافظ على وظيفتي على اقل تقدير ... زي منت عارف وضع الوظايف في البلد ... لو اقعد عمري كله أدور ما ألاقي إلا الفلس
الضابط : قلت لك انطم .. غضب:
مزوام : آه ياجداه لو ترني .. يبكي:
يأمر الضابط الجنود بأخذه إلى السجن المركزي إلى إشعار آخر ...
وفي المزاويم ... كان قد أعيا التعب جدتنا رديمه من جراء البحث عن مزوام وقرموش.. وهالها مار أته من فوضى في العشه ... ولم تترك مكانا الا وبحثة عنهما فيه وبعد شهر من البحث والسؤال المستمرين قررت أن تبلغ عنهما...
وبعد عشر سنين ... ثبت لدى السلطات المختصة براءة المتهم مما نسب اليه .. وتبين لها وبعد التحري الدقيق أنه مجرد بري لا أقل ولا أكثر ... وقررت إطلاق سراحه ... وفعلا تم ذلك .
ذهب مزوام المسكين وقد ظهر عليه الهزال والتعب والكبر قاصداً عشة صاحبه .. ولكنه تفاجأ بأن العشة ليست مكانها وقد بني مكانها عمارة سكنية كبيرة ... وعندما سأل من كان حولها علم أن جدته رديمه قد ماتت قبل 6 سنوات ...![]()
هام مزوام على وجهه في الأرض يبحث عمن يلم شمله فقد أصبح لاشغل له ولا مشغله ... علاوة على كبر سنه ورقة عظمه التي تمنعه من البحث عن لقمة عيش .. وبعد تفكير عميق قرر أن ينتحر وفعلا صعد على العمارة التي في موقع المزرعة وألقى بنفسه منها ليموت بنفس الطريقة التي مات بها صديقه قرموش بعد ان علم بقصة اخيه مزوام ...![]()
![]()
م
ن
ق
و
ل
حمـــــــــــــادي