عندما بدأتُ أخطو أولى خطواتي نحوك
طغت عليها ملامح الخوف والارتباك والتعثّر والخجل
كطفلٍ بدأ للتوّ يتعلم كيف يمشي بعد ما فتئ أن يتكئ ليقف ،
ويملأ الكون ضحكات متتالية ،
وشهقات متسارعة أنّه وقفَ أخيرًا
ليمد يده ويُؤخذ بها !!
لم أكن أعلم أن هذه الخطوات هي إقدامي الأحمق، وخبرتي المُنهكة، وضعفي لامحالة
على مواجهة طوفان لن يهدأ إلا بعد مواجهات وصولات وجولات واحتراقات وتهدّمات
وصبرًا يلتهم منّي كل شيء ،
ولن يركد إلا بعد جراحات وانحدارات وانهيارات
وسقوطًا يجتث مني الأغلى، ويعذب ماتبقّى، ويجرف حياة !!
كنت أجهل ماسيفعله بي الإصرار والعزيمة والتحدّي ونسيت
أنني من ضلعك الأعوج !!
نسيت..!
وظننتك
الفجر الذي سيبزغ ويعلن حربه على كآبة الليال
وأنّك القوة والشموخ والبطولات والحضارات والمعارك والانتصارات
والرجل الذي سيغير تاريخي ويصنع لي رزنامة كاملة هي ميلاد امرأة
مخلوقة لتحبّك، وتعيش على تلبية اشتياقاتها الصّعبة واللامنتهية ؛
لذا مشيت مختالة الخطى،
حملتك بصدري شمسًا تمنحني الدفء في شتائي القارس
وقمرًا يضيء الدروب المعتمة
ورضًا يبدّل أحوال الحزن بهجة ،
وعطفًا يملأ النفس راحة
ونهرًا لايهدر إلا عذوبة
وجبلاً لايهزّه عاصف
وربيعًا لا يتغيّر
وإحساسًا أثمّنه
وعمرًا أشتهيه
وميثاقًا سأعقده
وحلمًا سيتحقّق ،
وموسمًا لا يتكرّر إلا مرّتين
كالعيد وهو يزجي بلحاف السعادة
على كل الخريطة الإسلامية ويلوّنها لتفرح كما لم تفرح من قبل ،
ولم أنتبه أن بالخريطة، احتلال أرض، واغتصاب عِرض، وأطفال يُتّم،
وإناث ثكالى، وقلوب مغدورة لم تستطع أن تسترد لهم ما فُقِد !!
خبأتُك بحقيبة الروح مصلاً للوجع، وطوق نجاة للغرق
حفظتُك بجيوب ضلوعي كحِرْزٍ يشبه الدعاء الذي يحميني من نقمات القدر
وأخفيتُك خلف شبكة شراييني لتتضخم أوردة القلب بك، فيفضحني حبك
مثل جدّتي حين كنت أراها وهي تخفي بضع ريالات خلف ثوبها العتيق
فأرى صدرها منتفخًا بها،!!
واقترفتُ مع ذلك ذنوب التضحية،
وارتكبتُ جرائم الإسراف وعشقتك أكثر منّي
لأنال منك جزاء سنمّار !!
فأعتكف مُحتاجة بمحراب الاستغفار
وحيدة، أبتهل ابتهال المضطرّين
علّ الرحمات تُمطر عليّ كطوفانك !
كنتُ لا أفكّر في المآل الذي سينتهي بي
إلى قلبٍ معتلّ، ودم متفحّم، وجسد تكوّم كرماد تذروه الريح ،
حيث لا أعلم ،
ربما للنهاية !!
وربما لأرض خِصبة ينولِد فيها من جديد، وينمو
ويبدأ يتعلّم كيف يخطو خطواته الأولى
نحو آخر لا يشبهكـ !!
لهفة