
بَكَتِ الْعُرُوْبَـةُ، وَانْتَشَـى الأَوْغَـاْدُ
وَاسْتَهْتَـرَ الأَنْـذَاْلُ يَــاْ بَـغْـدَاْدُ
..
وَتَهَاْفَـتَ الْعُمَـلاْءُ فِـيْ عُدْوَاْنِهِـمْ
وَأَتَاْكِ مِـنْ أَرْضِ السَّـوَاْدِ سَـوَاْدُ
..
نَفْثَ الأَفَاْعِـيْ يَنْفُثُـوْنَ، وَحِقْدُهُـمْ
سُــمٌّ زُعَـــاْفٌ قَـاْتِــلٌ وَآدُ
..
سُوْدُ الْعَمَاْئِـمِ وَالنَّوَاْيَـاْ وَالْهَـوَىْ
خَسِئُـوْا ، وَنَاْفَـقَ لِصُّهُـمْ نَجَّـاْدُ
..
زَحَفُوْا عَلَيْكِ بِقَضِّهِـمْ وَقَضِيْضِهِـمْ
فَكَـأَنَّ زَحْـفَ الْخَاْسِئِيْـنَ جَـرَاْدُ
..
وَتَتَاْبَعَ التَّحْرِيْـضُ مِـنْ حَوْزَاْتِهِـمْ
وَتَـكَـرَّرَ الإِصْــدَاْرُ وَالإِيْــرَاْدُ
..
وَتَخَـاْذَلَ الْجِـيْـرَاْنُ دُوْنَ مُـبَـرِّرٍ
وَتَـآمَـرَ الأَعْــرَاْبُ وَالأَكْــرَاْدُ
..
وَأَتَتْكِ مِـنْ خَلْـفِ الْبِحَـاْرِ فَيَاْلِـقٌ
وَتَـأَخَّـرَ الأَنْـصَـاْرُ وَالـــذُّوَّاْدُ
..
فَوَقَعْتِ فِيْ شَرَكِ الْعَدُوِّ، وَمَـاْ أَتَـىْ
مِنْ أَرْضِ يَعْـرُبَ لِلْوَغَـىْ إِمْـدَاْدُ
..
خَنَسَ الْفَرِيْقُ ، وَمَاْ تَمَـرَّدَ ضَاْبِـطٌ
أَبَداً، وَلاْ رَفَـضَ الْخُضُـوْعَ عِمَـاْدُ
..
بَعَثَـاْ جُنُـوْدَ الشَّـاْمِ تَحْـتَ قِيَـاْدَةٍ
مَلْعُـوْنَـةٍ، أَهْدَاْفُـهَـاْ الإِفْـسَـاْدُ
...
وَالْمَاْقِطُـوْنَ اللاَّقِطُـوْنَ تَـآمَـرُوْا
وَتَبَجَّـحَ الْجَـاْسُـوْسُ وَالْكَـيَّـاْدُ
..
وَتَكَحَّلُـوْا كَـيْ يُعْجِبُـوْا أَعْدَاْءَهُـمْ
حَتَّـىْ يَـدُوْمَ مَــعَ الْـعَـدُوِّ وِدَاْدُ
..
وَيُزَغْرِدَ الْعُمَـلاْءُ فِـيْ أَحْضَاْنِهِـمْ
وَيُـغَـرِّدَ الْمُنْـقَـاْدُ وَالْمُـقْـتَـاْدُ
..
وَتَهَاْفَتُوْا مِثْلَ الذُّبَـاْبِ عَلَـى الْخَنَـاْ
وَتَفَـاْقَـمَ التَّدْنِـيْـسُ وَالإِلْـحَـاْدُ
..
عُهْـرٌ، وَكَيْـدٌ، وَافْتِئَـاْتُ أَذِلَّــةٍ
يُخْـزِيْ، وَجَيْـشٌ خَاْئِـنٌ عِصْـوَاْدُ
..
يَعْدُوْ عَلَىْ أَهْـلِ الْعِـرَاْقِ سَفَاْهَـةً
وَيُطِيْـعُـهُ النَّـبَّـاْشُ وَالْـــوَآّدُ
..
وَيْلاْهُ، قَـدْ صَـاْرَ الْعِـرَاْقُ أَسِـرَّةً
وَالشَّـاْمُ فِيْهَـاْ لِلْـعَـدُوِّ مِـهَـاْدُ
..
وَكَـأَنَّ دِجْلَـةَ وَالْفُـرَاْتَ مَسَاْبِـحٌ
وَكَـأَنَّ إِيْـرَاْنَ اللِّـئَـاْمِ وِسَــاْدُ
..
وَالْمُسْلِمُوْنَ تَقَاْعَسُـوْا، وَتَخَاْذَلُـوْا
وَتَزَلْـزَلَـتْ بِبِـلاْدِهِـمْ أَطْــوَاْدُ
..
فَالْبَعْـضُ سَاْهَـمَ بِالرِّجَـاْلِ تَقِيَّـةً
وَيَقُـوْلُ إِنِّـيْ مُنْـصِـفٌ حَـيَّـاْدُ
..
وَالْبَعْضُ ضَحَّـىْ بِالنِّسَـاْءِ وَمَاْلِـهِ
فَتَكَـاْثَـرَ التَّدْلِـيْـسُ وَالإِجْـحَـاْدُ
..
خَضَعَتْ قِيَاْدَاْتُ النِّفَـاْقِ، فَمَـاْ وَرَتْ
ضِـدَّ الطُّغَـاْةِ الْمُجْرِمِيْـنَ؛ زِنَـاْدُ
..
نَاْمَتْ عَلَىْ سُـرُرِ الْخُنُـوْعِ ذَلِيْلَـةً
فَالنِّفْـطُ يُنْهَـبُ، وَالْعِـرَاْقُ يُـبَـاْدُ
..
أَيْنَ الْعُرُوْبَةُ؟ أَيْـنَ عَاْمِـرُ يَنْتَخِـيْ
وَابْـنُ الْوَلِيْـدِ الْخَاْلِـدُ الصَّـيَّـاْدُ
..
أَيْنَ الْعُرُوْبَـةُ وَالْوَلِيْـدُ يَسُوْسُهَـاْ
بِجَسَـاْرَةِ الْحَجَّـاْجِ ، أَيْـنَ زِيَـاْدُ
..
بَلْ أَيْنَ عَمْروٌ ، وَالْمُثَنَّىْ ؟، يَاْ أَخِيْ!!
وَالْحُـرُّ وَالْقَعْـقَـاْعُ وَالْمِـقْـدَاْدُ ؟
..
قَاْدُوْا جُمُوْعَ الْجُنْـدِ فِـيْ غَدَوَاْتِهِـمْ
وَرَوَاْحِهِـمْ، فَاسْتَبْشَـرَتْ أَجْـنَـاْدُ
..
وَاسْتَسْلَمَ الْفُرْسُ الْمَجُوْسُ، وَطَأْطَؤُوْا
كَالـرُّوْمِ حِيْـنَ تَأَخَّـرَّ الإِرْفَــاْدُ
..
دَاْرَ الزَّمَـاْنُ، وَأَسْقَطَـتْ دَوْرَاْتُـهُ
أَمْجَـاْدَنَـاْ، وَتَـبَـدَّلَ الْمِـيْـعَـاْدُ
..
مَاْ عُـدْتُ أَسْمَـعُ أَوْ أَََرَىْ أَبْطَاْلَنَـاْ
يَـاْ وَيْلَنَـاْ!! قَـدْ خَاْنَنَـا الْـقَـرَّاْدُ
..
وَتَسَلْطَـنَ الْخَمَّـاْرُ وَالزَّمَّـاْرُ، وَال
طَّـبَّـاْلُ وَالـزَّبَّــاْلُ وَالْـحَــدَّاْدُ
..
أَيْنَ الْحُشُوْدُ الزَّاْحِفَاْتُ إِلَـى الْعُـلاْ
فَـوْقَ الْخُيُـوْلِ، يَقُوْدُهُـنَّ مُـرَاْدُ
..
تَزْهُوْ بِهَاْ يَـوْمَ الطِّعَـاْنِ رِمَاْحُهَـاْ
وَسُيُوْفُهَـاْ وَالْخَـيْـلُ وَالأَنْـجَـاْدُ
..
تَزْهُـوْ وَيَغْبِطُهَـا الأَحِبَّـةُ كُلَّـمَـاْ
نَهَضَتْ، وَرَاْحَـتْ تَنْحَنِـي الأَجْيَـاْدُ
..
نَهَضَتْ لِدَحْرِ الْفُرْسِ بَعْـدَ عُتُوِّهِـمْ
فَالسَّيْـفُ يَكْتُـبُ، وَالدِّمَـاْءُ مِـدَاْدُ
..
قَطَفَـتْ رُؤُوْسـاً أَيْنَعَـتْ فَقِطَاْفُهَـاْ
فَـرْضٌ، وَصَـدُّ الْمُعْتَدِيْـنَ جِهَـاْدُ
..
وَطَـوَى الزَّمَـاْنُ بَيَاْرِقـاً وَبَيَاْدِقـاً
فَلِكُلِّ بَحْـرٍ - يَـاْ عِـرَاْقُ - نَفَـاْدُ
..
ذَهَبَ الصَّبَاْحُ، وَجَـاْءَ لَيْـلٌ مُظْلِـمٌ
فَكَـأَنَّ نَغْـلَ الْعَلْقَـمِـيِّ جَــوَاْدُ
..
وَكَـأَنَّ بَغْـدَاْدَ الْعُرُوْبَـةِ أَصْبَحَـتْ
" قُماًّ " بِهَاْ بَعْـدَ الصَّـلاْحِ فَسَـاْدُ
..
" خُماًّ " بِهِ كُلُّ اللُّصُوْصِ، وَكُلُّ مَـنْ
يَهْـوَىْ هَـوَاْهُ الْقَـاْئِـدُ الْـقَـوَّاْدُ
..
نَهَبُـوْكِ يَـاْ زَوْرَاْءُ ، وَامْتَـدَّ الأَذَىْ
فَتَـطَـاْوَلَ الطَّـبَّـاْلُ وَالْـعَــوَّاْدُ
..
وَالْكَاْوِلِـيَّـةُ حَاْكَـمُـوْكِ لأَنَّـهُـمْ
خَاْنُوْا، وَضَـاْعَ الرُّشْـدُ وَالإِرْشَـاْدُ
..
سَرَقُـوْا تُرَاْثَـكِ عَنْـوَةً وَوَقَاْحَـةً
وَسَفَـاْهَـةً، فَتَفَـطَّـرَتْ أَكْـبَـاْدُ
..
وَتَرَاْطَنَ الْفُرْسُ الْمَجُوْسُ، وَزَمْزَمُوْا
وَتَعَجْرَفُـوْا ، فَتَـجَـدَّدَتْ أَحْـقَـاْدُ
..
فَكَـأَنَّ كِسْـرَىْ مَـاْ تَكَسَّـرَ إِنَّمَـاْ
خَضَعَـتْ لِجَـذْوَةِ نَـاْرِهِ الأَمْجَـاْدُ
..
وَكَـأَنَّ قَيْصَـرَ لَـمْ يُقصِّـرْ إِنَّمَـاْ
بِبَـلاْطِـهِ يَـتَـجَـدَّدُ الْـمِـيْـلاْدُ
..
عَاْدَتْ إِلَىْ أَرْضِ الْمَدَاْئِـنِ فَـاْرِسٌ
وَبِكَرْبَـلاْءَ تَمَتَّعُـوْا، بَـلْ كَــادُوْا
..
أَنْ يُخْضِعُوا الأَنْبَـاْرَ لَـوْلاْ عُصْبَـةٌ
عَرَبِـيَّـةٌ أَبْـنَـاْؤُهَـاْ آسَـــاْدُ
..
لَمْ تَخْشَ عُدْوَاْنَ الْبُغَـاْةِ وَلَـمْ تَنَـمْ
لَمَّـاْ بَغَـى الْجَاْسُـوْسُ وَالْجَـلاّدُ
..
وَاسْتَأْسَدَ الأَبْطَاْلُ فِيْ سَاْحِ الْوَغَـىْ
وَتَـعَـاْضَـدَ الآبَــــاْءُ وَالأَوْلاْدُ
..
وَالأُمَّهَـاْتُ تَعَاْضَـدَتْ وَتَعَـاْوَنَـتْ
جَدَّاْتُـهُـنَّ، وَأَبْــدَعَ الأَجْـــدَاْدُ
..
فَكَأَنَّ فِي الأَنْبَـاْرِ عُـرْسُ عُرُوْبَـةٍ
عَرَبِيَّـةٍ فِيْهَـا الْعَرِيْـسُ الـضَّـاْدُ
..
وَالرُّوْمُ وَالْفُرْسُ الْمَجُوْسُ تَعَاْهَـدُوْا
وَتَكَـاْثَـرَ الإِبْــرَاْقُ وَالإِرْعَــاْدُ
..
شَنُّوْا عَلَىْ عَرَبِ الْعِرَاْقِ هُجُوْمَهُـمْ
وَتَآمَـرَتْ بِحُرُوْبِـهَـا الأَضْــدَاْدُ
..
لَكِـنَّ تَكْرِيْـتَ الأَبِـيَّـةَ حَطَّـمَـتْ
جَهْـراً أُلُـوْفَ عَدُوِّهَـا الآحَــاْدُ
آحَاْدُ تَكْرِيْتَ الْعُرُوْبَةِِ فِـي الْوَغَـىْ
أَلْـفٌ بِـهَـاْ تَتَكَـاْثَـرُ الأَعْــدَاْدُ
..
فَلِكُـلِّ شَهْـمٍ مِـنْ بَنِيْهَـاْ صَوْلَـةٌ
لِمَدِيْحِـهَـاْ يَتَـجَـدَّدُ الإِنْـشَــاْدُ
..
وَالْمُنْشِـدُوْنَ تَرَنَّمُـوْا بِنَشِيْـدِهِـمْ
صُبْحًا مَسَاْءً، كَـرَّرُوْا، وَأَعَـاْدُوْا:
..
فَلُّوْجَـةُ الأَحْـرَاْرِ مَوْئِـلُ عِــزَّةٍ
مَهْمَـاْ طَغَـى الأَوْبَـاْشُ لاْ تَنْقَـاْدُ
..
فِيْهَاْ لأَصْحَـاْبِ الشَّهَاْمَـةِ مَوْطِـنٌ
وَشِعَاْرُهَـاْ: سَتُحـطَّـمُ الأَصْـفَـاْدُ
..
فَلَجَـتْ عُلُـوْجَ الطَّاْمِعِيْـنَ بِفَاْلِـجٍ
أَفْنَـى الْعُلُـوْجَ، فَوَلْـوَلَ الأَوْغَـاْدُ
..
وَالسَّاْقِطُـوْنَ الْمُفْرَطُـوْنَ تَشَتَّتُـوْا
وَالْحَـرْبُ تَطْحَـنُ، وَالْعَـدُوُّ يُبَـاْدُ
..
وَالْخَاْئِنُـوْنَ تَقِـيَّـةً ، أَوْ جَـهْـرَةً
فِي الرَّاْفِدَيْنِ تَمَجَّسُـوْا ، أَوْ هَـاْدُوْا
..
وَأَبُـوْ حَنِيْفَـةَ صَاْمِـدٌ مُسْتَبْـسِـلٌ
فِـي الأَعْظَمِيَّـةِ كَوْكَـبٌ وَقَّــاْدُ
..
يُعْطِي الأَوَاْمِـرَ بِالْجِهَـاْدِ، وَحَوْلَـهُ
يَسْتَبْـسِـلُ الْعُـقَـدَاْءُ وَالــرُّوَّاْدُ
..
عَقَدُوْا عَلَىْ حَوْضِ الشَّهَاْدَةِ حَلْقَـةً
يَـوْمَ الشهـادة، إنَّـهـم شُـهّـاد
..
وَشَهَـاْدَةُ الأَحْـرَاْرِ خَيْـرُ شَهَـاْدَةٍ
شَهِـدَتْ لَهَـا الأَوْطَـاْنُ وَالأَجْـوَاْدُ
..
يَعْلُوْ عَلَىْ ثَغْـرِ الزَّمَـاْنِ نَشِيْدُهَـاْ
فِي الْخَاْفِقَيْنِ مَـدَى الزَّمَـاْنِِ يُعَـاْدُ
..
وَشَدَتْ بِهِ الأَطْيَاْرُ فَـوْقَ غُصُوْنِهَـاْ
فَاهْتَـزَّ غُصْـنٌ مُثْـمِـرٌ مَـيَّـاْدُ
..
وَشَدَتْ بِأَطْرَاْفِ الرَّمَـاْدِيْ عُصْبَـةٌ
عَرَبِـيَّـةٌ فَتَـرَاْجَـعَ الأَنْـكَــاْدُ
..
هَجَمَتْ فَوَلاْهَـا الْجُنَـاْةُ ظُهُوْرَهُـمْ
فَلِجَيْشِهِـمْ بَعْـدَ النَّفَـاْقِ كَـسَـاْدُ
..
فَجُيُوْشُهُـمْ صَرْعَـىْ عَلَيْهَـاْ ذِلَّـةٌ
وَحَدِيْدُهُـمْ فِـي الرَّاْفِدَيْـنِ رَمَـاْدُ
..
غَرِقُوْا بِأَوْحَـاْلِ الْعِـرَاْقِ، وَأَكَّـدُوْا
أَنَّ الْحُـرُوْبَ لِضِـدِّهِـمْ أَعْـيَـاْدُ
..
وَتَأَكَّـدُوْا أَنَّ الْـعِـرَاْقَ مُجَـاْهِـدٌ
وَمُكَـاْفِـحٌ وَمُنَـاْضِـلٌ صَـــدَّاْدُ
..
صَدَّ الْغُـزَاْةَ، وَلَـمْ يَـزَلْ تَاْرِيْخُـهُ
عَلَمـاً، وَأَبْطَـاْلُ الْعِـرَاْقِ أَجَـاْدُوْا
..
نَهَضُوْا لِصَدِّ الطَّاْمِعِيْـنَ، وَكَـرَّرُوْا:
بِالرُّوْحِ نَفْدِي الدِّيْـنَ، يَـاْ بَغْـدَاْدُ!!
للدكتور محمود السيد الدغيم
* الصورة إلتقطت عام 1918 ساحة الميدان 