الجهل بطبيعة الحياة أحد المنغضات الأساسية للعيش ,
حيث أن كل واحد منا يرسم صورة للحياة والأحياء من أُفق فهمه ومعارفه وخبراته ,وهي دائما محدودة وجانبية وجزئية .
وهكذا .. فالأمين يظن أن كل الناس أمناء .
واللطيف يظن أن كل الناس لطفاء .
والكذاب يظن أن كل الناس كذابون .
الذين تعودوا رخاء العيش يصدمون إذا مرّت بهم أيام شدة وضنك .
والذين عايشوا الأزمات والشدائد القاسية يبطرون ويضجرون إذا داهمهم الرخاء واليسار .
الحقيقة أن في الحياة دائما مفاجآت وأموراً تصدم وتجرح ,وتخالف التوقعات .
في المجتمع تفاوت واختلاف في العقول والأمزجة والمصالح , وكل واحد من الناس ينظر من زاوية معينة تهمه , أو هولا يستطيع أصلاً أن ينظر من غيرها .
كثيرون منا لا يستوعبون شيئاً من هذا لأنهم حالمون مثاليّون رموا صورة للكون ظنّوها هي الصورة الوحيدة الصادقة , وكل ما يخرج عن تلك الصورة هو بالنسبة إليهم شيء غير معقول ولا مقبول , ولهذا فإنهم باستمرار في حالة شكوى وعتب على الآخرين ولوم لهم .
إنهم يتجرعون الكثير من الغصص والآلام بسبب جهلهم بالطبيعة التي منحها الله جل وعلا لهذه الحياة .
إذا علمنا أن الدنيا دار ابتلاء فينبغي ان نتوقع الابتلاء في كل نواحيها وكل مراحلها , ابتلاء بما نعرف وبما نجهل , بما ننكر وبما نقر , بما يسوء وبما يسر .
قالو الحياة قشور قلنا فأين الصميم
قالوا شقاء فقلنا نعم فأين النعيم
إن الحياة حياة ففارقوا أو أقيموا
النابهون فينا يقضون الشطر الاول من اعمارهم قبل أن يعرفوا طبيعة الحياة .
أما الآخرون فيخرجون من الحياة الدنيا إلى عالم الآخرة قبل أن يتعرفوا عليها .
وهذا من أسباب الشقاء ومن جملة النقص المستولي على عموم البشر .
بقلم : أ.د عبد الكريم بكار